وجهت الممثلة العالمية أنجلينا جولي نداء لقادة دول العالم وللشعب الأمريكي للتحرك ووقف المجازر التي يتعرض لها السوريين في إدلب وذلك في مقال نشرته بمجلة التايم الأمريكية، وفيما يلي نص المقال كاملاً.
زرت الحدود السورية مع الأردن بعد أشهر فقط من بدء النزاع السوري في 2011 حيث هربت العوائل السورية من القذائف التي يطلقها النظام تحت جنح الليل خوفاً من نيران القناصة.
قال لي أحد الأطباء المتواجدين في المركز الحدودي إن عائلة وصلت مؤخراً بصحبة ابنهم الجريح ذو 8 سنوات ومعهم ساقه التي بترت في غارة جوية. توسل الولد لإحضار ساقه معه، أملاً في إعادتها إلى جسده بطريقة أو أخرى.
كنت آمل حينها أن تدفع هذه القصص دول العالم المتقدمة والقوية للتحرك لوقف العنف. أما الآن، وبعد ما يقارب عقد من الزمن، يبدو أن النزاع السوري أصبح رمزاً لأجيال مدمرة من الأطفال، وللضرر الذي لا رجعة فيه للمجتمع العلماني متعدد الأعراق، ولسنوات من النداء الذي لم تستجب له الأمم المتحدة.
زرت المنطقة المحاذية لسوريا ما يقارب 10 مرات منذ بدء الصراع. كانت العوائل السورية متفائلة في البداية قالوا لي “من فضلك، أخبروا الناس ما يحدث لنا”. كانوا على ثقة بأن العالم سيأتي إلى انقاذهم إذا ما علم الحقيقة. ولكن الامل تلاشي في الغضب والصراع من أجل البقاء. غضب الاب الذي حمل طفله، وسألني “هل هذا إرهابي؟ هل ابني إرهابي؟”.
رأينا صوراً لا حصر لها لأطفال سوريين ماتوا خنقاً بالغاز، وشوهتهم الشظايا، وغرقوا على شواطئ أوروبا، أو يموتوا متجمدين من البرد في إدلب، كما يحصل الآن اثناء كتابتي هذا المقال. كل هذا، لم يكن كافياً لتجاوز حالة اللا مبالة الوحشية التي تعيشها القوى المتنافسة على مصالحها، والتي ساهمت في تدمير سوريا.
بعيداً عن الجروح السورية، كان رد فعل القوى الخارجية، إلحاق المزيد من الأذى في سوريا. يداهم ملطخة بالدماء. بينما ركزت الدول الأخرى على جهود مكافحة الإرهاب، والجهود الاغاثية، متناسين أن الحرب هي التي تتسبب بهذا النزيف الشديد.
تحظر القوانين قتل المدنيين، وقصف المستشفيات والمدارس، والاغتصاب الجماعي، وتحظر كذلك استخدام الهجمات الكيميائية، وهنالك مسؤولية الحماية في القانون الدولي، الموقع عليها من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لذلك من صلاحيات مجلس الامن التدخل لوقف الصراع، وذلك حسب ميثاق الأمم المتحدة نفسه. منذ 2014، لم تتمكن الأمم المتحدة من عد القتلى في سوريا حيث يقدر البعض أن الرقم تجاوز نصف مليون شخص.
يقول السياسيون عادة إننا أمام خيارين: العمل العسكري المفتوح، أو التدخلات الدبلوماسية. وذلك على نحو مشابه لما رأيناه في العراق وأفغانستان أو ترك الدول تدافع عن نفسها مع إرسال أي قدر من المساعدات الإنسانية التي يمكننا تقديمها، والوقوف عند هذا الحد. سوريا هي الدليل على عواقب غياب القيادة والدبلوماسية.
وعلينا أن نسأل أسئلة أساسية بالنسبة لنا كأميركيين منذ متى توقفنا في الدفاع عن المستضعفين، الأبرياء، أولئك الذين يناضلون من أجل حقوقهم الإنسانية؟ ما هو البلد الذي سنكون عليه إذا ما تخلينا عن هذا المبدأ؟ هنالك تركيز كبير في أمريكا اليوم للدفاع فقط عن أنفسنا. ولكن السلام، هو تقريبا، وعلى الدوام، تحقق بخوض الأصعب، وذلك من قبل أولئك الذين يفهمون الحرب حقاً.
يظهر التاريخ أننا ناضلنا من أجل تحرير أوروبا في الحرب العالمية الثانية. وساهمنا في بناء النظام العالمي لما بعد الحرب، فعلنا ذلك لمصالحنا الخاصة، وقطفنا ثمار الفوائد. عندما تعرضت أمريكا للهجوم في الحادي عشر من سبتمبر، شاركت العديد من الدول قضيتنا، وذلك لأننا تمكنا من كسب صداقتهم.
نشاهد نهاية لعبة الحرب الوحشية في سوريا وكأننا لا علاقة لنا بها، ولكن هذا غير صحيح. علينا استخدام قوتنا الدبلوماسية، والإصرار على وقف إطلاق النار والتوصل إلى سلام يأمن عودة آمنة للاجئين.
اترك تعليقاً