Views: 6715 لبنان ينوي تسليم 12 لاجئاً ومنشقّاً للنظام السوري – الرقة بوست-Raqqa Post

لبنان ينوي تسليم 12 لاجئاً ومنشقّاً للنظام السوري

في آخر مستجدات حملات التّرحيل الجماعيّة التعسفيّة للاجئين السّوريين في لبنان، بقيادة مخابرات الجيش اللبناني، المتواصلة منذ مطلع نيسان الماضي، يتفاعل منذ مساء الأربعاء 24 أيّار الجاري، خبر توقيف مخابرات الجيش لثمانية لاجئين سوريين من المعارضين للأسد والمنشقين عن قواته، وعزم الأمن العام على ترحيلهم في غضون الأيام المُقبلة، بالرغم من مناشدات ذويهم المستمرة وتأكيدهم على خطورة هذا التّرحيل على حياتهم في الداخل السّوري، وصعوبة وضعهم السّياسيّ هناك، فضلاً عن توافر مذكرات اعتقال بحقهم لدى النظام. هذا فيما تحدثت وسائل إعلامية عدّة عن إجبار الأمن العام هؤلاء على توقيع عريضة لتسليمهم إلى نظام أسد، فيما اتجه ذويهم للتواصل مع منظمات وجمعيات حقوقيّة للحؤول دون التّرحيل.

ترحيل اللاجئين
واللاجئون المعتقلون وفي طور التّرحيل، حسب المعلومات المتوافرة، ينحدر غالبيتهم من منطقة القلمون الحدوديّة، بينهم ضابط مُنشق عن قوات النظام برتبة رائد، وبعضهم مُسجل لدى المفوضية السّامية لشؤون اللاجئين. وعدد منهم موقوفون لدى السّلطات اللبنانية ولا يزالون يقضون محكوميتهم في سجن رومية المركزي بتهمة “القيام بأعمال تخريبية في سوريا”، حسب ما أشار المحامي والخبير في القانون الدولي طارق شندب لـ”المدن”. وعُرف منهم كل من م. ح. (مقيم وأسرته منذ بداية الحرب في بلدة عرسال شمالي شرق مدينة بعلبك، موقوف لدى السلطات اللبنانية منذ نحو السنة ونصف السنة)، ص. س. (ضابط منشق ومُقيم منذ بداية الحرب في عرسال)، م. ج. وع. د. ي (مُعارضان وبحقهما مذكرات توقيف في سوريا).

وللتأكدّ من صحة المعلومات، حاولت “المدن” مرارًا التواصل مع المعنيين في جهاز الأمن العام، من دون أن تتلقى أي جواب عن استفساراتها. إلا أن مصدرًا مطلعًا في الجهاز أكدّ صحة المعلومات التّي تُفيد بعزم الجهاز على تسليم الثمانية سوريين لمخابرات الجيش السّوري على الحدود اللبنانية- السّورية، نافيًا واقعة إجبارهم على توقيع أي عريضة. أما في معرض تبريره للترحيل، فأكدّ المصدر أن هؤلاء من المتورطين “بجرم الدخول خلسةً إلى الأراضي اللبنانيّة”. وفي هذا السّياق أكدّ المحامي شندب لـ”المدن” أنّه وبالتعاون مع عدد من المنظمات الحقوقيّة حاولوا التواصل مع الأمن العام ومساءلة المفوضية والضغط عليها، للحؤول دون الترحيل، من دون أي استجابة لهم ولمطالبهم. وأشار إلى ارتفاع العدد من ثمانية أشخاص إلى إثني عشر شخصًا مُحتمل ترحيلهم في الأيام المقبلة.

