يسرد النازحون السوريون الذين يعيشون في منازل مدمرة في الرقة في شمال وشرق سوريا مآسيهم في ظل الأوضاع المأساوية التي عصفت بهم طوال السنوات الماضية، من تهجير بفعل ممارسات النظام والمليشيات الإيرانية الموالية له، والقصف والاعتقال والاختفاء، وصولاً إلى عمليات التجنيد الإجباري، حيث كانت الرقة قبلة أغلب العوائل، الذين رأوا في منازل منهارة ملجأ لهم بالرغم من مرارتها.
وفي هذا السياق رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، حال الأهالي في المخيمات في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة.
يتحدث (أ.م) وهو من أهالي ريف دير الزور الشرقي، ويبلغ من العمر 35 عاماً، ويعمل كعامل في مجال البناء، كوسيلة لتأمين لقمة عيشه، للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قائلاً، بأن الواقع الدموي الذي عايشوه في منطقة العشارة بريف دير الزور، وسطوة المسلحين، وعمليات التجنيد الإلزامي والاختفاء القسري، دفعهم للهجرة إلى منطقة أكثر أماناً، مع زوجته وطفله “3 أعوام”، للسكن في منزل شبه مدمر في شارع النور “جمعية الرشيد ” في الرقة كملجأ له له ولأفراد عائلته على الرغم من أن المنزل لا يصلح للسكن ولا يتناسب، إلا أن الواقع المعيشي أدهي وأمر.
ويتابع، منذ دخول فصل الشتاء، وبالرغم من أنه يقطن بجوار 6 منظمات في حي “الحرامية” و”جمعية الرشيد”، لكن لم يتلقى دعماً أو لفتة من تلك المنظمات والبرامج الإغاثية، وهناك تهميش وتقاعس من المنظمات الحقوقية والإنسانية في المنطقة، وبحكم عمله كعامل قد يعتاش يوماً وأياماً بلا مردود، ما يجعل العيش في حالة يرثى لها.
مشيراً، بأن في الآونة الأخيرة أصيب طفله بالتهاب رئوي، وتم اسعافه إلى مستشفى الأطفال التخصصي بالرقة، وبعد التشخيص، اقتضى الأمر علاجاً مديداً والأدوية، إلى جانب توفير مكان دافئ، فالمستشفى لا تقدم الدواء بعد التشخيص، وهذا أمر عسير بالنسبة له وللعديد من الطبقات الفقيرة بالرقة خاصة النازحين، ما أدى بهم الحال إلى العيش تحت خط الفقر.
أما النازحة (أ.خ) من أهالي محافظة حلب، تبلغ من العمر 40 عاماً، و تقطن مع عائلتها المكونة من معيل مقعد و3 أطفال في إحدى المنازل المدمرة في شارع جنوب الثكنة في الرقة، تسرد قصتها في حديثها للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قائلة، بأنه مضى على العيش في هذا الخراب 3 أعوام، كونهم لا يملكون منزلاً في مدينة الرقة، ومنذ عشرات السنين يعمل زوجي في المدينة كـ “عامل بناء”، لكن ولنتيجة الإصابة البليغة أصبح على إثرها مقعداً ولا يستطيع العمل بشكل دائم، لذا اضطروا للسكن في هذا البناء المهدم كحل بديل.
مضيفةً، بأن العديد من الجهات الإعلامية حاولت استغلال واقع عائلتها لمآرب شخصية، ومنفعة مادية خاصة دون تقديم يد العون، فإن أغلب العوائل أضحت تمتنع عن التصوير وسرد مآسيها نتيجة الوعود والتضليل من قبل بعض المنظمات والناشطين الإعلاميين.
وتتابع، بأن العديد من الجهات الإعلامية زارتهم والمنظمات والتقطوا صور “السيلفي” مع أطفالها ورأوا رثاثة حالهم، لكن شيئاً لم يتغير وبقي الحال هو الحال، كما أن إحدى المنظمات قدمت دعماً مشروطاً بعقد إيجار وصاحب البيت المهدم ليس موجوداً.
مشيرةً، إلى أن حين قدموا إلى هذا المسكن منذ 3 سنوات لم يكن أحد يجرؤ الدخول إليه، خوفاً من الألغام، ولكن بالرغم من خطورته اختارته كمأوى لها ولأطفالها الثلاثة الذين لا يعرفون من الطفولة سوى التقاط النايلون والمعادن، بهدف بيعه مقابل مبلغ مالي محدود لسد رمق احتياجات العائلة، أما الطبابة فليست لديهم قدرة عليها.
اترك تعليقاً