Views: 185 الرقة ورهانات المستقبل – الرقة بوست-Raqqa Post

الرقة ورهانات المستقبل

هيئة التحرير

تتزاحم الوقائع وتتراكم المعطيات في الرقة اليوم، وتتنوّع قراءتها لتؤكد أنها أهمّ مفاتيح بوابات الشرق السوري، ليس لموقعها فحسب، بل لإمكانية إشغالها مساحة في الفضاء السياسي إقليمياً ودولياً في جولة الصراعات السورية القادمة.

ثمة ما يُنبئ أن جهات عديدة وأطرافاً متباينة تعمل على تشكيل رقة جديدة الملامح والسمات، ليس حباً وهياماً بمقدار ما هو تجذير لوجود قد يمتد عقوداً وعقوداً. فالنظام الذي ظلمها وأهملها، وأفسد فيها وأفسدها، وبثّ فيها شروره واستحلب خيرها، يعمل ليل نهار بنشر الإشاعة لاستعادتها، ولم يألُ جهداً بتحريض شبّيحته، ولن يهدأ له بال إلا برجوعها والقصاص من شعبها، وهو الذي تركها كما ادّعى بين أيادٍ أمينة. والقوى الإقليمية تشتغل منذ زمن لترسيخ ما يجعلها، ترغيباً أو ترهيباً، أقرب إليها وأميل، فالعراق يعدّها خاصرته الرخوة والطريق إلى مقتله، ولابد من الحيطة والحذر في النظر إليها، وإيران تراها تاج طريقها إلى المتوسط وعلامة في مشروع ربط بيروت بطهران، وتركيا تجدها جزءاً مكمّلاً في درع حماية أمنها القومي من عبث الحالمين بالانفصال أو عرقلة تغلغلها صوب الشرق. أما القوى الدولية فتعتمدها مرتكزاً في لعبة الإستراتيجيات في المنطقة، وورقة بديلاً في المقايضات السياسية القادمة، عبر تفاهمات أو تحالفات تفضي لاستمرار نفوذها مباشرة أو بالواسطة عبر شركاء محليين وإقليميين.

هذا يفرض علينا قراءة الرقة على مستويات مختلفة، تربط بين أهمّيتها سوريّاً وإقليمياً ودولياً، وتعمل على رسم ملامحها المستقبلية دون إلغاء خصوصيّتها والتعامل بانفتاح مع المؤثرات المحيطة، والاستدلال على أفضل الطرق وأقصرها وأقلها كلفة لتستعيد بريقها وتغني ما حولها.

والملفت كثرة المنظمات المدنية، وهي وجه جديد في الساحة، المدعومة من أطراف دولية وإقليمية، والأحزاب والتيارات والفعاليات التي تشتغل على ذلك ومن مختلف الأطراف، وتموّلها تلك الأطراف مجتمعة أو منفردة تبعاً لهدف إنشائها، أو ضرورة بقائها واستمرارها، فمنها ما هو للخليج ومنها ما هو للنظام ومنها ما هو لأمريكا وربما سيكون- قريباً- ما هو لأوروبا، ومنها ما هو لطرف كردي، وكلّ يلبس وجهاً وطنياً عابراً للطوائف، أو يتزيّن بشعارات سوريّة صرف، وقبل هذا وذاك الأحزاب التي كانت وما زالت تطرح خطها السياسي، وتحمل إرثاً وطنياً وتاريخاً في مواجهة النظام، ويظن أغلبها أن الغلبة له دون غيره، أو بمشاركة الآخرين، فهو الذي يقدّم الخدمات، وهو الذي يرعى هذا الجانب أو ذاك. ولا يعدم الواقع بعض ألاعيب المراهقة السياسية، أو محاولة إيجاد مكان تحت الشمس لطفولة هذا التيار أو غيره. لا بأس في كل ما يحدث، لأنه يعمّق رؤية للمستقبل تعتمد على العمل المدني والسياسي، والأرض ستفرز الغثّ والثمين، وتكشف الأصيل والدخيل، لأن “مَن يزرع الشوك فلن يجني العنب”.


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »