Views: 431 أبو عامر بن صيفي.. الزعيم السياسي للحنفاء – الرقة بوست-Raqqa Post

أبو عامر بن صيفي.. الزعيم السياسي للحنفاء

الرقة بوست – معبد الحسون

 

تحدثنا الأخبار المتواترة والعديدة عن شخصية(أبي عامر بن صيفي المعروف بلقب أبي عامر الراهب)، والتي جمعها وحقق معظمها د. جواد علي في موسوعته الشاملة(المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام)، وتخبرنا بالشيء الكثير عن أبي عامر الراهب هذا، بوصفه أحد كبار القادة الروحيين، وكذلك بكونه أحد الزعماء الكبار لتلك الأخوية، هذا إن لم يكن أثناء حياته أهم شخصياتهم والرئيس المباشر أو شبه المباشر للحنفاء، والأعظم تاثيراً في توجيه تحركاتهم على مستوى جميع القبائل في شتى أنحاء الجزيرة العربية.. وتلك المعلومات لاتحدد طبيعة علاقة أبي عامر بقيصر الروم “هرقل” فحسب، وإنما تنير لنا جانباً آخر يوضح بعض الصلة، ونوع المتابعة التي كانت قائمة بين “هرقل” والحنفاء.. فالمُجمع عليه أنه قد نشبت خصومة مبكرة بينه وبين النبي، وقد تبادلا التهديد فيما بينهما حتى انتقلت تلك الكراهية فيما بعد إلى طور من أطوار التخطيط والفعل التآمري، والحرب المباشرة بين أبي عامر من جهة وبين النبي والإسلام والمسلمين.. يروي د. جواد علي قائلاً:(إذ ورد أن ابا عامر بن صيفي ـ المعروف بالراهب لأنه كان قد ترَّهب في الجاهلية، ولبس المسوح ـ قدم المدينة ورأى الرسول، وسأله: ماهذا الذي جئت به؟ فقال الرسول: جئت بالحنيفية دين ابراهيم. قال: فأنا عليها.. قال الرسول: لست عليها، ولكنك أدخلت فيها ماليس منها. وقد سماه الرسول بالفاسق(..)فذهب مغاضباً للرسول كما تقول الروايات، متوجهاً إلى قيصر ليحمله على توجيه جيش إلى المدينة للقضاء على الإسلام، غير أنه مات وهو في بلاد الشام) ـ {المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ـ ج 6}.. غير أننا نعثر على تلميح بسيط في منقولات د. جواد علي، لابد أن يستوقفنا قليلاً، حين يتابع د. جواد علي سرده للوقائع المتجمعة لديه من مصادر متنوعة:(وقد خرج أبو عامر، واسمه الكامل عبد عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان بن أمة، الملقب بالراهب، وهو أحد “بني ضبيعة”، إلى مكة، مباعداً لرسول الله، معه خمسون غلاماً من الأوس، فكان يَعِدُ قريشاً”أن لو قد لُقِيَ مُحرماً لم يختلفْ عليه منهم رجلان”.. فلما كان يوم أحد، كان أول من لقي أهلَ المدينة أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى يامعشر الأوس، أنا ابو عامر، فقالوا: فلا أنعم الله بك عيناً يافاسق، وكان أبو عامر يسمى في الجاهلية”الراهب”)ـ {المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ـ ج 6}.
من هذا النص السابق سوف نلمح ملمحاً واضحاً يؤكد مستوى الثقة والشعبية الكبيرة التي حازها أبو عامر في نفوس الآخرين، فلقد وضع نفسه زعيماً وقائداً حربياً على الأحابيش، وهم مكيون قرشيون، وهو مطاع لدى الجميع لدرجة أن يخرج معه جيش مؤازر ومرافق من شباب الأوس، وقد اكتسب ثقة وامتلأ هيبة وتوقيراً إلى درجة الظن بنفسه أنه لو أحرم ودخل مكة حاجاً أو فاتحاً أو أميراً لبايعه جميع من لقيه{ لم يختلف عليه رجلان}، وكله ثقة من أن سائر الملأ المكي وأصحاب النفوذ والسطوة والمكانة فيها، لن يتجادلوا فيه أو يختلفوا عليه.. هذه النقطة الأخيرة تشير بوضوح الى مدى انتشار الحنيفية في مكة، وأنّ مكة قد أصبحت مركزاً فاعلاً وهاماً لأنشطة الأخوية من الحنفاء.
