الأثنين. نوفمبر 17th, 2025

خالد الخطيب

شنت المعارضة الحلبية هجوماً واسعاً، فجر الاثنين، استهدف قلب مدينة حلب التجاري والأمني، في المشارقة وباب جنين ومنطقة الكراجات وسوق الهال والقصر البلدي ومحيط ساحة سعدالله الجابري، انطلاقاً من معاقلها في حيي الكلاسة وبستان القصر وحلب القديمة. كما شمل الهجوم عدداً من أحياء حلب القديمة في الجديدة وساحة الحصب وحي العقبة وباب الفرج.
وسبق الاشتباكات في المواقع المستهدفة من قبل المعارضة، تفجير نفق تحت مقار وثكنات النظام والمليشيات في حي العقبة في حلب القديمة، ما تسبب في تدمير عدد من المباني التي كانت تتمركز فيها قوات النظام وترصد من خلالها القسم الذي تسيطر عليه المعارضة بالقرب من قلعة حلب، وأسفر التفجير عن مقتل عشرين عنصراً من قوات النظام والمليشيات الموالية.

وتركز هجوم المعارضة في محور يضم المشارقة وسوق الهال والتأمينات الاجتماعية وفندق الأمير وفرع المرور، ومحيط القصر البلدي الذي استهدفته المعارضة بشكل مكثف باعتباره العقبة الرئيسة التي كانت تحول دون تقدمها. وقتلت المعارضة عدداً من القناصين المتمركزين في قمة القصر البلدي، ودمرت تحصيناتهم في المبنى الذي يرصد أحياء كثيرة تسيطر عليها المعارضة شرقاً.

وشهدت منطقة المشارقة ومحيط القصر البلدي وسوق الهال، معارك عنيفة تبادل خلالها الطرفان القصف بالأسلحة الثقيلة والمدفعية والهاون والرشاشات الثقيلة، التي طاولت الخطوط الأولى لكلا الطرفين. واندلعت حرب شوارع ما زالت مستمرة، تمكنت خلالها المعارضة الحلبية من قتل عشرة عناصر لقوات النظام والمليشيات، بعدما حوصرت مجموعات منها في حي المشارقة.

ونفذ عناصر تابعين لـ”الجبهة الشامية” عملية تسلل في قلعة حلب، والثكنات المحيطة بها، وقتلوا عدداً من عناصر قوات النظام ومليشيا “لواء القدس” الفلسطيني. وتوعدت “الجبهة الشامية” في بيان لها بمواصلة الهجمات على محور القلعة وتنفيذ عمليات مشابهة خلال الساعات القادمة.

وردّت قوات النظام على عمليات المعارضة العسكرية التي فاجأته وأربكت مليشيات “الدفاع الوطني”، التي تتمركز بالقرب من فرع حزب “البعث” ونادي الضباط ومحيط القصر البلدي وساحة سعدالله الجابري، بقصف عنيف، مدفعي وصاروخي، طال أحياء بستان القصر والكلاسة وباب الحديد وحلب القديمة وقاضي عسكر والجلوم وباب قنسرين، ما تسبب في مقتل عدد من المدنيين.

وشنت المقاتلات الحربية الروسية عدداً من الغارات الجوية، طاولت الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة والقريبة من خطوط الاشتباك، في حلب القديمة والكلاسة وبستان القصر، كما ألقى الطيران المروحي التابع لقوات النظام براميل متفجرة على المحاور ذاتها، موقعاً قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.

وأشعلت المعارضة جبهات متعددة بالتزامن مع معاركها في قلب المدينة، حيث شهدت جبهات الخالدية والأشرفية وبني زيد والملاح وجمعية الزهراء شمالاً، وضاحية الأسد والأكاديمية في الأطراف الغربية، اشتباكات متقطعة، وقصفاً عنيفاً بالمدفعية وصواريخ “غراد”.

قائد “فرقة السلطان مراد” العقيد أحمد العثمان، قال لـ”المدن”، إن الهدف الرئيس للعمليات العسكرية التي تستهدف القلب الأمني للنظام بحلب، هو تخفيف الضغط عن جبهات الشمال، في الملاح وطريق الكاستللو، وإجبار قوات النظام والمليشيات على إعادة انتشار قواتهم من جديد، بعدما شهدت الجبهات الشمالية تحشيداً كبيراً من مختلف المليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية و”الحرس الثوري” الإيراني، التي كانت تتوزع على جبهات حلب وضواحيها.

