وفي حين وصلت قافلة المدنيين إلى معبر قلعة المضيق في ريف حماة، ليل الإثنين/الثلاثاء، اختفت آثار القافلة المتوجهة إلى البادية، في ما يبدو كإجراء اتخذه النظام لمنع “التحالف الدولي” من متابعة طريق “الدواعش”.
وقامت قوات النظام بتجميع المئات من مقاتلي التنظيم بسيارات وشاحنات وجد بعضها طريقه إلى بادية السويداء الشرقية. ويبدو أن مقاتلي “داعش” قد تم توزيعهم على مناطق مختلفة في البادية السورية.
وأكدت “شبكة السويداء 24” أن الرتل الذي أقل عناصر التنظيم كان تحت حراسة مشددة من قوات النظام، وتألف من حوالي 40 شاحنة وسيارات مختلفة الأحجام.
وأشارت الشبكة إلى سقوط صاروخ مجهول المصدر على مدخل قرية الجنينة في ريف السويداء الشمالي الشرقي، صباح الثلاثاء، من دون أن يتسبب بوقوع خسائر بشرية. وأضافت أن سقوط الصاروخ ترافق مع تحليق مكثف للطيران الحربي التابع للنظام في أجواء المنطقة. ورجّحت مصادر أهلية، بحسب الشبكة، أن طائرة حربية أفرغت حمولتها في المنطقة، بعد خلل فني إصابها.
الناشط في “شبكة السويداء 24” أبو ريان المعروفي، قال لـ”المدن”، إن عناصر من “داعش” نقلوا عبر القلمون الشرقي مروراً بأبيار القصب والقرى التي تخضع لسيطرة النظام شمال شرقي السويداء، وصولاً إلى منطقتي الأشرقية والعورة، التي تقع تحت نفوذ التنظيم شرقي السويداء.
ولا تزال أعداد عناصر التنظيم الذين دخلوا إلى ريف السويداء غير معروفة بعد، إلا أنها تُقدّر بالمئات ممن وصلوا برفقة أسلحتهم الفردية الخفيفة والمتوسطة، ومنها رشاشات “بي كي سيه” وقواذف وصواريخ “آر بي جيه”.
وقال المعروفي: “يتخذ داعش من تل الصفا في بادية السويداء قاعدة عسكرية رئيسية له تتفرع منها نقطة ثابتة وأخرى غير ثابتة في تلال بادية السويداء. ونفذ التنظيم من خلال قاعدته في تل الصفا عمليات متعددة من بينها اختطاف مدنيين في منطقة الكراع بحجة موالاتهم للنظام، بالإضافة الى عمليات سرقة للمواشي بذريعة أن أصحابها من موالي النظام”.
وسيطر تنظيم “الدولة” على تل الصفا، الواقع على بعد 40 كيلومتراً من الحدود السورية-الأردنية، بعد انسحاب قوات النظام منه نهاية العام 2017. ووصل مقاتلو التنظيم إلى تل الصفا، عبر البادية السورية، بعد انسحابهم من منطقة البوكمال عقب فشلهم في السيطرة على المدينة. وانتشروا في مناطق مختلفة من بوادي الشام والسويداء وتدمر والبوكمال.
وعقب تعزيزه بالمئات من مقاتليه في بادية السويداء، يُحتملُ أن يلجأ التنظيم إلى سياسته السابقة؛ إعادة الانتشار في المراكز الحيوية في البادية السورية. ويُعتقدُ بوجود بند في الاتفاق غير المُعلن بين التنظيم وروسيا، يقضي بعدم تنفيذ النظام أي هجمات على المجموعات التي خرجت من جنوبي دمشق، ما يعني وجود “هدنة مؤقتة” من دون أي تفاصيل واضحة عنها.
المناطق الحيوية التي من المعتقد إن يعود التنظيم إلى الانتشار فيها هي منطقة صريخي في الحماد الشامي القريبة من مواقع مهمة كتل دكوة وبئر القصب، وهما قواعد سابقة للتنظيم، يعرفها مقاتلوه جيداً. وكذلك في السبع أبيار التي تعد مفترق طرق إلى المنطقة الوسطى والشرقية في سوريا، كما بالقرب من مطار السين العسكري، حيث حاجز ظاظا القريب من قاعدة التنف العسكرية التي تتخذها القوات الأميركية قاعدة لها.
وقد يتمدد التنظيم إلى بئر محروثة وتل سيس وتل مكحول وسد ريشة، وهي نقاط يتواجد فيها مسلحون من مليشيات “حزب الله” اللبناني و”جيش التحرير الفلسطيني”، وتعد الفاصل ما بين الحماد الشامي وبادية السويداء، وتكمن أهميتها بقربها من مطار السين العسكري وتشكيلها طوقاً عسكرياً لحمايته.
وجميع تلك المناطق تُعتبرُ سهلة بالمعنى العسكري، وفي متناول التنظيم إذا ما أراد التوسع إليها. ومن المرجح أن يعاود التنظيم بناء قواته في البادية على أساس المجموعات الصغيرة التي يقودها “الدواعش” من أبناء المنطقة، ومنهم قياديون بارزون يعتبرون حالياً العقل المدبر للمرحلة الجديدة للتنظيم في البادية.
مصادر “المدن” قالت إن مجموعات “البيارق” التي تتبع لـ”حركة رجال الكرامة” شمال شرقي السويداء، استنفرت على خلفية قدوم المئات من مقاتلي التنظيم الجُدد، لكن المصادر استبعدت إمكانية تنفيذ تلك المجموعات هجمات ضد السويداء، بشكل مباشر، على الأقل في الوقت الراهن.
اترك تعليقاً