الرقة بوست – خاص
جسر المنصور (الجسر العتيج) حسب تسمية أهل الرقة، والذي يعتبر وتين الحياة لسكان مدينة الرقة، فهو الرابط بين ضفتي الفرات الشمالية (الجزيرة) والجنوبية (الشامية)، ويعتبر الجسر الأهم على نهر الفرات لقربه من المناطق الزراعية في غوطة الرقة (الكسرات) وأماكن التصريف في المدينة، والتي توزع باكورة محاصيلها بين الشمال والداخل السوري عبر سوق شعبي لتصريف الخضار والبقليات والفواكة التي تشتهر بها الرقة (سوق الهال)، إضافة لكونه صلة الوصل بين الرقة والمدن الأخرى إلى حين بناء الجسر الثاني في مدينة الرقة جسر الرشيد.
دمر الجسر القديم (العتيج) أثناء حملة تدمير الرقة، التي قضت على البشر والشجر والحجر، وبقي الجسر طوال تلك الفترة مقطع الأوصال، ما اضطر السكان إلى اتخاذ السفن الكبيرة والمتوسطة (البرك) كوسيلة عبور النهر لقضاء احتياجاتهم، وتصريف بضائعهم ومنتجاتهم.
وبالرغم من الهالة الإعلامية والصخب الذي أثاره ما يسمى مجلس الرقة المدني أيار ٢٠١٨ المنصرم حول تبني مشروع إصلاح الجسر، ووضع مدة زمنية مقدارها شهرين لإنجاز المشروع بكلفة تقديرية ٢٠٠ مليون ليرة، إلا أنها لم تستطع إصلاح سوى كسرين بجسم الجسر.
وباعتبار أن مصائب قوم عند قوم فوائد، فقد تحولت زيارة الجسر القديم أملاً ومبتغى كل الوسائل الإعلامية والشعراء والمطربين تحت مسمى الهائمين بحب الفرات، وأصبح موقع العمل عبارة عن منتجع سياحي تقام فيه الأماسي وولائم المندي والتي تقدر بـ٥٠ ألف أو أكثر لكل سهرة تقام في موقع العمل، وبالطبع كل هذه النثريات تحسب من ضمن الكلفة الإجمالية لمشروع إصلاح الجسر.
وحسب شهود عيان من الرقة فإن الحديد الصلب المستعمل لترميم جسم الجسر قد تم استخراجه من البنى التحتية والمؤسسات الخدمية التي تم تدميرها أثناء حملة تدمير الرقة والقواعد الحديدية تم انتزاعها من سكة القطار بالرقة والمسطحات الفولاذية تم أخذها من معمل مسبق الصنع والفرقة ١٧ بالرقة.
ومن المرجح عدم الانتهاء من تصليح الجسر العتيج بعد أن تم إيقاف العمل به، والالتفات إلى مشروع جديد، وهو إعادة الحياة إلى برج الساعة (ساحة الجلاء)، وسط الرقة، ودوار مشفى دار الشفاء وتأهيل عدد من الحدائق من قبل مجلس الرقة المدني، بعد الإخفاق في عمل جسر الرقة القديم.
يذكر أن جسر المنصور (العتيج) بنته السلطات البريطانية أثناء دخولها إلى سورية من العراق مع قوات فرنسا الحرّة لقتال القوات الفيشية عام 1942، ويبلغ طوله نحو /630/ متراً، وتشير لوحة الدلالة الموضوعة في أول الجسر، أن هذا الجسر سمي بجسر “غيت”، وصُمّم بثلاثة أيام، وتم بناؤه في أربعة أشهر ويومين، وذلك في أوج الفيضان الربيعي للنهر، وقبل أن يتم بناء سد “الفرات”، وتم تأمين مستلزمات الجسر من المخلفات الصناعية أثناء الحرب العالمية الثانية، وأنابيب النفط .
اترك تعليقاً