Views: 101 غابَ نهارٌ آخر.. وغابَ عامٌ آخر.. – الرقة بوست-Raqqa Post

غابَ نهارٌ آخر.. وغابَ عامٌ آخر..

ما أقلَّ طلابَ الحرية الحقيقيين في هذه الثورة.. وأقلُّ منهم طلابُ الحرية الشجعان..!!
وما أكثر العبيد في هذه الثورة.. وأكثرُّ منهم العبيدُ الذين يشتغلون سخرةً بالمجان..!!
وما أبغَضَه وأثقَلَه من عامٍ أسودَ الملمح، كئيبَ السحنة، توغل فينا بذكرياتٍ قسوتُها أوسعُ من أن تُستَحضر، وآلامُها فوق ما يُعدُّ ويُذكر.. نتقوَلُ عنه بمفردة”غابَ” وهو حاضرٌ وملازم وعتيد.. وكامنٌ ومحاصِر.. ونذكرُ أنه رحل بينا دماءُ شهدائنا في كل ساحات سوريا طرية ندية لما تجفَّ بعدُ، وبُلْغَةُ غُصص التقتيل والتهجير ورمي البراميل واعتقال الناس وتشريدهم وخطفهم وتعذيبهم مترددة بين اللهاة والحنجرة، وقد بلغت ذروة في عام 2016 استوعرت أن يُرتقى إليه.. أو إليها..
كل ما عاشته سوريا في عامها المنصرم ذاك، وكأنه كان حَمْلاً خارجَ الرحم، فلا المعارك فيه أثنت باغياً، ولا السياسات أجزت نكايةً في العدو، فتوالدت أيامه بالشؤم ، وإن تفاءل أكثرنا، ونحن منهم، بقرارِ وقف إطلاق النار الذي صدر قبل ساعات معدودة من نهاية تلك السنة الكالحة الربداء، والتي تشبه الرحيل الجهنمي في قلب ظلام الأيام الفائتة..
يجب بدايةً أن نحزمَ أمرنا على الإصرار والمتابعة فيما يحمله القادم من الأيام من حدث وتطورات، وكلنا عزمٌ على ذلك، ويجب قبل ذلك أن نبدأ مراجعة هادئة متأنية، ونقداً ذاتياً شاملاً لكل ما جرى على سوريا ومرَّ بها من أحداث وتفاصيل خلال أعوام الثورة الماضية، تطهيراً جديداً من أجل معمدانية الحرية من جديد، ولإعلاء شرف الضمير كي يبقى حياً في النفوس والأفئدة.. وأن نشرع في وقفة شجاعة مع ذواتنا يتوجب علينا أن نُسائل ذاتنا قبلُ: لماذا يتحتم علينا أن ننجز نقداً ذاتياً وموضوعياً لما مرّ بنا وببلدنا خلال ست سنوات مضت؟ وهل لهذه الدعوة وهذا الإنجاز أهمية اليوم؟ وما المقصود بالنقد الذاتي والموضوعي لذاتنا وللثورة؟ خصوصاً أن الناس باتوا اليوم منقسمين بين فرقاء ثلاثة: الأول بات متشبعاً بفكرة أن الثورة قد ماتت وشبعت موتاً، وهي اليوم ترقد في ثلاجة الموتى تنتظر من يبادر أولاً ليعلن دفنها.. وفريقٌ ثانٍ يعتقد بأن الثورة لا يمكن أن تموت مهما أحدقت بها وبنا وبالوطن بمجموعه من أخطار وجودية، وذلك لسبب بسيط تسهل البرهنة عليه: وهو أن إمكانية العودة إلى لحظة ماقبل الثورة باتت مستحيلة بصورة أكيدة، رغم أنها لم تنجز وعدها بعدُ بإسقاط عرش السلالة الأسدية وتحقيق الحرية، ورغم الأهوال والمخاطر الخارجية التي تعرضت لها، وما تزال، منذ البداية وحتى اليوم.. لقد زلزلت غابة الطغاة وشلعتها من جذورها، والأملُ في عودة الباسقات من قواعد الدكتاتورية الراسخة إلى تلك الجذور؛ مما غرس نظام الأسد وما استنبته الطغاة خلال نصف قرن؛ أصبح محضَ هُراء.. أما الفريق الثالث فهو يختلف مع كلا الفريقين، ويعتقدُ بأن الحديث عن موت الثورة أو حيويتها واستمرارها وديمومتها هو تلاعب بالألفاظ لم يعد مفيداً ولا جدوى منه؛ والأصحُّ أن تُسمى الأشياء بأسمائها، وأن نحققَ القول ـ بدلاً من الحديث عن الثورة، وجوداً أو عدماً ـ بأن بلدنا بات محتلاً ومُهيمَناً عليه من قبل عديد القوى المسلحة والمسيطرة والمتحكمة بالأرض وبواقع الناس.. وأن هذه القوى، وإن كان بعضُها قد تحقق بأنه دولٌ دخلت الحرب مباشرة لغير صالح السوريين، كروسيا وإيران مثلاً، أو دولٌ تتدخل بوسائط مختلفة ولا تدخل، وتدعم هذا الطرف أو ذاك، لكنها لم تعلن رسمياً أنها دخلت الحرب أو تورطت فيها.. أو تحقق بعضها الآخر بأنه أطرافٌ مقاتلة تنوب مناب هذه الدولة أو تلك، وتتلقى دعماً مباشراً منها أوتنوب عنها في أفعالها إن لم يكن أكثر،(مدنيا وعسكريا)، وهي أيضاً جزءٌ من هذا الواقع الإحتلالي الإستعماري الجديد.. مثل داعش والـ(بكك) وحزب الله وعشرات الميليشيات الأخرى..
هذا السجال الجدلي لن يخلُص إلى نتيجة وإلى موقف رصين ونهائي، ولن يقربنا من بعضنا كسوريين، مالم نقارب الرؤيا ونسدد أية خطوة فاعلة يمكن أن تظهر أو تؤسس لظهور أفق جديد، ومادام كلُّ فريق من الفرقاء راضياً بقراءته الخاصة لما جرى ويجري.. ووعياً بهذه السابقة التي تحاول أن تلامس أدوات النقد البناء المتفحص، والمؤَسَس على خطاب الوعي الموضوعي بمبدأ المراجعة التي تنهض بهذه السيرورة وتدفع نحوها، يحاول موقع(الرقة بوست) أن يفتح النوافذ على العام الجديد، ليدخل الضوء وينفذ بين تلك الغرف المغلقة والدارات الجمعية والفردية الكتيمة، والتي بات التعرف والتلاقي فيما بينها من الصعوبة إلى حد يقارب الاستحالة، وذلك لإنجاز جدل مجتمعي وحوار كفوء وبناء لا مناص من إنجازه، ولن نجدَ من دونه ملتحداً..
الخطب شديد، والخروج من حالة إنكاره باستنكاره وشتمه إلى الاعتراف بفداحته وإعادة فحصه والتركيز على الوعي به باتت أثقل المهام.. وقديماً قال الملهم الكبير والمتصوف الخالد(النُفّري):” كلما اتسعت الرؤيا.. ضاقت العبارة”.. فلتتسع الرؤيا.. ولتضِقْ العبارة إلى حدود الخرس المطلق.
رئيس التحرير


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »
best microsoft windows 10 home license key key windows 10 professional key windows 11 key windows 10 activate windows 10 windows 10 pro product key AI trading Best automated trading strategies Algorithmic Trading Protocol change crypto crypto swap exchange crypto mcafee anti-virus norton antivirus Nest Camera Best Wireless Home Security Systems norton antivirus Cloud file storage Online data storage