لم تكن موجة الحرّ، التي تعصف بكافة المناطق في الداخل السوري، من جنوب البلاد، إلى شمالها، وشرقها، ووسطها، هي الوحيدة التي تزيد من حجم المعاناة، على القاطنين في القطاع الشرقي من مخيم “الركبان”، الواقع على الحدود السورية الأردنية، بل مما زاد الطين بلّة، بحسب مصادر من داخل المخيم، هو تزامن تلك الظروف المناخية القاسية، مع انقطاع المياه، والذي مضى عليه أكثر من أسبوعين.
موجة الحرّ تودي بحياة طفلين في المخيم
وأفاد “أبو شام” مراسل وكالة الشرق السوري، بوفاة طفلين، داخل مخيم “الركبان”، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، مضيفاً في حديثه للمكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية، بأن موجة الحرّ التي ضربت المنطقة، أثرت بشكل كبير جداً على النازحين، كون الخيّام لا تقييهم حرّ الصيف، ولا برد الشتاء، وسط ظروف معيشية وطبية متردية.
فيما تحدث “خضير المحيا”، وهو عضو “مجلس عشائر مخيم الركبان” عن معاناة كبيرة يعيشها اللاجئون، بسبب موجة الحر، والتي تتزامن مع انقطاع المياه، حيث سجلت عدة حالات وفيات بين الأطفال، بسبب الأمراض، ومنها التهاب الأمعاء، والاسهال الشديد، وعدة حالات من ضربات الشمس، خصوصا للأطفال الذين يذهبون لإحضار المياه لعائلاتهم من نقطة التوزيع البعيدة، عن هذا الجزء من المخيم.
25 يوماً والمخيم من دون مياه
وفي هذا الصدد، قال “أبو شام”، مراسل وكالة “الشرق السوري”، من داخل مخيم الركبان، في حديثه للمكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية إن المياه مقطوعة عن القطاع الشرقي من مخيم الركبان، منذ أكثر من 25 يوم، في حين أنها تتوافر في القطاع الغربي منه، إلا أنه يبعد مسافة تقارب من 5 كم، حيث يتم ضخ المياه للقطاع الغربي، عن طريق الحكومة الأردنية، في حين لا يمكن ضخها للقطاع الشرقي، وذلك نتيجة تعطل خطوط المياه، وسط وعود من الجانب الأردني بإصلاح تلك الخطوط خلال الأسابيع القادمة، حسب ما صرحوا به.
وأشار إلى أن هذا الأمر، دفع بتجّار الأزمات لاستغلال حاجة النازحين، وخاصة بعض أصحاب سيارات نقل المياه، والتي باتت تطالب النازحين، بمبالغ مالية مرتفعة، مقابل نقل الماء إليهم من القطاع الغربي.
ووافقه الرأي، “خضير المحيا”، والذي أضاف قائلاً، إن النازح يضطر للذهاب منذ الصباح الباكر، من أجل أن ينتظر قدوم المياه من الأردن، حيث يقف لأكثر من 8 ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، وقد يطول الانتظار أكثر من أجل الحصول على خزان مياه ونقله للمخيم وسط استغلال ضعاف النفوس لحاجة العوائل المحتاجة للمياه وأخذ أجور مرتفعة لنقلها إلى المخيم، أضف إلى ذلك أن هناك صهاريج مياه تقوم ببيع المياه القادمة من الاردن بسعر (2000) ليرة للبرميل الواحد.
بدوره لفت “أبو شام”، إلى أن حاجة القطاع الشرقي لوحده من المياه، تصل إلى 850 متر مكعب، بينما كان يتم ضخ ما يقارب من 600 متر مكعب إليه، مؤكداً أن تلك الكميات، لا تكفي حاجة المدنيين داخل المخيم، والبالغ عددهم نحو 68500 نسمة، غالبيتهم نزحوا من مناطق الداخل السوري، هرباً من القصف والعمليات العسكرية.
وعود بإصلاح شبكات المياه
وبيّن “أبو شام”، بأنها ليست المرة الأولى التي تعصف بالمخيم، أزمة مياه خانقة، ففي السنة الماضية انقطعت المياه لمدة شهر ونصف، من دون معرفة الأسباب، وحتى الآن لا يوجد بوادر لإصلاح الشبكات، مشيراً إلى أنه تم مناشدة منظمة “اليونيسيف”، كونها المسؤولة الأولى، عن تقديم المياه للمخيم، واقتصر الأمر على مجرد وعود، علما أن خطوط المياه والشبكات المتضررة، بالإمكان إصلاحها خلال 24 ساعة، لكن ومع الأسف، فإنه “منذ 25 يوم، أخبرونا أنه سيتم إصلاح الخطوط خلال 3 أسابيع، لكن لم يتم ذلك الأمر” على حد قوله.
وحذّر المصدر ذاته، أنه في حال استمر انقطاع المياه، فإن ذلك، سيزيد من معاناة الأهالي، كونه لا يمكنهم شراء المياه، بسبب ضعف الإمكانيات، وقلة فرص العمل، مبيناَ أنه وبعد سنتين من اقامتهم في المخيمات، فإن 75% من أهالي المخيم، يعانون من ظروف مادية سيئة للغاية، إضافة لتوقف الإغاثة عن مخيم الركبان، وغياب أي دور للمنظمات الإغاثية عن دعم النازحين القاطنين بداخله، باستثناء منظمة “جسور الامل” وهي منظمة عاملة في المخيم منذ 7 أشهر، والتي قامت بمساعدة أهالي مخيم الركبان، حيث قدمت صهريج مياه سعته مئة وعشرة براميل لمرة واحدة، كما قام فصيل “جيش مغاوير الثورة” بتقديم الكمية ذاتها في فترات سابقة ولمرة واحدة فقط.
مياه “تجمع الأمطار” هي البديل
وفيما يتعلق بالوسائل التي يلجأ إليها النازحون في ظل استمرار انقطاع المياه عن أجزاء من المخيم، أوضح “أبو شام” أن الأهالي يلجؤون إلى نقل المياه من النقطة الغربية، واضطرارهم لقطع مسافات طويلة باتجاه النقطة الغربية والتي تبعد 5 كم عن المخيم أو اضطرارهم لشراء مياه ما يطلق عليها اسم “الخبرات” وهي تكون مالحة، كما أنها عبارة عن تجمع مياه الأمطار، وهي مياه ملوثة وتؤدي لحالات تسمم وحالات إسهال والكثير من الأمراض.
بدوره، أشار “خضير المحيا”، وهو عضو “مجلس عشائر مخيم الركبان”، إلى أن مياه تجمع الأمطار، والتي يلجأ الأهالي لشرائها، بسعر 1500 ليرة للبرميل الواحد، لا تصلح إلا لسقاية الأغنام فقط، وليست صالحة للاستخدام البشري، كونها مياه ملوثة.
هاشتاغ للفت أنظار العالم
الجدير ذكره، وفي ظل تلك التطورات الإنسانية والمعيشية الصعبة، التي يمر بها النازحون في مخيم الركبان، طالب ناشطون من داخل المخيم بنشر هاشتاغ تحت عنوان “#الرقبان_سبعون_ألف_نازح_تحت_الشمس_بدون_ماء”، للفت أنظار العالم أجمع، وحثّ المنظمات الدولية، والأمم المتحدة، على التحرك وتقديم ما يلزم، للعوائل النازحة داخل المخيم.
المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية
اترك تعليقاً