Views: 242 “الجلو” حل لاقتتال العشائر بالجزيرة السورية – الرقة بوست-Raqqa Post

“الجلو” حل لاقتتال العشائر بالجزيرة السورية

في وقت سابق في مايو/ أيار الجاري، شهدت منطقة الحمرات التي تقع في ريف الرقة شرقي سورية، السبت الماضي، حرق أبناء من عشيرة “المدلج” أربعة منازل تعود إلى عائلة “الجلد” التي تنتمي إلى عشيرة “الجماسة”، في ردة فعل على اقتتال عشائري وقع مطلع إبريل/ نيسان الماضي، وخلّف 8 قتلى وعشرات الجرحى.

وأعقب حادث حرق المنازل احتكام الطرفين، بعد تدخل أعيان من عشائر الرقة، إلى عرف “الجلو” (ترحيل العشيرة) القبلي الذي يعتبرونه أولى خطوات الاحتكام إلى الشريعة العشائرية في الرقة.

وكانت مدينة الرقة أيضاً قد شهدت في منتصف إبريل/ نيسان الماضي، مقتل الشاب أيمن الحمود من عشيرة “الحليسات” على يد أحد أبناء عائلة “السرمودي” التي تنتمي إلى قبيلة “جيس”، بدعوى الأخذ بالثأر من نزاع سابق اندلع بين القبيلتين. وأعقب ذلك إحراق أبناء من عشيرة “الحليسات” منازل لأفراد عائلة “السرمودي”، ما حتم تطبيق عرف “الجلو” بينهم حقناً للدم.

ويجري اللجوء إلى عرف “الجلو” العشائري لدى اعتداء قبيلة أو عشيرة أو عائلة على أخرى، لا سيما بارتكاب القتل، فيحكم وجهاء عشائر محايدون بـ “جلو” المعتدي أو البادئ بالاعتداء، وإبعاد عائلته أو عشيرته، وربما إبعاد كل القبلية من مكان سكنها، رغم أن الجاني فرد واحد من القبيلة، وذلك لمحاولة تجنب تفاقم المشكلة، وحدوث عمليات انتقام وثأر، والإفساح في المجال أمام حل المشكلة مع مرور الأيام.

وتعرف القبيلة بأنها أكبر وحدة قرابة في المجتمعات العربية، وينتسب إليها عدد من العشائر المرتبطة بسلف واحد مشترك هو الجد الأعلى، علماً أن منطقة الجزيرة السورية تعرف بخصوصية وأعراف، خاصة على صعيد نمط المعيشة والأعراف ذات الطابع العشائري في كل ما يمس الحياة العامة للسكان.

ويقول الشيخ فارس حوران المهيد، أحد وجهاء قبيلة “الفدعان” بالرقة، لـ”العربي الجديد”: “الجلو صمام أمان المجتمع منذ نشوء المجتمعات القبلية، وقد يسقط عند أعراف البدو الدم بسبب ضغينة أهل المقتول، ما يعني أن جلاء عشيرة القاتل قد تكون فرصة لذويه للابتعاد عن مرأى ذوي المقتول، والدخول في قبائل أخرى، ما يمنح فرص للاحتكام للصلح”، علماً أن “الدخول” يعد لدى القبائل بين الأعراف العشائرية المعتمدة لحماية دخلاء من قبائل أو عشائر أخرى.

الصورة
نمط عيش عشائري في منطقة الجزيرة بسورية (عامر المهيباني/ فرانس برس)
نمط عيش عشائري في منطقة الجزيرة بسورية (عامر المهيباني/ فرانس برس)

ويشير الشيخ حوران، العضو في مكتب أعيان عشائر الرقة، إلى أن عرف “الجلو” له أساس في الدين الإسلامي، ويقول: “في الوقت الراهن كثرت الخلافات العشائرية، وعادت حوادث الأخذ بالثأر نتيجة انفلات السلاح، وتجدد ظهور العصبيات نتيجة الاحتقان، ووجود القاتل وذويه على مرأى من ذوي المقتول، لأنه لم يجر اللجوء إلى عرف الجلو لدى حصول المشكلة الأساسية”.

يتابع: “الأعراف الحقيقية ليست منسية في الوقت الراهن، ونحن ندعو كأعيان عشائر مجتمعنا وأبناء عشائرنا إلى العودة إلى الأخلاق الحميدة والتمسك بالرادع الديني والمانع الأخلاقي والوازع المأثور الذي يخضع للخصال العشائرية الحميدة”.

من جهته، يقول القاضي محمد الدعيل، عضو مجلس العدالة في محافظة الرقة، في حديثه لـ”العربي الجديد” إن “القانون السوري لا يتضمن أي شيء اسمه الجلو الذي يعتبر عرفاً وتشريعاً عشائرياً. وقد نصت بنود القانون السوري على معاقبة الجاني فقط من دون تحميل عائلته وعشيرته أي عقوبات تترتب على عاتقهم، بسبب ارتكاب أحد أفراد العشيرة جناية”.

 

يضيف: “لم يعتمد القانون السوري الأعراف العشائرية، ومنها الجلو، وهو يرفض بالتالي تجريم العائلة وذوي القاتل. وهذا القانون واضح وصارم على صعيد تحميل الجاني وحده مسؤولية ارتكاب جريمة القتل وعقوبتها. وبعد تنفيذه الحكم يجب أن يرحل القاتل من موقع الجريمة، خاصة إذا كان الطرف الآخر من ذوي المقتول من المدينة أو القرية أو المنطقة نفسها. ويُمنع عودة مرتكب الجريمة بعد خروجه من السجن إلى مكان الجريمة ذاته، وإذا خالف المادة يعاقب بالسجن مرة أخرى بموجب بند مخالفة أحكام تقضي برحيل القاتل، ضمن حكم تجريم القتل كشرط جزائي”.

ويؤكد الدعيل أن “جريمة القتل قضية فردية لا يتحمل آخرون مسؤوليتها، والجلو العشائري بنظر القانون ظاهرة غير مقبولة، لأنها تحمّل أشخاصاً أبرياء لا ذنب لهم ما فعله غيرهم. وهي تتسبب من وجهة نظري الشخصية في أحداث قتل أخرى ذات عصبية قبلية”.

ويفيد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 41 اقتتالاً اندلع منذ مطلع العام الحالي، نتيجة محاولات أخذ بالثأر، واشتباكات عائلية وعشائرية، وفوضى انتشار السلاح في شكل عشوائي بين المدنيين، ضمن مناطق الإدارة الذاتية شمال سورية وشرقها. وأسفرت هذه الحوادث عن مقتل 34 شخصاً، بينهم طفل وامرأتان، وجرح 56، بينهم 4 نساء وطفل.

 

أسامة الخلف – العربي الجديد


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »