الرقة بوست ـ منهل العلو
لا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ فيه دعوات وصيحات تطالب بضرورة تشكيل جسم سياسي رقي يعمل جنبا إلى جنب مع قسد ،وحجتهم في ذلك قطع الطريق وملئ الفراغ الذي ستشغله عصابات الأسد مستقبلا والتي أطلقت حملة عسكرية منذ قرابة شهرين تمكنت من خلالها من استعادة بعض المناطق في ريف الرقة الجنوبي الغربي وفي الريف الشرقي بقيادة مايسمى جيش العشائر وبتغطية جوية من قبل الطيران الروسي ،وتحت ذريعة إنقاذ مايمكن إنقاذه وذلك عبر شراكة وهمية مع قوات قسد تتناول حسب مزاعمهم الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية ،ولم يكتف أصحاب هذه الدعوات بنشر مناشدتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي فحسب بل وصل بهم الأمر إلى التنسيق مباشرة مع سلطة الأمر الواقع عبر سلسلة من الاجتماعات السرية والمغلقة ،لنفترض جدلا حسن النية وصدق هذه الدعوات إلا أن غاياتهم النبيلة ومساعيهم البراغماتية ستصطدم حتما بواقع الحال على الأرض المعقد أساسا بتحالفاته فالحملة العسكرية التي بدأتها قسد بقيادة التحالف منذ قرابة شهرين ونصف حصدت مايقارب ١٠٠٠ شهيد من المدنيين وعشرات الآلاف من الجرحى وتدمير مايقارب ٦٥بالمئة من البنية التحتية لمدينة الرقة ناهيك عن حالات الإعتقال التعسفي والقرارات المجحفة بحق المدنيين ،فهذه التركة الثقيلة من الإحصائيات الموثقة لاتسمح بطبيعة الأخلاق والمبدأ أن نتحالف مع قسد بحجة إنقاذ مايمكن إنقاذه إذ لم يعد هناك أصلا مايمكن إنقاذه ،ومع ذلك وحتى لو تماشينا مع دعاة البراغماتية ورجحنا صوت المنطق والعقل وقمنا بتنحية الوازع الأخلاقي وتناسينا كل هذه الخسائر بامتلاكنا ذاكرة كالأسماك وقررننا العمل بناء على اجتهادات البراغماتيين الجدد يجب أن لا ننسى أن( دعواتنا للعمل مع التحالف عبر منظومة عسكرية عمادها لواء ثوار الرقة الذي حارب الإرهاب قبل أن يدعو المجتمع الدولي أصلا الحرب على الإرهاب) قد سبقت دعواتهم لكنها قوبلت بالرفض المطلق إلا إذا أراد البراغماتيين منا أن نكون شهود زور على الجريمة ونتحول بذلك لمجرد أدوات بيد قسد ونحن نعلم مسبقا أنه لايمكن بناء شراكة حقيقية على الأرض نستطيع من خلالها أن يكون لنا الكلمة الفصل في إدارة مناطقنا أمنيا وعسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وخدميا كوننا نشكل الأغلبية فالجميع يعلم أن مجرد العمل والقبول بتشكيل مجلس محلي مشترك لايقطع الطريق على ذبابة حتى يقطع الطريق على النظام ،وهذا التدليل يفند حجتهم الضعيفة بضرورة العمل مع قسد أما بالنسبة لتخفيف معاناة أهالينا في المناطق التي سيطرت عليها مؤخرا عصابات الأسد فلا يمكننا بأي حال أن نكسب الطيران الروسي إلا عبر الإنضمام والإنخراط في مايسمى جيش العشائر بقيادة تركي البوحمد وفي هذه الحالة سيساق البراغماتيين والمعطلين على قدم المساواة إلى سجون الأسد كالقطيع من جديد ،ناهيك على أن عودة النظام إلى المنطقة قد تمت عبر اتفاقيات دولية روسية وأمريكية واتفاقيات إقليمية تركية سعودية إيرانية تم العمل عليها منذ سبعة شهور وقد بدأ عملاء النظام بالدخول إلى هذه المناطق وترتيب الاتفاقيات وعقد الاجتماعات مع بعض شيوخ وجهاء العشائر الذين وصلوا إلى دمشق وقد أشرنا إلى ذلك مسبقا وقبل أن تبدأ الحملة العسكرية على المدينة وريفها ،بكل الأحوال عدم القدرة على إنقاذ الضحية أفضل من الإشتراك في قتلها والتصفيق للجريمة..
اترك تعليقاً