وأوضح العقيد العثمان، أن المعارضة كبدت قوات النظام والمليشيات خسائر كبيرة، وكسرت الخطوط الدفاعية الأولى في حي المشارقة وسوق الهال، وأربكت بالفعل النظام الذي لم يكن ليتوقع أن تكون الهجمات من المحور الذي جرت فيه اليوم، في محيط القصر البلدي وحلب القديمة، وإنما كان يجهز نفسه للتصدي في أحياء الخالدية وبني زيد ومحيطهما.

والجبهات التي أشعلتها المعارضة، الإثنين، في قلب المدينة، كانت قد وصلت إليها منذ أن دخلت حلب المدينة، منتصف العام 2012، ولم تحرز أي تقدم كبير فيها منذ ذلك التاريخ، برغم المحاولات المتكررة من قبلها.

من جانب آخر، أكد القائد العسكري في “تجمع فاستقم كما أمرت” العقيد أحمد كردي، أن معركة المعارضة في قلب الأحياء القديمة بحلب، وبالقرب من المركز التجاري والأمني، تشكل نقلة نوعية في العمليات العسكرية، وتهدد بشكل مباشر معاقل النظام التي ظلت في مأمن طيلة السنوات الخمس الماضية.

وتختلف هنا ظروف المعركة بالكامل عن معارك الشمال والضواحي، وفق العقيد كردي، حيث لا يمكن للطيران الروسي أن يقدم العون اللازم كما كل مرة للمليشيات، ويغلب طابع حرب الشوارع على المعركة والذي تبرع فيه المعارضة بشكل كبير. وتوقع العقيد كردي أن تحقق المعركة الأهداف المرجوة منها إذا ما أحرزت الفصائل تقدماً فعلياً على الأرض في محيط ساحة سعدالله الجابري والقصر البلدي وحي المشارقة، ما سيجبر النظام وحلفائه على تحصين مواقعهم في قلب المدينة من جديد، والزج بأعداد إضافية لحماية المنطقة.

معارك حلب المدينة ماتزال مستمرة، ولم تعلن المعارضة إلى الآن عن سيطرتها على أي من المواقع المستهدفة في عمليتها العسكرية، برغم تقدمها في أكثر من محور، في باب جنين والمشارقة ومنطقة الكراجات، ما يعني أن المعركة لم تحسم بعد، وهناك مقاومة عنيفة من قبل المليشيات المتمركزة في المنطقة.

وفي الوقت الذي تسعى فيه المعارضة الحلبية إلى تشتيت جهد النظام ومليشياته، عبر إشعال جبهات حساسة في قلب المدينة، تشهد منطقة الملاح قرب الكاستللو مساعٍ حثيثة وعمل متواصل من قبل المليشيات في بناء تحصيناتها الهندسية وحفر الأنفاق لتثبيت مواقعها لتنطلق مجدداً وتسيطر بشكل كامل على الطريق الذي ما تزال ترصده نارياً ويمكن القول إنه مقطوع بنسبة 75 في المئة ويحتاج المرور منه مخاطرة.

وخيارات المعارضة الحلبية في المدينة كثيرة، تستطيع من خلالها إيلام النظام والمليشيات، وإرباكها وتحويل أنظارها نحو جبهات جديدة غير تلك التي تركز فيها غالب جهدها، أي الكاستللو، وربما اختارت أسهلها اليوم، فجبهات الراموسة والشيخ سعيد مثلاً لا تقل أهمية عن معارك قلب المدينة، وتشكل خطراً على طريق امداد النظام.

في السياق، يواصل الطيران الروسي قصفه المدن والبلدات في أرياف حلب، الجنوبية والغربية والشمالية. وطال القصف ترمانين والطرق المؤدية إليها، بأكثر من عشر غارات جوية، خلفت مجزرة راح ضحيتها سبعة قتلى من المدنيين، وتأتي هذه المجزرة بعد ساعات من مجزرة مروعة في بلدة ابين القريبة التي راح ضحيتها 22 مدنياً معظمهم أطفال، كما شهدت كفر حمرة والكاستللو، ومنطقة أسيا وحيان، وحريتان قصفاً روسياً مماثلاً.

المدن

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *