مراقبون رأوا أن حجم التظاهرات لم يكن حسب توقعات قادة الحراك، إذ بلغت أعداد المتظاهرين في أكبر التجمعات في مدينة السليمانية بضع آلاف، فيما كانوا بالمئات فحسب في المناطق الأخرى، لكنهم لفتوا في المقابل إلى أن “مجرد انطلاقها” بعد كل هذا الوقت، وبالتزامن مع تظاهرات في باقي مناطق العراق، وبالذات العاصمة بغداد، ربما يكون ذا دلالات ونتائج مستقبلية كبيرة على الحياة العامة في إقليم كردستان.
المقاطع المصورة التي نقلها الناشطون عن التظاهرات في مُدن السليمانية ورانيا وحلبجة، أظهرت استخدام قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وإصابة عدد منهم بسبب التدافع، فيما قال مركز “ميترو” لحماية حقوق الصحافيين إن قوات الأمن اعتقلت 11 صحافياً محلياً، وفي مختلف مُدن الإقليم، وداهمت عدداً من منازل ومكاتب صحافيين آخرين بغية اعتقالهم.
مصدر قيادي من الحزب الديموقراطي الكردستاني، أكبر أحزاب الإقليم، تحدث لـ”النهار العربي” عن الآليات التي يعمل حسبها حِراك “الجيل الجديد”، حسب رؤية حزبه، وقال: “نعرف تماماً أن ثمة استماتة لتحوير الأنظار عن القضية الأساسية في الإقليم، الكامنة في سعي العديد من القوى السياسية والجهات العراقية المركزية للاستيلاء على الحقوق السياسية والاقتصادية والدستورية للإقليم، واحتواء تطلعاته ليكون شريكاً دستورياً للمركز، وحسب القانون، عبر الإيحاء بوجود مشاكل سياسية كبرى في الإقليم، وعدم شرعية الأحزاب الحاكمة فيه”.
يضيف المصدر: “لا أحد ينكر وجود مشكلات ما في الإقليم، لكن ثمة برلمان وحكومة تأخذ شرعيتها من الأغلبية البرلمانية، وثمة معارضة تعمل بكل حرية وشفافية. لكن أيضاً ثمة تناغم وتلبية لتطلعات بعض القوى المركزية الراغبة بالهيمنة على كردستان، عبر إثارة الفوضى والتشكيك بالشرعية، وزج البرلمانيين والصحافيين في مقدمة التظاهرات ومحاولة تجاوز الشروط الموضوعية لأي تظاهرة. هذه شعبوية لا تستهدف إيجاد حلول لمشاكل الإقليم”.
العديد من قياديي المعارضة، بالذات من “الجيل الجديد”، مثل الشخصية الثانية في الحراك وشقيقة رئيس الحراك النائبة العراقية سروة عبد الواحد، والقيادي صلاح داوود، اتهموا الأجهزة الأمنية بـ “ممارسة إجراءات بوليسية في مدن الإقليم”، معتبرين أن التظاهرات وإن كان الحراك قد دعا إليها، إلا أنها تأتي بسبب أزمات الإقليم، في مجال ارتفاع أسعار الوقود وعدم تلبية مطالب المُدرسين وتأخر الرواتب، كما أكدوا أن التظاهرات تهدف إلى تثبيت موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم، المقررة في أوائل شهر تشرين أول (أكتوبر) المقبل، وثمة نقاش ورغبة من الحزبين الحاكمين بتأجيلها.
مراقبون أشاروا إلى أن مدى تأثير التظاهرات في الحياة السياسية العامة الإقليم مرتبط باستمرارها وتوسعها خلال الفترة المقبلة، بالذات في العاصمة أربيل، كما وعد وطالب حراك “الجيل الجديد” في بياناته التي أصدرها عقب تظاهرات أمس.
اترك تعليقاً