هيئة التحرير
تقول آخر أخبار الرقة نقلاً عن نشطاء ووكالات للأنباء: إن “قسد” تفرض حظراً للتجوال في المدينة، إثر إلقاء مسلحيَن مجهوليَن على متن دراجة نارية قنبلة يدوية على مجموعة من المدنيين وسط المدينة(شارع سيف الدولة)، ثم لاذوا بالفرار، وخلّف الهجوم عدداً من الجرحى.
في مثل هذا الوضع يبحث المرء عن المستفيد من العملية، وماذا يريد؟ وما الرسالة التي يود إيصالها؟ والإجابة لا تحتاج غير الإشارة إلى “قسد”؛ ولا يُستبعد شبيحة أو عناصر النظام الذين غزوا الرقة بأعداد كبيرة، ولكل منهما مبرّراته.
أما الأرجح في هذا التوقيت، فهو قسد، وليس في الأمر غير إثبات أنها تختلق الأسباب لتشديد القبضة الأمنية، بعد تزايد أعداد العائدين إلى الرقة من أهلها، و ظهور علامات الاستياء من تقصير إدارتها في تقديم الخدمات والاحتياجات الأساسية، وبروز الخلل في أداء أجهزتها، وقد تجلى في قمع احتجاجات الأهالي على سياسة التجنيد الإجباري لأبنائهم، وملاحقة المتظاهرين واعتقال عدد من المشاركين في المظاهرات، وهي أيضاً تبحث عن الذرائع لتقول: نحن قادرون على ضبط الوضع، وتُري أولياء نعمتها أنه لا يمكن الاستغناء عن خدماتها في تنفيذ سياستهم شرق وشمال سورية. وليس بعيداً أن يكون الهجوم “مفبركاً” على طريقة النظام، لإرهاب الناس وإبعادهم عن التفكير بالعودة، لأنهم من مدرسة الحزب الواحد والقائد الخالد، وإن تغيّرت الأسماء.
لكن ثمة دوافع أخرى مهمة حثّت قوة الاحتلال الجديدة “قسد”، للمسارعة في اتخاذ أقسى الإجراءات وأقصاها، ومنها: منع تبلور قوة نافذة مسلحة من أبناء المدينة، قادرة بحاضنتها الاجتماعية على قلب التوازنات، وخلق حقائق جديدة تقول: إن الرقة ترفض الخنوع لقهر “قسد”، ولا بدّ من تصحيح رؤية التحالف الدولي فيما يعدّ لمستقبل الرقة في غياب أهلها. وكذلك كسر موجة التفاؤل بالقدرة على الحركة ضد قوة الأمر الواقع، وعدم التسليم لها، ومواجهة طغيانها واستلابها وفواتها. وهذا يتمّ بالبعد عن الانفعال في تضخيم الأحداث، وعدم الانجرار وراء العواطف، وفقدان بوصلة توجيه الحركة وتوقيتها، بل يحتاج إلى التصميم والتخطيط لبلوغ الهدف، وخلق الأدوات لبلوغ الغايات، والاعتماد على الذات ورفض تهييج المشاعر المجاني، والوصائية من الأقربين، ولو كانوا في آخر أصقاع الدنيا، لأن الرقة بلغت الرشد بعد المعاناة والتجارب المريرة، ومَن على الأرض يعرف أكثر ممّن ركب البحر، متى تحتاج التربة للسقاية والرعاية، وإلا فسنعضّ أصابعنا على ما فعلت نادمين، والرقة لا تحتاج ندامة الكُسعي.
اترك تعليقاً