قال سكان ومنظمات حقوقية ومصادر من المعارضة السورية يوم الأربعاء إن عشرات الآلاف من الأشخاص فروا إلى الحدود التركية خلال الأيام القليلة الماضية مع مواصلة قوات نظام الأسد، في حملة تقودها روسيا، التوغل داخل آخر معقل رئيسي للمعارضة المسلحة .
وفر سكان مدينة معرة النعمان، وهي مدينة في محافظة إدلب كانت ملاذاً لعائلات فرّت من مناطق كانت تحت سيطرة الفصائل السورية، فيما اقتربت حملة تقودها روسيا من السيطرة على بلدة خان شيخون الاستراتيجية التي تقع أبعد إلى الجنوب.
وقال عبد الله يونس من معرة النعمان “ما توقفت السيارات… إلي عم تخرج من المدينة”، وذكر عمال إنقاذ هناك أن نحو 60 ألف شخص فروا خلال الأيام الأربعة الماضية فقط.
وأشار سكان إلى أن مقاتلات روسية وسورية كثفت أمس الثلاثاء قصف قرى وبلدات متفرقة حول معرة النعمان وأنّ مستشفى الرحمة الموجود في المنطقة أصيب في القصف.
وقال عبد الرحمن الحلبي، وهو من المنطقة، لرويترز “كان هناك 15 غارة في أقل من خمس دقائق” على بلدة جرجناز.
وتقر المعارضة بأن معظم مقاتليها انسحبوا من خان شيخون لكنهم يبدون مقاومة شرسة ضد قوات نظام الأسد الذي تمكن من انتزاع موطئ قدم له في المدينة التي تعرضت لهجوم بغاز السارين في عام 2017.
وذكرت وسائل إعلام محلية في بث من أطراف خان شيخون يوم الثلاثاء أنّ قوات نظام الأسد تقاتل عناصر الفصائل لكنها وسّعت نطاق تقدمها وسيطرت على طريق سريع يمر عبر المدينة.
وألقت روسيا بثقلها وراء الحملة، التي بدأت تتصاعد في أواخر أبريل\ نيسان، وشنت آلاف الغارات والضربات الجوية على شمال حماة وجنوب إدلب الخاضعين لسيطرة المعارضة السورية فيما وصفه خبراء عسكريون غربيون وشخصيات معارضة بأنه تطبيق “لاستراتيجية الأرض المحروقة”.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزير الخارجية سيرجي لافروف إقراره يوم الثلاثاء بوجود عسكريين روس على الأرض في محافظة إدلب.
وقلل الجيش الروسي في السابق من دوره المباشر في الحملة التي قالت مصادر استخباراتية غربية إنه استخدم فيها مرتزقة وقوات خاصة كما أدار معارك.
وينهي سقوط خان شيخون سيطرة المعارضة السورية، على شمال محافظة حماة المجاورة حيث كان جيش العزة، وهو جماعة مسلحة رئيسية، يدافع عن ثلاث بلدات رئيسية هي اللطامة وكفر زيتا ومورك.
وساعد في إحراز التقدم المدعوم من روسيا، وهو الأحدث منذ انتهاء وقف لإطلاق النار قبل نحو أسبوعين، تعزيزات جديدة من قوات بلغ قوامها الآلاف منهم مقاتلون من مليشيات طائفية تدعمها إيران كانوا غائبين عن المعارك السابقة.
وقال مسلحون من المعارضة إن دورية تركية تحركت يوم الأربعاء من أحد المواقع العسكرية الإثني عشر التي أقيمت في المنطقة وفقا لاتفاقات أبرمت مع روسيا، فيما قالوا إنه رسالة من أنقرة بأنها لن تخضع لضغوط نظام الأسد من أجل الانسحاب.
وتعرض رتل عسكري تركي، كان متوجها لأحد مواقع المراقبة قرب خان شيخون يوم الإثنين، لقصف من قوات نظام بشار الأسد، ونددت حكومة النظام بما قالت إنه محاولة تركية لإنقاذ المعارضة المنهزمة.
ويقول خبراء عسكريون سوريون ومسلحون من المعارضة إن الوجود التركي في شمال غرب سوريا والدعم العسكري الخفي والمكثف الذي توفره أنقرة لبعض الفصائل كانا سبباً في تعقيد الحملة الرامية للسيطرة على آخر معقل للمعارضة.
وقال مصدر أمني تركي كبير لرويترز إن المحادثات لا تزال جارية مع روسيا حول مصير الرتل العسكري الذي كان في طريقه لأحد المواقع قرب خط الجبهة، وأنه لم يتحرك منذ الهجوم غير أن من المستبعد تماما “التخلي عنه”.
وبعد جمود استمر شهوراً، كثفت روسيا غاراتها خلال الأيام العشرة الماضية، مما أدى لتغيير الوضع على الأرض. ولاقى مئات المدنيين حتفهم وشُرد 400 ألف شخص على الأقل، حسبما أفاد مسعفون ومنظمات غير حكومية والأمم المتحدة.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي تحصي عدد الشهداء والمصابين، وتقدم إفادات إلى منظمات عديدة تابعة للأمم المتحدة، إن 196 طفلاً كانوا ضمن 843 مدنيا استشهدوا منذ بدء الحملة الروسية السورية في أبريل نيسان.
اترك تعليقاً