هيئة التحرير
مضى على طرد داعش من الرقة عام ونصف تقريباً، ولمّا يتغيّر في وضعها أمر أساسي يمكن البناء عليه في رسم آفاق مستقبلية، علماً أن الوعود التي أُغدقت كفيلة بتحويلها إلى “هونغ كونغ” المنطقة، لا سورية وحسب! وهل تغيُّر مزاج ترامب قلب الطاولة على رأسنا قبل غيرنا؟
يجب أن نعترف أن الأمريكان والتحالف الدولي قدّموا وبذلوا، ولكن لحلفائهم، ولم يصل لأهل الرقة إلا أقلّ القليل، بل يمكن القول أوصلوا إليها ما يحسّن بعضاً من المنظر، وما يسهّل حركتهم في تنفيذ مآربهم، ولم تقم سلطة الأمر الواقع بما كان يجب عليها القيام به، فلا بنية تحتية أُهّلت، ولا خدمات أوجدت، ولا احتياجات أُمّنت، والأهمّ من هذا وذاك، لا أمن يطمئن الناس، ولا أمان تحقّق، أو شعر الناس بوجوده، على الرغم من كل الإمكانات التي وضعت تحت تصرّفها؛ لأن ما يخدمها بقاء الرقة جغرافيا للخوف والإشاعة، وواحة للفلتان، وهو ما يؤمّن لها الكثير من متطلّبات البروبوغندا الإعلامية التي تقنع الأمريكان بمواصلة الرهان عليها لاستمرار المخاطر من عودة داعش، بل قويت شوكتها باشتراط الأمريكان حمايتها قبل الانسحاب المزمع للقوات الأمريكية.
وعلى الرغم من قسوة الظروف التي تعيشها الرقة، فقد خرجت أكثر من مرّة في مواجهة قوانين قسد وتسلّطها واستبدادها، وأعلنت رفضها لسلطة الأمر الواقع منذ محاولة فرض مناهجها الدراسية في المدارس، إلى قانون تجنيد الشباب في صفوفها، إلى الاغتيالات المتكررة، وأخيراً خروج الطبقة رافضة مجيء النظام برعاية PYD، ولعلها رسالة واضحة من شعب الرقة لمن يريد مقايضتهم كي يسلم على نفسه.
إن مَن يراقب الوضع عن كثب لا يرى غير زيادة في الضبابية وتعقيداً في استكشاف النهايات، إذا أخذنا بالاعتبار، ماذا يريد المتصارعون؟
و مادام الأمر كذلك، فهل تبقى الرقة متأرجحة قيد أوهام ميليشيا فُرضت لتكون سيفاً مصلتاً على الرقاب؟ ثمّة أحزاب ديكورية أُنشِئت برعاية أمريكية أو خليجية أو أسدية أو قسدية، ومنظمات ( كثير منها وهميّ أو لا فاعل ) منها ما رُخّص من قسد ومنها ما جيء به للمساعدة على معرفة المنطقة وخفاياها واحتياجاتها، يتساءل المرء ماذا قدمت هذه الأحزاب للرقة؟ وما الذي يمكنها فعله وهي رهينة أصحابها؟ وكذلك بعض المنظمات؟ وقد يحتجّ منفعل، وماذا قدّمت المجالس والهيئات والمنظمات في الخارج للرقة؟ نقول لم ولن يمكنهم فعل شيء؛ لأنهم رهائن كذلك!
ولكي تكون للرقة كلمتها، وتخرج من مراهنات ومقايضات الآخرين وابتزازهم، لا بدّ أساساً من عمل أبنائها في الداخل، وتنظيم أنفسهم ورسم خارطة طريق تمكّنهم من أن يحدّدوا خياراتهم بكل وضوح وثقة، وما يمكن أن يكون في الخارج إنما تقوية وتعزيز.
اترك تعليقاً