حسام الحمود – الرقة بوست
يتجلى القمر بأبهى حلله عندما يضيء قبور العاشقين، خصوصاً عندما يكون العاشقون ليسوا أبطالاً في قصص من نسج الخيال، فرواية عشق جديدة تخط سطورها بحبر الدم هناك. على ضفاف العشق والموت؛ ضفتان يترنح بينهما أبناء مدينتي كل يوم عدة مرات، وبحّار قارب الموت يأبى أن يأخذ إلا العاشقين منهم، فهم الذين عرفوا معنى العشق فهاموا في حب وطنهم، فأغلب شهداء مدينتي اليوم هم أولئك الذين فضلوا لهيب حارقات الموت على ألسنة جحيم الغربة؛ هم عشقوا فهاموا حتى كان في الهيام مقتلهم ليواروا مثواهم الأخير تحت تربة حديقة عرفت معنى العشق منذ زمن بعيد.
أن ترصف بعض أحرف لتشكل كلمات تظن بها أنك سترثي أجمل ما خلق الله على الأرض فعندها تكون قد وقعت في بحر المحاولات اليائسة، فليست درة الفرات من تُرثى بالأحرف والكلمات، الرثاء يكمن هناك على شواهد القبور، حين تشخص الأبصار في مشهد رثاء يستحق أن يسطر بأبهى حلله كما يليق به، رثاء وُضِع كوسام شرف على صدور شهداء العشق المقدس، وبذات الوقت طُبِع كوصمة عارٍ على جبين قاتليهم مهما اختلفت دياناتهم أو مساعيهم.
في كل يوم تُزَف إلى الجنان قوافل من الشهداء، بعيداً عن كذب المتشدقين بإقامة خلافتهم الوهمية والذين أحضروا البلاء معهم إلى مدينة الرقة حتى باتت لا يجف دمع مقلتيها على فقدان أبنائها، وبعيداً أيضاً عن كذب من اتخذ محاربة الإرهاب حجة ووسيلة لقتل المدنيين الأبرياء بقذائف حقده المنطلقة من فوهات مسرحية قذرة أشرارها الإرهاب المزعوم ومحاربيه الدجالين، فشهدائنا يزفون في جنح الظلام إلى رب لا ظلم ولا ظلام لديه، وهو وحده القريب.
نتألم في غربتنا أشد الألم عندما نسمع بالمجازر المتكررة بحق أهلنا في مدينة الرقة، ولكن كيف السبيل لإيقاف هذا الألم الذي سببه صناع الموت من خناجر الحقد الكاذبة بحجة الدين، وبنادق الكره الغادرة بحجة محاربة إرهاب الدين، ولكن لا نجد مهرباً إلا في البكاء فعلى أقل الاعتبارات إن كنا لم نتشارك مع أهلنا دفن أشلائهم فسوف نتشارك معهم ماء العيون الذي أحق به أن يكون دماً على فقدان كل عزيز منهم.

بين ضفاف العشق والموت… الرقة تُذبَح بصوت عالٍ على مسامع عالم أصم
by
Tags:
اترك تعليقاً