أصبح اليوم لدينا من الأدلة الواضحة والقاطعة أن كثيراً ممن سماهم القرآن بـ”المشركين والكافرين”في الفترة المكية، وبـ”المنافقين” في الفترة المدنية، إنما كانوا في حقيقتهم من الأحناف، وأن جوهر الصراع بين المسلمين وخصومهم إنما كان بين المسلمين والحنفاء، لا المشركين.. يتابع د. جواد علي القول:(ثم رجع مع قريش إلى مكة، ثم خرج إلى الروم يوم فتحت مكة فمات بها سنة تسع ويقال عشر. وأعطى هرقل ميراثه لكنانة بن عبد ياليل الثقفي ، وكان قد اختصم مع علقمة بن علاثة في ميراثه، فدفع هرقل ميراثه لكنانة قائلا لعلقمة:”هما من أهل المدر وأنت من أهل الوبر”)..
ربما كان هذا أخطر نص وصلنا، وأهم شهادة توضح لنا صورة ما كان يحدث؛ فالأمر هنا يتعلق بميراث الرجل ـ أبي عامرـ والميراث عبارة مرسلة تتضمن معاني، فقد يكون الميراث هو ماله الخاص، وقد يشتمل على ودائع وأمانات وأموال إنفاقات تحت تصرفه وليست ملكية خاصة تعود إليه إليه، والدليل أيضاً على أن هذا الميراث لم يكن مالاً قليلاً أو إرثاً بسيطاً يمكن أن يورثه أي رجل عادي الشأن، أن رجلين من أكبر سادات الجزيرة العربية قد اختصما فيه، هما كنانة وعلقمة، وأن هرقل امبراطور الروم الأعظم قد اهتم بالموضوع واقحم شخصه في شأن لا يليق بإمبراطور أن يتابع مثل هكذا قضايا أو يهتم تلك الاهتمامات.. لكن الأهم والأخطر في الأمر هو ماسوف يرتبه السؤال الافتراضي التالي: ولكن لماذا لم يبعث الامبراطور إلى أحد ورثة أبي عامر الشرعيين ليدفع إليهم ميراثه لو كان هذا المال هو ماله الخاص!؟ أبنائه مثلاً..؟ بناته؟ أخوته أو أحد أبناء أخوته؟ أعمامه أو عماته أو ذوي الرحم الألصق نسباً به؟ هذا ما يجعلنا نرتاب بشدة أن هذا المال، وهذا الميراث لم يكن مالاً خاصاً بأبي عامر، وإلا فإن حكمة الإمبراطور ومروءته وبعض حسن تصرفه كما نفترض، كانت سوف تملي عليه إذن أن يردَّ المالَ إلى أقرباء الرجل، وهذا أبسط ما يتصرفه رجل رشيد، ناهيك عن حاكم يمثل إمبراطورية المسيحيين ورأس تاجها ورمزها الروحي.. أما أن يتنازع رجلان(ليسا من أقربائه أو ذوي رحمه المباشرين)، وقد اشتهرا بأنهما كانا من رؤوس الأحناف في وراثة مال كان في حوزة أبي عامر، وأن يقرر الإمبراطور أن يدفعه إلى كنانة بن عبد ياليل، وهو رجل يوصف بأنه سيد ثقيف بلا منازع، وأمير الطائف ـ عاصمة الحنفاء المركزية ومركز كعبتهم كما سوف نرى ـ فهذا دليل قاطع على أن المال لم يكن مالاً شخصياً لأبي عامر، وإنما هو مال الحنفاء وبعض ميزانية الأخوية الدينية المودع لدى أبي عامر، والمخصص لدعوتها.. ولكن ماحجة الإمبراطور ومبعث تخوفه من دفع الميراث إلى علقمة بن علاثة؟ وما معنى عبارة الإمبراطور تلك:{هما من أهل المدر وأنت من أهل الوبر}؟؟
حقيقة الأمر تتلخص في أن هنالك مأثوراً قديماً قد تحول الى مايشبه الفكرة الثابتة التي درجت واستقرت في أذهان كثيرين من أهل ذلك العصر، لا يختلف فيها رجل دين أو ملك أو رجل من عامة الناس، وهي أن الله لم يكن يرسل أنبياءه إلى أقوامهم في الماضي إلا من سكان الحواضر والمدن، وهذه السنة الإلهية الثابتة جرت وسوف تتكرر في المستقبل مؤكدة أن الله لا يبعث إلى الناس نبياً من الأعراب أو سكان البوادي، وأن النبوة حقٌ مستحقٌ لأبناء الحواضر والمدن حصراً.. لست في معرض مناقشة الفكرة ودلالتها ومضمون محتواها، غير أن هذا الأثر السابق المشتمل على تصريح الإمبراطور، يدل دلالة بليغة على أن الإمبراطور المسيحي نفسه كان يشاطر الحنفاء اعتقادهم بأن نبي العرب المتوقع، والذي ينتظر إشارة من السماء ببعثه، سوف(يخرج من ثقيف)، وأن الطائف هي عاصمة النبوة الافتراضية القادمة، ويبدو أن الإمبراطور كان معتقداً بالفكرة أو مؤمنا بالمبدأ، وبما أننا شككنا في أن هذا المال إنما وُقِفَ للإنفاق على دعوة ونبوة متوقعة، أي أنه مال عام يخص الحنفاء ولا يخص أبا عامر شخصياً، وإن كنانة بن عبد ياليل من حيث هو سيد ثقيف وأمير الطائف، وأبرز الزعماء القبليين والسياسيين المفوضين بحماية مركز الحنفاء وحركتهم في عاصمتهم الطائف، والتي هي مدينته وحاضرة قبيلته، فمن باب أولى أن يتصرف الإمبراطور بحكمة وسياسة ذات أثر موجه للأحداث، بدفعه المال إلى كنانة بدلاً من علقمة، وكما تمليها عليه مستوى تطور الظروف ونضجها حتى ذلك الحين في الجزيرة العربية الوثنية الطابع، والتي باتت تستعد لاستقبال النبوة وتلقي وحي السماء..
