خسارة سلمى..مأزق للمعارضة وحلفائها
منهل باريش
انسحب مقاتلو “الفرقة الأولى الساحلية” و”حركة أحرار الشام” و”جبهة النصرة” من عمق بلدة سلمى، ليل الثلاثاء، بعد اشتداد القصف الروسي المكثف جواً وبراً وبحراً، على البلدة، لخمسة أيام متواصلة.
أصبحت سلمى تحت المرمى الناري لقوات النظام ومليشيا “الدفاع الوطني” بعد سقوط قرية دورين وتلتها، وتقدم النظام في كفردلبة وترتياح والخزان. وأصبحت البلدة بحكم الساقطة عسكرياً، بعد التقدم الأخير للقوات المهاجمة. فأصبح الطريق من ترتياح إلى ضاحية سلمى، سهلاً على قوات النظام ومليشيا “الدفاع الوطني”.
ورصد ناشطون محليون أكثر من 320 غارة للطيران الحربي الروسي، على المناطق المحيطة بسلمى، من الجهات الجنوبية والغربية والشرقية، وتركز القصف على الكورتبش وحسيكو والشيخ خليل والقرقفة ومرج خوخة وترتياح والقلعة.
مدير “المكتب الإعلامي” في “الفرقة الأولى الساحلية” فادي أحمد، قال لـ”المدن”: “اتخذنا قرار الإنسحاب بسبب الغزارة النارية والتمهيد الجوي للطيران الروسي، وعدم تقدم العدو وبقائه بعيداً عن أي خطوط التحام مباشرة. فبقاؤنا يعني أن نبقى هدفاً للطيران الذي لا نملك سلاحاً لردعه”. وأضاف “كل دقيقة أو دقيقتين كانت تسقط على سلمى دفعة صواريخ من الراجمات المتمركزة في الحمبوشية وصلنفة والزوبار وتلا وقمة النبي يونس”.
مصدرعسكري معارض في “غرفة عمليات سلمى” قال لـ”المدن”، إن “أغلب المقاتلين قرروا البقاء في أماكن رباطهم داخل سلمى، لكن أوامر صارمة من القيادات صدرت لحفظ أرواحهم، خاصة وأن لا اشتباك مباشراً يحصل بيننا، ففضلنا الخروج من البلدة، ومعنويات المقاتلين عالية جداً”.
من جهته، إعلام النظام السوري، بث مقاطع مصورة، في مواقع التواصل الإجتماعي، يظهر فيها دخول عناصر مليشيا “الدفاع الوطني” إلى بلدة سلمى. وأطلق العناصر النار ابتهاجاً في السيطرة على سلمى التي تعد أهم معاقل المعارضة في جبال اللاذقية، وسبق أن أطلق عليها ناشطو الثورة اسم “بلد المليون برميل”، في إشارة إلى شدة القصف المركز عليها.
كما وصل رئيس أركان قوات النظام العماد علي عبدالله أيوب، إلى سلمى بعد السيطرة عليها. وبثت مليشيا “الدفاع الوطني” مقطعاً مصوراً، يُظهر بعض الجنرالات الروس وهم يشرفون ميدانياً على عملية السيطرة على البلدة.
وركّز الروس قصفهم على مناطق جبال اللاذقية، منذ اليوم الأول لتدخلهم العسكري المباشر، نهاية أيلول/سبتمبر 2015، وجاءت حادثة اسقاط القاذفة الروسية من قبل المقاتلات التركية، لتزيد تعقيد الوضع في الشمال السوري، فكثف الروس قصفهم لجبلي التركمان والأكراد، في ما يشبه محاولة انتقام من تركيا. وكانت تركيا قد اتهمت روسيا صراحة بتهجير التركمان السوريين، وإقامة دويلة في شمال سوريا.
وتترافق خسارة سلمى، مع خسائر أخرى منيت بها المعارضة المسلحة في خان طومان في ريف حلب الجنوبي، والشيخ مسكين في درعا، بالإضافة الى تضييق الخناق على ريف حمص الشمالي المحاصر أساساً، في حين يحاول الروس جاهدين كسب انتصارات ومواقع استراتيجية تهدد المناطق “المحررة” التي تسيطر عليها المعارضة.
وتتحمل فصائل المعارضة مسؤولية خسارة الكثير من المناطق في غياب استراتيجية عسكرية موحدة لها، بسبب كثرة نزاعاتها وخلاف مرجعياتها الإقليمية، وقلة الدعم المقدم من “أصدقاء الشعب السوري”.
وأخطأت المعارضة المسلحة في دخولها معركتين غير محسوبتين استراتيجياً، هما معركة حماة ومعركة جنوبي حلب، بدل اللجوء إلى فتح معركة للسيطرة على الريف الشمالي في محافظة اللاذقية وسهل الغاب في حماة. والمنطقتان جغرافياً تساعدان على تقدم مقاتلي المعارضة، بسبب كثرة التلال على أطراف سهل الغاب الشرقية، ووقوعه أسفل سلسلة جبال الساحل الشرقية. كما أن الريف الشمالي في اللاذقية منطقة جبلية، الأمرالذي سيحد من نتائج القصف الروسي. الخطأ لم تصححه سياسة التحصن في سلمى، التي عرّضت المقاتلين إلى القصف المباشر أثناء تمركزهم في الأبنية.
سقوط سلمى وعدد من المناطق الإستراتيجية، يضع الدول الحليفة للثورة في مأزق كبير، وعلى رأسهم تركيا.
المصدر : المدن
اترك تعليقاً