بالرغم من البيانات والخرائط التي أصدرتها وزارة الدفاع الروسية مازال الاتفاق الذي سمي “تخفيض التصعيد” غامضاً وغير واضح وهذا ما عكسته تحليلات بعض الصحف الغربية حيث اتجهت بالبحث عن دوافع التوقيع ودلالاته بدلاً من فك الغموض الذي يشمل بنود الاتفاق.
وانفردت صحيفة “التايمز” البريطانية في تقرير لمراسلها “ريتشارد سبنسر” في الشرق الأوسط بالإشارة إلى معلومات حصل عليها من مصدرين لم يسمّهما عن احتمال دخول قوات تركية إلى شمال غرب سوريا في إطار اتفاق “تخفيض التصعيد” وتسيير دوريات للجيش التركي في محافظة إدلب لحفظ الأمن.
أما موقع “ميدل إيست آي” (MEE) فرأى في مقال تحليلي أن الاتفاق جاء تنفيذاً لرغبة بوتين في البحث عن “برستيج” دولي عبر الانتقال العملي إلى حل سياسي استباقاً لتدخل أمريكي ظهر اكثر قرباً بعد الضربة الصاروخية على مطار الشعيرات الذي انطلقت منه الضربة الكيماوية التي نفذها نظام الأسد على بلدة خان شيخون وأدت لارتقاء أكثر من 87 شهيداً.
دور للأمم المتحدة
ويرى محللون أن الاتفاق جاء بدافع رغبة روسية لدى بوتين لتقليص حدة الحرب والبحث عن مكانة دولية، ولكن برغم البروباغندا الروسية للاتفاق فإن الإدارة الأمريكية شككت فيه بينما رفض وفد الفصائل إلى أستانة هذا الاتفاق بسبب وجود إيران كطرف ضامن فيه.
من جهة أخرى رأى “هاميش دي بريتون جوردن” الخبير السابق في الأسلحة الكيماوية بالجيش البريطاني ومؤسس منظمة “أطباء تحت النار” أن أهم ما يميز هذا الاتفاق هو وقف طائرات الأسد وهذا أمر ضروري “لأن هذا الطيران هو من يقصف المشافي والمدارس” ورأى جوردن في حديثه لـ”ميدل إيست آي” أنه من الضروري تأمين قوات برية على الأرض لتنفيذ الاتفاق “والأفضل أن تكون تابعة للأمم المتحدة” مضيفاً أن الاتفاق فيه “اعتراف من بوتين بدور للأمم المتحدة وأمريكا” وهو ما يأمل أن يراه كما قال للموقع الإخباري حيث أنه لا يتوقع تقدماً بدون ذلك.
أما “هانا نوت” الخبيرة في السياسة الروسية الخارجية فرأت أن هذا الاتفاق يأتي رداً على التشكيك الكبير بقدرة روسيا على التحكم بعد قيام بشار الأسد بالهجوم الكيماوي على خان شيخون في 4 نيسان الماضي حيث أظهر أن ما تفتخر به موسكو منذ 2013 باء بالفشل.
بدعة روسية
من جهته رأى الباحث “خطار أبو دياب” في حوار له مع الوكالة الألماني “دويتشه فيله” أن الاتفاق الأخير يشبه كثيراً ما حدث في الاتحاد اليوغسلافي قبيل تفككه، وأضاف أن الجميع يعلم ما هي “المناطق الآمنة” وما تعنيه ولكن تسمية مناطق “تخفيض التصعيد” هي ” بدعة من البدع الروسية الجديدة في العلاقات الدولية أو في محاولة وقف الحروب” فروسيا ليس لديها تجربة لصنع السلام وهي “إذا كانت قادرة على تحقيق نجاحات عسكرية، فهي غير قادرة على ذلك سياسياً”.
وتأتي هذه “البدعة” الروسية الجديدة بعد فرض الحصار على عدة مناطق وعقد ما سمي بـ”المصالحات” التي كانت مجرد تمهيد للتهجير والفرز الطائفي، ويرى أبو دياب أن هذا الأسلوب الجديد في “تخفيض التصعيد” يدل على الفشل فروسيا تعد العالم منذ عام بوقف إطلاق النار في سوريا.
ويضيف الباحث اللبناني أنه يشتم في “بدعة” الاتفاق الجديد رائحة مناطق نفوذ وتقاسم “وهدفها قبل كل شيء قطع الطريق على الجانب الأمريكي المعطل أصلا في شمال سوريا نظرا للتناقض الكبير بينه وبين تركيا حيال تسوية مناطق النفوذ وحول الدور الكردي في هذه المنطقة بالذات”.
الفصل السابع
ولا يرى أبو دياب أن النجاح سيكون من نصيب مثل هذه المبادرة حتى لو كانت أمريكية إلا بغطاء من الأمم المتحدة وتحت الفصل السابع “بفرض مناطق آمنة بشرط أن تكون مؤقتة وألا تكون مناطق للتقسيم بهدف إعادة المهجرين، بحكم أن 15 مليون سوري تركوا بيوتهم وأرضهم. هؤلاء يجب أن يعودوا وبشكل تدريجي. ومن دون هذه النظرة الشمولية لا يمكن أن تكون هذه المسألة جدية. كل طرف يحاول جر البساط إليه لكن ليس هناك حد أدنى من الاتفاق الجدي لمحاولة الوصول لخلاص الشعب السوري”.
المصدر: أورينت نت
اترك تعليقاً