تناولت افتتاحية صحيفة “واشنطن بوست” تداعيات نشر النظام المصري لتقرير يدعى “الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، وقالت إن القليل من النقاد اعتبروا هذا الإجراء خطوة إيجابية للديكتاتورية، التي يرأسها الجنرال عبد الفتاح السيسي، المعروف بسجن الآلاف من المعتقلين السياسيين، ولكن الغالبية من المتشككين قالوا إن الأمر يتعلق بزخرفة، وأكدوا أن نشر التقرير هو عبارة عن محاولة لتهدئة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى تستمر المساعدات العسكرية الأمريكية في التدفق.
واشنطن بوست: إستراتيجية النظام المصري الوحيدة لحقوق الإنسان، هي انتهاكها
واتفق النقاد على شيء واحد هو أن للنظام المصري بالفعل إستراتيجية لحقوق الإنسان، هي الاستمرار بانتهاك حقوق الإنسان، على حد تعبير الصحيفة.
وأشارت الافتتاحية إلى أن محكمة مصرية قد حكمت في الأسبوع الماضي على ثلاثة نشطاء بارزين بتهمة “نشر أخبار كاذبة تنال من الأمن القومي، حيث حُكم على علاء عبد الفتاح بـ 5 سنوات، بعد أن تكرر اعتقاله بشكل مستمر خلال السنوات العشر الماضية، وحصل محاميه السابق، محمد الباقر، والمدون محمد إبراهيم، المعروف باسم “أكسجين” على أربع سنوات في السجن، كما أُدينت شقيقة السيد عبد الفتاح، سناء يوسف، بتهم مماثلة في مارس.
والمقلق بشكل خاص بشأن هذه الإدانات والأحكام هو أنها صدرت من قبل واحدة من خمس محاكم طوارئ تمت الموافقة عليها بموجب حالة الطوارئ في مصر، وبحسب ما ورد، فإن هذه المؤسسات تفتقر إلى الحماية الإجرائية العادية للمتهمين.
وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي أنهى حالة الطوارئ في 25 أكتوبر/ تشرين الأول بشكل جزئي كامتياز لواشنطن، ولكن بموجب القانون المصري، استمرت المحاكمات التي كانت قد بدأت قبل ذلك التاريخ، كما تم جلب 48 متهماً للمحاكمة في محاكم الطوارئ قبل فترة وجيزة من انتهاء حالة الطوارئ.
التقدم الوحيد الذي تم إحرازه في مصر هو “معاملة أقل عقابية” لأشخاص من المفترض أن لا يتعرضوا لأي مساءلة قانونية على الإطلاق
وبحسب “هيومن رايتس ووتش”، كان لدى العديد من المتهمين صلات بحزب مصري صغير يدعى حزب مصر القوية، مناهض للسيسي يتألف من أعضاء سابقين معتدلين نسبياً في جماعة الاخوان المسلمين المحظورة، والتي أطاح الجيش بحكومتها في عام 2013.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية قد أعربت عن خيبة أملها من الأحكام الأخيرة ضد النشطاء وقالت إن التقدم الوحيد الذي تم إحرازه في مصر مؤخراً يتألف من “معاملة أقل عقابية” لأشخاص من المفترض أن لا يتعرضوا لأي مساءلة قانونية على الإطلاق، وعلى سبيل المثال، أُدين المدافع عن حقوق الإنسان، حسام بهجت، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتهمة نشر أخبار كاذبة وإهانة سلطات الدولة، بسبب قيامه بانتقاد مسؤول انتخابي سابق للنظام على تويتر.
وأوضحت الافتتاحية أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هي واحدة من عدة منظمات مجتمع مدني متهمة بأخذ أموال أجنبية بطريقة غير مشروعة في محاكمة طويلة الأمد، ولكنها ملفقة إلى حد كبير، والمعروفة باسم القضية رقم 173.
وقد أوقفت إدارة بايدن الإفراج عن 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية حتى يقوم النظام المصري بالتوقف عن الإجراءات المشبوهة وإطلاق سراح 16 معتقلاً سياسياً لم يتم الكشف عن أسمائهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن التساهل النسبي مع السيد بهجت والسيد زكي كان عبارة عن وسيلة للنظام المصري للوفاء بشروط واشنطن، على الأقل جزئياً.
وفي نهاية المطاف، أكدت “واشنطن بوست” على أن الاستثناءات القليلة للحكم القمعي بشكل عام تعزز ببساطة افتقار النظام المصري إلى حكم قانون واضح ومتسق، وأنه “لا يمكن لأي إستراتيجية لديكتاتور أن تحل محل ذلك”.
اترك تعليقاً