لسوف تنجلي لنا بعض النقاط الإشكالية الشائكة فيما بعد، إذا تصورنا مبدئيا أن كنانة بن عبد ياليل كان مكلفاً، أو هو ربما أحد المفوضين بحراسة ذلك المال العام والإنفاق منه حسب مايُطلب منه، وعلى ذلك فإن د. جواد علي يحقق لنا نصاً آخر لايقلُّ أهمية عن النص السابق، وهو يؤكد ماذهبت إليه بوضوح أكثر، حيث يسجل مايلي:(ويظهر أن أبا عامر الراهب كان قد وضع مع جماعة من “الأنصار الحاقدين على الرسول وعلى المهاجرين”، خطة لعمل مكيدة يخرجون بها الرسول من المدينة، يساعدهم في ذلك الروم. غير أنها لم تنجح، وهُدمَ المسجد الذي تواعدوا على أن يكون موضع التآمر وملتقى الحاقدين على الرسول ، وقضي على المؤامرة، وبقي أبو عامر عند الروم. فلما مات عاد كنانة بن عبد ياليل الثقفي، وكان سيد ثقيف في زمانه، وكان يقول:”لا يرثني رجلٌ من قريش”، ففرَّ إلى نجران، ثم توجه إلى الروم) ـ {المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ـ ج 6} ما أريد الإشارة إليه في النص السابق من أن فحوى عبارة كنانة{لا يرثني رجلٌ من قريش}، تفيد ببساطة بما يلي: إن هذا المال المخصوص بالإنفاق على نبي العرب القادم، وعلى دعوته وأعباء تلك الدعوة هو رهن بإشارة الأخوية التي باتت تتعرف تسميتها حتى ذلك التاريخ باسم الحنفاء، ولما كان كنانة غير معتقد بنبوة النبي محمد، وقد اتخذ موقف المناوىء المعادي من رجل قرشي حديث عهد بالانضمام إلى الحنفاء، ثم لم يلبث أن انشق عنهم وانتزع تراثهم وتجاوز تاريخهم وأشياخهم وأولي الفضل والأمر فيهم، فقد عبر صراحة أنه لن يدفع هذا المال المخصص للدعوة والنبوة إلى النبي القرشي، وأنه يفضل القتال والحرب دون أن يستسلم، فإذا لم ينتصر ويمتنع بالحرب والقتال، فإن الهجرة والنأي بالنفس أهون شراً من أن{يرث مال النبوة المكلف به رجلٌ من قريش}حسب تعبيره..
لكن النص يكتشف شيئاً جديداً حقاً، وهو أن تلك الفئة التي كان الإسلام يدعوها بـ”المنافقين”، تسفيهاً وتحقيراً وتهويناً من شأنها، بل وتصويرهم كوثنيين كفار مآلهم ومصيرهم هو نار جهنم في الآخرة، ماهم في الحقيقة إلا جمهور الحنفاء من العامة والخاصة، وأن هذا الجمهور هو الذي اعتمده أبو عامر وعثمان بن الحويرث وكنانة وعلقمة وبنو أمية، أبناء عم النبي في مكة، كما سوف نلاحظ بعد قليل، واستعان بهم كجنود مؤازرين في ساعات الضرورة، وخلايا نائمة كما نسميهم في عصرنا اليوم.. وإلا فإن اقتراحهم أن يعمروا مسجداً في المدينة يكون ملتجأ لهم في الضرورة، ومنتجعاً لاجتماعاتهم وقاعدة لتحركاتهم، لم يكن فعلاً ليخطر ببال المشركين من أعراب العرب وبداتهم الوثنيين، ولاهو مستساغ في خيالهم وذهنية تصوراتهم، وهو ليس من طبيعتهم وطرائق عداواتهم وأساليب حربهم، حتى وهم في أبعد حالات العداوة للنبي والإسلام احتمالاً.. فهذا تصرف يمكن أن يقدم عليه أصحاب دعوة ورسالة، لا وثنيين عشوائيين ليس لهم أدنى ارتباط بالمساجد، ولا ألفت قلوبهم دور العبادة أو اعتادوها عادة..
أكثر من ذلك أن القرآن نفسه قد خص هذا المسجد الذي اقترحه الحنفاء قاعدة لخلاياهم النائمة بإشارة واقتراح من أبي عامر الراهب، بأربع آيات مشتهرات في سورة التوبة، تفيض حنقاً وتوتراً وغضباً منهم ومن فعلهم هذا، بل إن طول النص القرآني الغاضب يطبع أهمية المناسبة في الذهن والمخيلة المباشرة:(والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل، وليحلفنَّ إن أردنا إلا الحسنى، والله يشهد إنهم لكاذبون*لا تقم فيه أبداً، لمسجد أسس على التقوى من أول يومٍ أحق أن تقوم فيه، فيه رجالٌ يحبون أن يتطهروا والله يحب المُطَّهرين*أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانٍ خيرٌ أم من أسس بنيانه على شفا جُرُفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم، والله لا يهدي القوم الظالمين*لا يزال بنيانُهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تَقَطَّعَ قلوبُهم، والله عليم حكيم) سورة التوبة:107 ـ 108 ـ 109 ـ 11، وإن في تعبير الآيات القرآنية المباشر:{وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل} ما يكفي من البيان والتصريح عن الامتداد التاريخي لذلك الصراع الطويل بين فئتين.. يؤكد د. جواد علي على ما قلناه بقوله:(وروي أنه كان يتزهد في الجاهلية، فلما جاء الإسلام خرج إلى الشام وأمر المنافقين باتخاذ مسجد الضِرار، وأتى قيصرَ فاستنجده على النبي. وروي أنه هو الذي حزّب الأحزاب لقتال الرسول، فلما خُذِلَ لحق بالروم يطلب النصر منهم، وقال لأناسٍ من الأنصار: ابنوا مسجدكم واستعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح). وسواء كان أولئك الحنفاء فرقة دينية خاصة ومستقلة، أم كانوا فرقة من فرق المسيحيين العرب كما ينقل د. جواد علي عن المستشرق الألماني”فلهوزن”:(ولاشتهار أبي عامر بالراهب، ولِما ورد في بعض الأخبار من أنه كان حنيفاً، ذهب”فلهوزن”إلى أن الأحناف هم نصارى، وأن حركتهم حركة نصرانية، وأنهم القنطرة التي توصل بين النصرانية والإسلام) ـ{المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ـ ج 6}. فإن حركتهم وربطها بمجرد منافقين، كما صورها وأكدها القرآن، يجب أن يمنحنا تصوراً جديداً، سياسياً ودعوياً، عن طبيعة الصراع الذي كان محتدماً بين الإسلام وخصومه في تلك الفترة.
كان ترتيب أوضاع المعتقد الديني من وجهة نظر تلك الأخوية الدينية شبه السرية الموحدة، شرطاً لازماً لإعادة إنتاج شروط الحياة العقلية والإخلاقية في جزيرة العرب، وربما بلغ الطموح يوماً لدى بعض أفرادها أن يكونوا مؤثرين في وحدة النسيج العام للقبائل والتحول إلى الدولة المركزية، ولدينا من الشواهد على أن انتشارهم لم يعد محصوراً في مدينة واحدة أو قبيلة واحدة أو إقليم واحد، وإنما اتسع ليشمل سائر أرجاء جزيرة العرب، أما مركزية ذلك الدين أو عاصمته إن صحت التسمية فنكاد نجزم اليوم أنها كانت مدينة الطائف، وفي قبيلة ثقيف وقريبتها نسباً أو حليفتها التاريخية قبيلة هوازن.
معبد الحسون 14/3/2017
من كتابي قيد التأليف: ” البحث عن دين مجهول”


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »
best microsoft windows 10 home license key key windows 10 professional key windows 11 key windows 10 activate windows 10 windows 10 pro product key AI trading Best automated trading strategies Algorithmic Trading Protocol change crypto crypto swap exchange crypto mcafee anti-virus norton antivirus Nest Camera Best Wireless Home Security Systems norton antivirus Cloud file storage Online data storage