أجلت البعثة الأممية في ليبيا جلسة لملتقى الحوار السياسي كان من المقرر عقدها افتراضياً اليوم الأحد، من دون تحديد موعد جديد للجلسة.
وأكدت عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي ماجدة الفلاح، في حديث مع “العربي الجديد”، تأجيل الجلسة، مشيرة إلى أنّ البعثة الأممية لم تحدد موعداً جديداً للجلسة المؤجلة، مرجحة أن يكون وراء قرار التأجيل سعي البعثة إلى إعادة النظر في هيكل الملتقى.
وأشارت الفلاح إلى أنّ تولّي أعضاء من ملتقى الحوار السياسي مسؤوليات سياسية، من بينها شغل بعضهم مناصب سفراء وتمثيلات دبلوماسية خارج البلاد، قد يعيق أداءهم أو تواصلهم مع الملتقى بسبب انشغالاتهم، الأمر الذي يسبب نقصاً في حضور الأعضاء للجلسة المقررة.
وشددت الفلاح على ضرورة إعادة تفعيل ملتقى الحوار السياسي الليبي، وذكّرت بأنّه “كان جزءاً أساسياً في خروج خريطة الطريق، ودوره كان مراقبة تطبيقها، لكن إدارة البعثة الأممية السابقة لم تدعُ لاجتماع للملتقى رغم كثرة خطاباتنا لها”.
وعن الدور المحتمل للملتقى السياسي الليبي، أكدت الفلاح أنّ الجلسة الأولى ستناقش العملية السياسية برمتها، وقالت “سيقرر الملتقى في الجلسة الأولى ما يمكنه أن يفعل”.
وترجح الفلاح أن يبحث الملتقى الضغط على مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة لـ”تعديل القوانين الانتخابية”، أو بحث إكمال ما بدأه بشأن إنجاز قاعدة دستورية عبر لجنته القانونية، معبّرة عن أملها في يكون للملتقى “دور فاعل في خلق حلول للانسداد الحاصل في البلاد”.
وفيما تسعى البعثة الأممية إلى إحياء ملتقى الحوار السياسي الليبي من أجل أداء دور في ظل المختنقات السياسية الحالية، لا يزال تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية، التي كانت مقررة أول من أمس الجمعة، يلقي بظلاله على مختلف الأوضاع في البلاد، لا سيما في ظل عدم تبني أي جهة سياسية في البلاد قرار تأجيله، رغم مضي يومين على اليوم المفترض إجراء الانتخابات فيه، إضافة لغموض وضع السلطة التنفيذية ومسألة استمرارها في السلطة من عدمه.
ولم تعلن أي من الجهات السياسية في البلاد مسؤوليتها عن عدم إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المفترض يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الحالي، فيما اقترحت مفوضية الانتخابات الليبية تأجيل الانتخابات شهراً كاملاً إلى يناير/كانون الثاني 2022، وألقت بالكرة في ملعب مجلس النواب بعد اتهامها للقوانين الانتخابية بــ”القصور”، مطالبة المجلس بإزالة “القوة القاهرة” عن أعمال المفوضية.
وفضّل مجلس النواب الليبي، عدم الإعلان بشكل رسمي عن مسؤوليته عن عدم إجراء الانتخابات في موعدها، بالإعلان عن تشكيل لجنة لإعداد خريطة طريق لما بعد 24 ديسمبر/كانون الأول، فيما يعقد جلسة بعد غد الإثنين، بمقر المجلس في طبرق.
كما لا يزال الغموض يطاول وضع السلطة التنفيذية، حيث تدور في الكواليس السياسية في ليبيا عديد التساؤلات والرؤى بشأن وضعها وشرعية بقائها، وسط مطالب من عدد من النواب والمترشحين للانتخابات الرئاسية بضرورة تنحي الحكومة وتكليف أخرى بديلة عنها، لكن ذلك قوبل برفض ضمني من قبل عدد من سفارات دول غربية التي أصدرت بياناً مشتركاً، الجمعة، فيما أعلنت السفارة البريطانية أنّ بلادها ستواصل الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية.
ورغم تأجيل البعثة الأممية جلسة ملتقى الحوار السياسي الليبي، يبدو أنّ البعثة حاضرة في تفاصيل الغموض الذي يلف مصير العملية الانتخابية وتداعياتها، خصوصاً وضع السلطة التنفيذية، فوفقاً لتصريحات أعضاء من الملتقى، سعى أعضاء من مجلس النواب لدى المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، لحشد موقفها إلى جانب المطالبين بتنحي الحكومة الحالية، لكن وليامز اعتبرت ذلك غير ممكن، مشيرة إلى أنّ تغيير الحكومة يحتاج إلى 120 صوتاً في مجلس النواب، إضافة إلى ضرورة التشاور مع المجلس الأعلى للدولة.
