الرقة بوست – خاص
علوان زعيتر
من فوق جسر الرقة مرت الطائرات، وليس ذلك الحبيب الذي مر كما في الاغنية الشعبية (من فوك جسر الركة سلم عليّا بايدو ) الطائرات لا تعرف العشق ،ولا تعرف أن تسلم على احباب النهر، الذي تغفو على ضفافه مدينة من عشق .
يحمل الجسر احلام اهلها العابرة.. هنا فلاح يعبر الجسر يحمل غلال موسمه فرحا ليعود في المساء يحمل لأطفاله وصاياهم، وهناك امرأة تشعل شموع الخضر لغائب منتظر، على مسافة ليست بعيدة يداعب الماء نساء يغسلن الصوف تحضيرا لعرس، حيث يتعطر النهر بعطر الزيزفون العالقة بثوب (الكودلي ) ويعلو الصوت مرددا تلك الاغنية التي يعرفها كل العشاق، (من فوك جسر الركة سلم عليّا بايدو ماكدرتْ ارد السلام خاف يكولون تريدو ) .
أول المساء النهر / الجسر نديم من لا نديم له، حيث يتشارك الجسر والنهر الكأس مع شاعر لعبت في رأسه ابنة الكرْم، يحتسي كأسه ويسقي النهر بالباقي، في مكان عند الجسر تمكث عاشقة لا يراها إلا من ذهب بعقله الحب (جنية النهر) وحدها تسمع مناجاة مجانين الهوى. تسأل امرأة زوجها عن أبنه العاشق فيرد (الحقي ابنك صار يحاجي الجرف اخذت عقله الجنية ).
يعبر الجسر رجل لا يملك طعاما في بيته فيرمي صنارته ويعود ببهجة بعد أن يملأها بكرم النهر من السمك البني.
من فوق جسر الرقة مرت طائرات.. حطمت جسرا كمن يريد ان يحطم كل ذكرى جميلة مررنا بها..
يا جسرنا يا معبر حلمنا، لا عاشق يناجي النهر ولا فلاح ينقل غلاله ولا شاعر يكتب بالماء، ولا فتاة شاردة الى مقام اويس القرني تربط خيط اماني، ولا شيخ يرعى أغنامه، لا زفة عرس ولا عطر ثوب الكودلي. ولا جنية ولا جنون، لاشيء سوى شجن النهر يحمل جسره الميت في جوفه يحتضن بقايا من اثار اقدامنا وصوت عشقنا ونشيج ارواحنا ووجع الفراق.
…
يا جسر الرقة ..
يا قهر
يا وجع النهر ..
يا جسرنا يا معبر حلمنا.
…
اترك تعليقاً