كشف بول بريمر، الحاكم الأمريكي الذي عينته الولايات المتحدة، بعد غزو العراق، تفاصيل الليلة التي ألقي فيها القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وجانبا من فترة وجوده في السجن حتى إعدامه.
وقال بريمر في مقابلة مع قناة “أم بي سي”: “كنت في غرفة نومي بالمجمع السكني، حينها تلقيت اتصالا من نائبي أجبت عليه، وأخبرني مباشرة أنه يتوجب علي الذهاب إلى مكتبي كي أتلقى اتصالا هاتفياً مؤمّنا، ولم يخبرني من المتصل، فقد أخبرني بأن هذا الأمر لا يحتمل التأخير، لذلك عدت إلى مكتبي عند الساعة الثانية إلا الربع صباحا، وكان الجنرال أبو زيد قائد القوات المركزية على الهاتف، وأخبرني أنهم قبضوا على شخص يعتقد بأنه صدام حسين، وأنهم وجدوه في حفرة بالقرب من تكريت في مزرعة ما”.
وقال: “سألت الجنرال أبو زيد عن أفضل وأسرع طريقة للتعرف عليه، حيث كان صدام معروفا باستخدام أشباه له في الشكل لضرورات أمنية، فقال: سنحضره الآن على متن طائرة عمودية وسنقوم بعرضه على المعتقلين الآخرين الذين كان من بينهم طارق عزيز، لنرى هل سيتعرفون عليه أم لا، وأيضا لديهم الحمض النووي الخاص به الذي يتيح لهم معرفة هويته بشكل دقيق.. وبالفعل تم إحضاره بعد 4 ساعات، وتم التأكد من هويته بعد إجراء تحليل الحمض النووي”.
وأضاف: “اتصلت مباشرة بالدكتورة رايس، مستشارة الأمن القومي، وقلت لها: لقد ألقينا القبض على صدام حسين.. وقتها كان العسكريون يضعون خطتهم التي تقوم على وضع صدام حسين داخل سفينة في أسطول أمريكي يرسو على مياه الخليج، ولكن أخبرت الجنرال أبو زيد باستحالة ذلك، فصدام سجين عراقي لا نستطيع إخراجه من البلاد، فإذا فعلنا ذلك لن يصدق أحد أننا قبضنا عليه، وكان يجب إظهاره للعالم”.
ووصف بريمر إعدام صدام، بأنه جرى بطريقة شنيعة، وقال: “في العملية سمحوا بدخول الهواتف والكاميرات وهذا يعد انتهاكا لحقوق الإنسان، والتقاط قدر ما تشاء من الصور والفيديوهات”.
وبشأن عرض صور صدام بعد اعتقاله، بصورة مخالفة للقانون الدولي قال بريمر: “ناقشنا كيفية إقناع الشعب العراقي بأن الذي بين أيدينا هو صدام حسين، ولقد توصلنا إلى احتمالين.. أولا، يجب علينا إظهار صورة له، وذلك لم يكن كافيا.. يبقى الاحتمال الثاني، وهو أن يشهد سياسيون عراقيون أمام الشعب العراقي، بأنهم شاهدوا صدام تحت الأسر، وتحدثوا معه.. ما عملناه كان انتهاكا لاتفاقية جنيف.. قرارنا كان بكل بساطة هو لإقناع الشعب العراقي بأن صدام بحوزتنا، حتى لو اقتضى ذلك انتهاك اتفاقية جنيف”.
وتحدث الحاكم الأمريكي السابق للعراق، عن كيفية مقابلة صدام، وقال: “في البداية اتصلت بالسيد عدنان الباجه جي، رئيس الحكومة العراقية الانتقالية وسألته عن ما إن كان بوسعه جمع أكبر قدر من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي الراغبين في رؤية صدام الذي كان محتجزا حينها في مطار بغداد، وبالفعل فقد تم ذلك بسرعة واختار إحضار أربعة آخرين، وقد كنا حريصين على إعلان الخبر في اليوم ذاته.. توجهنا جميعا إلى المطار، وقام العريف الأمريكي بسؤالهم عن ما إن كانوا يرغبون في رؤية صدام عن بعد لتأكيد هويته، أم إنهم كانوا يرغبون في مقابلته شخصيا، وقد اختاروا مقابلته شخصيا”.
وأكمل بريمر: “بعد ذلك أذكر دخولنا في ممر طويل، مطلي بالأبيض والأخضر.. كان مكانا تعيسا ومظلما، وآخر الممر كانت هناك غرفة مضيئة، ربما كانت غرفة استحمام، وصلنا إليها، وفي الداخل وجدنا سريرا صغيرا يجلس عليه صدام حسين بلحية كثيفة وشعر كث، من الواضح أنه لم يحلق منذ عدة أشهر، مرتديا سترة أمريكية”.
وتابع: “خمسة من أعضاء مجلس الحكم، كانوا جالسين في الطرف المقابل لصدام، يخوضون معه حديثا، تستطيع تمييز الغضب فيه، وكان كل واحد منهم قد ذاق الويلات من نظام صدام حسين، حتى لو لم تفهمه، كان كل واحد من هؤلاء الخمسة يملك قريبا قتل أو عذب من قبل صدام حسين”.
وأضاف بريمر: “لم ينظر لي صدام مطلقا، كنت أقف بجوار الباب وهو على الجهة الأخرى، وبجواري الجنرال سانشيز ومترجم يخبرني بكل ما يجري بالمعركة الكلامية أمامي”.
وأردف: “لقد كان مشهدا ضوضائيا بامتياز، فكان الأعضاء غاضبين عليه، وهو غاضب عليهم أيضا، ولم يظهر مكسورا، على العكس، فقد أظهر شراسة واضحة عندما تجري مهاجمته من قبل أعضاء المجلس، وكان يرد عليهم بتفاصيل دقيقة عنهم، وكان يعتبرهم حفنة من الخونة، لم يقل ذلك صراحة، لكن نظراته تفصح بذلك”.
اترك تعليقاً