يوسف دعيس
رغم أن مقولة “أخوة الشعوب”، هي الحامل الرئيس الذي يرتكز عليه حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يعد الأساس المكين لقوات سورية الديمقراطية، التي ينخرط تحت لوائها قوات حماية الشعب وقوات حماية المرأة والأسايش، وبعض التشكيلات العربية الصغيرة، أقول ربما بهذا الحامل التأسيس لرؤية جامعة، خصوصاً إن جاءت متناسبة مع تطلعات الشعب السوري، ومطالبه في الحرية والكرامة، لكن على الأرض لم يغادر محتوى هذه المقولة مستوى التنظير، أو تحديداً بقيت حبيسة الصدور.
عندما دخلت قوات حزب الاتحاد الديمقراطي مدينة تل أبيض محررة، قال الكثيرون بأن هذه القوات إن رفعت علم الثورة السورية، وعملت ضمن أطر وسياقات الثورة السورية، ستكون أفعالها على الأرض مقدمة لعودة أهل الرقة إلى ديارهم، علماً أن عملية الدخول، أو إن شئت تحريرها من داعش كانت بالاشتراك مع قوات لواء ثوار الرقة، الذي يرفع منفرداً علم الثورة السورية في عموم الرقة، مثل هذه الأفعال لم تجد لها مكاناً أو حيزاً يشغل أذهان المحررين ما خلا العناصر والقادة المنضوين تحت لواء ثوار الرقة.
لعبت قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، وفيما بعد قوات سوريا الديمقراطية دوراً سلبياً، تركز في تأجيج الصراع الإثني لأبناء المنطقة، وزرع بذور شقاق سيمتد طويلاً بين المكونات الأساسية التي كانت تعيش بتناغم رائع، خصوصاً بعد عمليات التهجير القسري لسكان عدد من القرى، وهدم بيوت وتجريف أراض ومزروعات وبساتين، ورفض هذه القوات عودة أهالي بلدة سلوك إلى ديارهم مثلاً، وما جرى فيما بعد من انتهاكات لهذه القوات بخصوص تنقل النازحين من مناطق الاشتباكات في محيط مدينتي الطبقة والرقة، باتجاه مناطق شمال الرقة، حيث حصرت هذه القوات أمور التنقل بوجود كفيل من أبناء المنطقة.
ليس من اللائق أن تطلب من أهل الرقة كفيلاً للتنقل، أو للجوء في بيوت القرى المتناثرة والتي تجمع بين أهلها روابط القربى مع أهالي القرى والبلدات الأخرى، وليس من التحضر أن تُخرج الناس من بيوتهم تحت أية ذريعة، وليس من المحبب زرع الشقاق بين أهل الرقة، فالقوة والدعم الأمريكي والدولي لا يبرر هذه الأفعال، وتواطؤ بعض القوى الموالية للثورة التي ساعدت على تثبيت دعاوى الحزب في إنشاء مجالس أو غيره من الأجسام التي تحاكي إدارة شؤون المنطقة تحت قوة السلاح، كما فعلت الحكومة السورية المؤقتة، التي قامت بحل مجلس المحافظة بطريقة تدفع باتجاه قبول مجلس قسد في ظل سياسة الأمر الواقع، ولسان حالهم يقول: “أنتم تريدون منّا أن ننشئ مجلساً على قياس وتفصيل ما نراه مناسباً للمنطقة”، أقول إن كل هذه الأفعال لن تدفع باتجاه استقرار المنطقة، بل ستزيد من تعقيدها، وما أكثر الذين ينكؤون جراحاً اندملت، وإحياء الميت ثانية.
ربما إن لم تعِ قوى وسلطات الأمر الواقع في الرقة خصوصية المكان، وتطلق شعارات توحد السوريين في إطار مانع وجامع، ستكون البداية للذهاب إلى المجهول، المجهول الذي يؤسس لفرقة وتناحر ستطال ناره الأخضر واليابس..
اترك تعليقاً