وهنا يشرح المدير التنفيذي لـ”مركز وصول لحقوق الإنسان”، محمد حسن، في معرض حديثه إلى “المدن”، عن خطورة هذا التّرحيل وتوثيق المركز له قائلاً: “حصلنا على أسماء اللاجئين المعتقلين، ونُفضل كمؤسسة حقوقية عدم ذكر هذه الأسماء أو المعلومات الشخصية لما يمثله من خطورة مضاعفة على حياة المعتقلين الذين يعيشون في خطرٍ داهمٍ أساسًا. وبعد التفاعل مع القضية من قبل عدد من النشطاء الحقوقيين، قمنا بالتواصل مع المفوضية، وأحلنا أسماء خمسة من اللاجئين منهم لها. وقد اعتدنا إحالة مثل هذه الحالات للمفوضية باعتبار أن لديها مذكرة تفاهم مع الأمن العام. ونحن أرسلنا هذه الإحالات في 23 من الشهر الجاري. وأكدت المفوضية اليوم أنها قابلتهم وأن الإجراء قد تم اتخاذه بناءً على الاحتياجات التي تم التعبير عنها خلال المقابلات الفردية، من دون توضيح ما هو الإجراء الذي تم اتخاذه”. مضيفًا: “للأسف هذه ليست المرة الأولى التّي يتم فيها ترحيل لاجئين معارضين، بالرغم من علم السّلطات اللبنانيّة بأوضاعهم الخطيرة. وليست المرة الأولى التّي تتقاعس فيها المفوضية عن تحمل مسؤوليتها تجاههم، بالرغم من توقيعها لمذكرة تفاهم بينها وبين الامن العام. ففي حالات الترحيل القسرية التّي كانت تُقام خلال الحملة الأمنية مؤخرًا، تمنّعت المفوضية عن التدخل بسبب عدم وجود مذكرة تفاهم بينها وبين الجيش اللبناني المسؤول عن عمليات الترحيل. وقمنا بنشر رسالة مفتوحة بالتعاون مع منظمات أخرى من دون تلقي أيّ رد رسمي إلى الآن”.

حملات مستمرة
وهذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، إذ عمدت السّلطات اللبنانيّة، خصوصاً في حملاتها الأخيرة، إلى ترحيل كل من تضع يدها عليه كيفما اتفق، بغض النظر عن وضعه السياسيّ في الداخل السّوري، وما يمثله من خطورة على حياة المُرحل وذويه. ضاربةً بعرض الحائط المواثيق الدولية والشُرع الحقوقية الذي صادق عليها لبنان، أهمها اتفاقية مناهضة التعذيب التّي تُحرم في المادة الثالثة منها إعادة أي شخص أو تسليمه إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب، فضلاً عن التزامها بمبدأ عدم الإعادة القسرية الوارد في القانون الدولي العرفي، وعدم إعادة أي شخص إلى مكان يمكن أن يتعرّض فيه للاضطهاد أو التعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة، أو تكون فيه حياته مهددة، بموجب قانون حقوق الإنسان.

وتستأنف السلطات انتهاكاتها هذه متذرعةً “بالأزمة التّي يتسبب بها اللجوء السوري في لبنان” وآخرها كان ما قاله وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، عبد الله بو حبيب، في لقاء حواري في الجمعيّة الإيطاليّة للمنظّمات الدّوليّة في روما نهار الثلاثاء الفائت 23 أيار الجاريّ، مشيرًا إلى أن السّوريّين في لبنان لا تنطبق عليهم صفة اللّاجئين السّياسيّين، إذ أنّ معظمهم موجودون في لبنان لأسباب اقتصاديّة وأنّ “في لبنان مليونَي سوري، وهذا العدد يهدّد تركيبة الكيان اللّبناني الخاصّة به، إذ كان هناك دائمًا توازن بين المسيحيّين والمسلمين، حيث يشعرون بأنّهم متساوون ولا أفضليّة لأحدهم على الآخر”. وبيّن أنّ “اللاجئ السّوري يُعتبر الآن لاجئًا اقتصاديًّا، والوضع الدّاخلي في لبنان لا يحتمل ذلك على الإطلاق، والأموال الّتي يتمّ دفعها لدعمهم في لبنان يجب أن تُدفع لهم في سوريا وفقًا للشروط نفسها”.

كما وأعلن تواصله مع الرّئيس السّوري بشار الأسد ووزير الخارجيّة فيصل المقداد، من أجل الطمّأنة إلى سلامة عودتهم، وعلم “انّه لدى سوريا 40 قانونًا لضمان عدم معاقبة اللّاجئين -من بينهم معارضون ومنشقّون- بأيّ شكل من الأشكال”. في خطوة واضحة وصريحة لعودة لبنان الرسميّ التفاوض والتواصل مع نظام الأسد.

حتى الآن، لا معلومات واضحة عن مصير المعتقلين الإثني عشر، وفيما تصرّ السّلطات على نيتها في ترحيلهم وسط صمت موارب للمفوضية التّي خذلت بدورها اللاجئين مرارًا.

بتول يزبك – المدن


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »