الأثنين. نوفمبر 17th, 2025

مصير الرقة

مدير التحرير

أرجح التخمينات أن الرقة مقبلة على “تحرير” جديد، يحفظ للمحرِرين(بكسر الراء)، أو طيف الكولونياليين المستعمرِين المتواجدين على الأرض حقوقاً، وإن تكن غير متساوية، تُعيد توزيع خرائط الصراع توزيعاً جديداً، بحيث سيمنح قوات النظام موقعَ تمترس وتثبيت قواته على الجزء الغربي من الأرض وامتداداً حتى الجبل المشرف على سرير النهر كما نتوقع، موقعاً يمتد من جنوب الطبقة ويشمل الطبقة جميعها مع الفضاء المحصور مابين نصف دائرة بحيرة السد حتى ماقبل سد تشرين، ومتخلياً عن مسافة الأمان المطلوبة عسكرياً والتي تفصل مابينه وبين سد تشرين، حيث ستتركز ماسُمي بقوات سوريا الديمقراطية وميليشياتها المختلطة .

أما المطار فسوف يتم تجهيزه أسوة بمطار حميميم ـ نقطة مسك الأرض الرئيسية للقوات الروسية الغازية في غربي البلاد ـ ليصبح نقطة مسك الأرض في شرقي البلاد للقوات الغازية نفسها . بذلك سوف تتحدد تخوم المحافظة الغربية كنقطة استراتيجية لصالح النظام، تفصل حلب فصلاً تاماً عن دولة داعش التي سيتم إبعادها مؤقتاً إلى الجهة الشرقية من المحافظة، وتزيد في إحكام حصارها من قبل النظام  . على العموم جميع النقاط التي ماتزال داعش تحتفظ بها في محافظة حلب باتت تُثَقِّلُ أعباءاً عسكرية عليها لصعوبات الإمداد في مثل هكذا خارطة، والمتوقع أن تتخلى عما تبقى منها بالتدريج ابتداءاً من جرابلس وحتى الباب، بحيث تعيد تموضعها عبر كريدور الخط الشرقي الممتد من السبخة حتى حدود دير الزور المتصلة بالرقة(وقد يتم التخلي عن دير الزور نهائياً من قبل النظام لصالح داعش)، وذلك لإتاحة وقت جديد كافٍ للإدارة الأمريكية( التي جعلت تلعب في المعادلة دور كاتب النص ومخرجه ومنسق جميع أدوار الممثلين على الأرض دون استثناء أي طرف)، وقت يسمح بترحيل الملف السوري ليس أقل من ستة أشهر في أقل التقديرات بعد نهاية ولاية الرئيس الحالي أوباما، وإلى مابعد وصول الرئيس الأمريكي الجديد إلى المكتب البيضاوي.

ليس في هذا أي جديد، فالميليشيات الكردية، سورية الديمقراطية ومقاتلو الجيش الحرر(لواء ثوار الرقة)، وبعض الفصائل العربية التي نتوقع أن تشكل متراساً،  يمتد من شمال المحافظة على امتداد طريق تل أبيض القديم، والميليشيات الكردية على الأخص سيتم توجيهها غرباً باتجاه خط تل أبيض ـ سد تشرين . أما الجديد في هذا “التحرير الجديد”، فهو أن القوات الأمريكية ـ كما نتوقع لها ـ سوف تستأثر بنفسها، ولنفسها، بموضعة قواتها المباشرة داخل الرقة المدينة وعلى تخومها . ولن تسمح للأخوة الأعداء (داعش وقوات النظام والقوات الكردية) بفضيلة دخول المحررين والاستئثار بوضع اليد على المدينة، وإنما سوف توكل إليهم عبء العمليات العسكرية، وبعض الخطوات في التنسيق اللوجستي الضروري بين مختلف الأطراف، لترسيم الحدود الجديدة بينها وبين مقاتلي داعش حيناً من الدهر، وذلك قبل أخذ الوقت الكافي لتفكيك كامل التنظيم  تفكيكاً نهائياً حتى نهاية عام 2017، وإلى مطلع عام 2018 ربما وهذه الحدود الجديدة (المؤقتة)، كما نتوقعها سترسم على مسافة تبعد 30 إلى 40 كيلومتر شرقي الرقة،(الكرامة ـ الأحوس ـ جزرة البوحميد)، مع منحها طريقاً إلى الصحراء ربما يشتق من المنطقة القريبة من السبخة معدان، (ومؤقتاً أيضاً) ليمنح كافة حقوق التوزع والانتشار والإنتقال بحرية عبر البادية والصحراء، حتى الحدود العراقية .

والجديد أيضاً في هذا السيناريو التحريري هو أنه، حتى وإن تمت عملية تسليم واستلام في بعض مناطق المحافظة، كالطبقة وبعض المناطق الريفية في الشمال، كما نخمن، إلا أن المرجح بأن الرقة المدينة لن تسلمها داعش عبر صفقة تسليم واستلام شبيهة بصفقتي تل أبيض وتدمر السالفتين، وإنما بسيناريو لن نحدس فيه بسقف توقعات مفرطة في التشاؤم أملاً منا أن لا تحدث من جهة، ومن جهة اخرى أن لاتكون نُذُراً غير سارة لأهلنا في الداخل، حفظ الله أهلنا من كل سوء .

وأثمن ما نحفظ من أمنيات هو أن يخيب ذلك الحدس السوداوي المفرط الذي بدأ يترسم على الأرض، والذي ليس مرده فقط إلى كثرة إلحاح طائرات التحالف في إلقاء المنشورات المحذرة والمحرضة للأهلين بمغادرة المدينة وتركها عاجلاً غير آجل، وإنما لخلاصات كثيرة قد لايكون اليوم مناسباً التفصيل فيها .

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *