أبو خالد من الرقة
أهل الرقة كلهم، زلمهم ونسوانهم، كبارهم وصغارهم:
أهل الرقة بجزيرتها وشاميتها وبريفها ومدينتها، من بادية الرصافة ومعدان لتل أبيض وسلوك، ومن الدبسي لمطب البو راشد:
أهل الرقة الساكنين بيها وأهل الرقة المشتتين بين تركيا ولبنان وأوروبا، أهل الرقة الأحبة بكل مكان السلام عليكم:
أريد من اليوم وطالع أكتب لكم مكتوب عن أحوال الرقة كل ما صار لي وقت وكل ما شفت شي يستأهل أكتب عنه. والصحيح أن كل شي بالرقة يستأهل نكتب عنه اليوم، لأنه حال الناس بالويل من سبع سنين وجاي، ويمكن زاد لأن ما يطلع بيدي بالحاضر إلا أني أكتب.
لا تنتظرون مني أكتب لكم عن أشياء تسر الخاطر، ولا تتوقعون مني مدح لحدا ولا كلام مخدر؛ بالعكس ما رح أحكي إلا الصراحة، إلا الكلام اللي لازم ينقال مهما كان جارح، ما رح احكي إلا الحقيقة والصدق وكل شي يخلص ضميري في يوم أواجه فيه رب كريم، ولا غاية لي ألا مرضاته وخير الرقة وأهلها.
وأنتم أهل الرقة البعيدين، بالخارج أو أسرى لقمة الخبز بالمحافظات الأخرى أريد تشوفون الرقة مثل ماهي بالحقيقة والواقع والله يقدرني على تجنب الزلل والغلط والهوى ويقيمني على الحق والصدق فيما أقول.
مظاهرات الرقة والطبقة: مَنْ المستفيد؟
اليوم أريد أصدمكم بالسؤال: من هو المستفيد من مظاهرات اليوم في الرقة والطبقة؟ صحيح كل هالناس المتظاهرين خرجوا نصرة لرسول الله؟ ماذا استفاد الإسلام والمسلمين من هذه المظاهرات؟ ماذا استفاد أهل الرقة والطبقة تحديداً؟ هل رممت بيت؟ هل أشبعت بطن جائع؟ هل أشفت مريض لا دواء له ولا يستطيع أن يذهب إلى حلب أو الشام لأنه مطلوب من النظام؟ هل أطعمت أطفال شهيد أو حمت أرملته من ذل الحاجة والسؤال؟ هل فتحت مدرسة؟ هل منعت الحشيش وحبوب الكيف من الوصول لأبنائنا؟
طبعاً ما أريد أدخل في موضوع أنه الموضوع كله في لعب وتضخيم إعلامي وتجييش لأغراض وأهداف لا ناقة لنا فيها ولا جمل. ولا أريد أن اقنعكم بأن الحقيقة غير ذلك، ويكفي أن تقرأوا وتتابعوا وسائل إعلامية أخرى متنوعة حتى تكتشفوا حجم الكذب والتضليل والتضخيم بشأن هذه الرسوم.
ولا أريد أذكر بمظاهرات الشام بسنة 2006 لما نشرت صحف دانمركية ونرويجية وفرنسية وألمانية صور مسيئة للرسول. وقتها مخابرات الأسد جيشت الآلاف وسمحت لهم باقتحام سفارتي الترويج والدنمارك. يمكن أغلبكم لا يتذكر هذه المرحلة، لكن أنا وجيلي نتذكرها. إش كانت النتيجة؟ ولا شي. النظام استفاد وألهى الناس عن مشاكلها، عن حريتها وعن لقمة خبرها ووجه الغضب إلى الخارج كي يستمر النهب والفساد. النظام أراد أن يقول للغرب أما أنا أو هؤلاء. إما أنا أو هؤلاء المتعصبون المتطرفون.
اليوم أيضاً يتكرر الحال.
كنت عند دوار النعيم/السبع بحرات عندما مرت مظاهرة فيها أكثر من ألف شخص، ربما حوالي ألفي شخص. طول طريق رجعتي عالبيت كنت أفكر، ليش هالناس ما تتظاهر ضد انتشار الحشيش وحبوب الكيف بالمدينة؟ ليش ما يتظاهرون ضد فرض مناهج اجنبية على أولادهم في المدارس؟ ليش ما يتظاهرون ضد قرارات إغلاق المعاهد اللي تدرس أبنائهم؟ ليش ما يتظاهرون ضد التجنيد الإجباري لأبنائهم؟ ضد إغواء بنات في عمر المراهقة وتجنيدهن وتحويلهن إلى مدمنات وأدوات متعة لعجونة قنديل؟ ليش ما يتظاهرون ضد اللي يحاربون اللغة العربية في موطنها وبدهم يغيرون هويتهم وثقافتهم؟ ليش ما يتظاهرون ضد عجونة البكك اللي كل واحد منهم مهدف من بلد شكل وحاكمين وناهبين الرقة من ثلاث سنوات؟ ليش ما يتظاهرون ضد السرقة والنهب والمشاريع الوهمية؟ ليش ما يتظاهرون ضد موظفي المنظمات اللي صاروا مليونيرية من ورا سرقة المساعدات المخصصة للمنكوبين والناس اللي فقدت أشغالها وبيوتها؟ ليش ما يتظاهرون ضد المنظمات اللي هي عصابات عشائرية فاسدة ومرتهنة؟ ليش ما يتظاهرون ضد مشايخ قسد اللي باعوا ويبيعون البلد بفرنكات؟ ليش ما يقولون كلمتهم ضد تقسيم سورية؟ ليش ما يتظاهرون ضد كردنة البلد؟ ليش ما يتظاهرون ضد الانحلال والفساد؟ ضد قسد اللي جابت الدواعش تا يشاركونها بحكم الرقة بعد ما دمروا 80% من الرقة وقتلوا وهجروا أهلها وشوهوا سمعتها؟
ألف سؤال وسؤال. عندي إجابة واحدة عليها. يمكن إجابتي ما تعجب البعض منكم، لكني مقتنع أنها الحقيقة. والحقيقة عندي أن هؤلاء المتظاهرين ليسوا متظاهرين. هؤلاء مدفوعون بأسلوب مخابراتي مشان يتظاهروا. ولا يمكن أن يتجمعوا بهذا العدد ويسيروا خطوتين بالشارع لو لا أن مخابرات قسد هي من سمح ومن منظم تجمعهم وخروجهم. صورة طبق الأصل عن المظاهرات اللي طلعتها مخابرات نظام الأسد ب 2006.
شوارع الرقة يوم الجمعة كانت خالية من مسلحي ومخابرات قسد اللي كانوا مطشوشين بكل مكان بالأيام العادية. اليوم اختفوا وتركوا الشوارع لناس مو عرفانة شنهي السالفة. أيضاً مخابرات الكردستاني تريد أن تقول للغرب إما نحن أو هؤلاء. أما أن تتركونا نحكم هؤلاء وننهبم أو نتركهم فيهجموا عليكم. إما أن تعطونا ما نريد في سورية أو نرفع يدنا الثقيلة عن هؤلاء.
يعني باختصار، يا جماعة اللي كنتم مفكرين حالكم تتظاهرون لنصرة الرسول. أنتم كنتم تحفرون قبر بلدكم وحريتكم وترفعون من شأن اللصوص والنهابين والمتسلطين القادمين من تركيا وجبال قنديل. الله يكسر رجليكم.
كلمة أخيرة للحقيقة وللتاريخ، الحمد لله أن أهل الرقة كانوا قلة قليلة في المظاهرة اليوم المزعومة. يمكن لأن أكثر من 75% من أهلها مشتتين بين تركيا وأوروبا ومناطق سيطرة النظام، ويمكن لأننا تعلمنا درس السنين الأخيرة من النظام لداعش لحشاشة البككي إننا إذا ما نقدر نغير الواقع للأحسن، فعلى الأقل نحترم أنفسنا ونقعد ببوتنا وما نكون جزء من الفساد والخراب والخيانة والدياثة إلى أن تتغير الظروف.
الحمد لله أن معظم المتظاهرين من العجونة الوافدة، من كل زيج رقعة. وآسف أني أحكي عنهم بهالطريقة، لكن اللي عايش بالرقة وشايف الحال رح يعرف ويفهم ويعذر كلامي.
والسلام ختام.
أخوكم أبو خالد
اترك تعليقاً