من جانبها، قالت الناشطة السياسية الليبية مروة الفاخري لـ”العربي الجديد”، إنّ وليامز “خلقت ملتقى الحوار السياسي كجسم سياسي يعمل بشكل موازٍ لمجلسي النواب والدولة بهدف تجاوز حالة الانسداد السياسي بينهما”، مؤكدة أنّ وليامز تسعى الآن لإعادة تفعيله للسبب ذاته، خصوصاً في مرحلة الانسداد الخاص بمرحلة الانتخابات.
وترجّح الفاخري أن يكون الوضع الحالي “ملائماً بشكل كبير لعمل ملتقى الحوار السياسي بشكل فاعل”، مشيرة إلى أنّ غموض مواقف مجلسي النواب والأعلى للدولة “لا يعكس إلا حالة ارتباك شديدة وعدم وضوح الرؤية لديهما”.
وتابعت “قبل أيام كنا نستمع لمبادرة من جانب المجلس الأعلى للدولة بشأن الانتخابات الليبية بالتزامن مع تصريحات لرئيس المجلس خالد المشري يؤكد فيها قرب لقائه بعقيلة صالح لوضع حلول لحالة الانسداد الحالي، لكن الوقت مرّ ولم يحدث شيء”.
واعتبرت أنّ تداعيات تعثر عقد العملية الانتخابية “جعل الجميع يبحث عن مخرج، وسط جهوزية للتعامل مع أي وسيط”.
في المقابل، أشار أستاذ العلوم السياسية خليفة الحداد، خلال حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ ملتقى الحوار السياسي الليبي “يواجه صعوبات عديدة، من بينها تلك المتعلقة بعدم تضمين مجلس النواب خريطة الطريقة المنبثقة عنه في الإعلان الدستوري حتى الآن، ما سيعطي مجلس النواب هامشاً للمناورة”، بحسب قوله.
وعبّر الحداد عن مخاوفه من عرقلة مجلس النواب الليبي لخطط الحل، إذ رجح وجود نية لدى رئيس المجلس عقيلة صالح وحلفائه “للعب دور في عرقلة مساعي معالجة الانسداد الحالي، من دون الحفاظ على مكاسبهم السابقة”.
من جانب آخر، يذكّر الحداد باختلاف انتماءات أعضاء ملتقى الحوار الليبي السياسية، وقال إنّ “ثلثي أعضاء الملتقى ممثلون لمجلسي النواب والدولة. فشل الملتقى في إنجاز قاعدة دستورية في السابق، كان بسبب تسرّب الخلافات بين المجلسين إلى داخل الملتقى”، متسائلاً “ما الذي اختلف الآن لتعوّل وليامز على الملتقى لإحداث اختراق في جدار الأزمة الآن؟”.
ويقول الحداد إنّ هناك عوامل ومتغيرات أخرى قد تحدّ من نجاح ملتقى الحوار السياسي الليبي، من بينها التحالفات الجديدة التي فرضها فشل إجراء العملية الانتخابية، مشيراً إلى أنّ “الصراع الحالي لم يعد بين معسكرات شرق وغرب البلاد؛ بل في داخل الأقاليم. هناك تنافس محتمل بين حفتر وعقيلة صالح من جانب، وصراع واضح بين فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، حيث أفرز كل هذا تقارباً بين حفتر وباشاغا”، في إشارة للقاء الأخيرين في بنغازي، الثلاثاء الماضي.
ودعا الحداد ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى “تجديد نظرته لخريطة الصراع” في البلاد، مؤكداً أنّ “خريطة الطريق أصبحت من الماضي ولم تعد مناسبة لمعالجة الانسداد الحالي الذي نتج عن حالة تنافس جديدة”.
ورجّح أن تسعى وليامز لإعادة بناء هيكل الملتقى، كما رجح أن يستهدف التغيير أعضاءه، خصوصاً بعد منح السلطة التنفيذية الحالية بعضهم مناصب منها، تكليف بعضهم سفراء خارج البلاد، “الأمر الذي قد يزيد من احتمالية موالاتهم لقادة السلطة التنفيذية، أو أي طرف آخر في حال استمرار عضويتهم بالملتقى”، ختم الحداد.
العربي الجديد
اترك تعليقاً