عدنان الحسين
وطالب شيوخ العشائر الذين عقدوا اجتماعهم في منبج، وقدموا من منبج وريفها ومن ريف الرقة ومن ريف حلب الشرقي، “قسد”، بإلغاء قرار “التجنيد الإجباري” بحق أبناءهم، وعودة كافة المُهجّرين بالإكراه، من أبناء منبج وصرين والشيوخ والقبة وكافة المناطق التي حدث فيها تهجير متعمّد، أو بسبب العمليات العسكرية.
اجتماع العشائر العربية في مدينة منبج، جاء نتيجة دعوة من شيخ عشيرة البوبنا في ريف منبج الجنوبي، بعد تجاوزات من “قسد” بحق أبناء العشيرة ونسائها، تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب” و”داعش”. وكذلك بعد استمرار اعتقال عشرات الشباب من أبناء المدينة، بعدما نفذوا إضراباً في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، رفضاً لـ”التجنيد الإجباري”، وعدم الافراج عنهم رغم الوساطات المحلية. “قسد” كانت قد جمّدت تنفيذ قرار “التجنيد الاجباري” في منبج، في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد تصاعد المواجهات مع العشائر، إلا أنها ما زالت تعتقل من احتجوا عليه.
اعتقال نساء تحت ذريعة انتمائهن وأبنائهن إلى “داعش” في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، كان المحرك الأبرز لتجمع العشائر في مجتمع يقوم على عادات وتقاليد العشيرة. ومجمل ريف حلب الشرقي هو مجتمع عشائري يحمل أعرافاً وتقاليد تُعتبرُ فيها المراة من الخطوط الحمراء.
تتابع التجاوزات بحق أبناء العشائر، وسط اعتقاد “قسد” بأن الأمور تحت سيطرة سلاحها، كانت بداية لاحتجاج شيوخ العشائر، الذي عُدّ الأبرز والأول من نوعه، في مدينة منبج. وزاد من احتقان العشائر، محاولة عناصر مدججين بالأسلحة، منع وصول شيوخ العشائر إلى مكان انعقاد الاجتماع.
وأقامت “قسد” عدداً من الحواجز في محيط قرى عشيرة البوبنا، كما حاولت منع وصول الوفود القادمة من شرق الفرات، منذ صباح الجمعة وحتى العصر، تحت ذريعة عدم دعوة مسؤولين من “قسد” لحضور الاجتماع. وفرضت “قسد” طوقاً أمنياً حول منطقة الاجتماع في قرية فرس العجور جنوبي منبج، بأكثر من 100 عنصر و40 عربة بينها عربات دفع رباعي محملة برشاشات متوسطة، وعربات هامفي الأميركية، في محاولة لمنع انعقاد الاجتماع.
ومنع منظمو الاجتماع كادر قناة “روناهي”، الذراع الإعلامية لحزب “الاتحاد الديموقراطي”، من تغطية الاجتماع، واجبروه على المغادرة.
ولا يبدو اجتماع العشائر قد عُقد فقط للتداول بشأن التجاوزات والانتهاكات بحق أبنائها، وإنما إيضاً بسبب سوء الوضع المعيشي، والضرائب التي تفرضها “الإدارة المدنية” التابعة لـ”الاتحاد الديموقراطي” على السكان في مناطق سيطرتها، وفرضها نظام الجمارك الذي ضيق بشكل كبير على المدنيين والتجار، ورفع أسعار البضائع. بيان العشائر طالب بإلغاء نظام الجمارك، بشكل كامل، وتسهيل حركة العبور بين كافة المناطق.
التضييق على المدنيين من جهة، والفارين من جحيم المعارك من جهة أخرى، واحتجازهم قسرياً في مخيمات شهيرة بارتكاب الانتهاكات والتجاوزات، وعدم احترام المكون العشائري في المنطقة، هي أمور واظبت “قسد” على القيام بها، ما جعلها من أسباب الاحتقان العشائري.
ويعتبر هذا الاجتماع والبيان الذي صدر عنه، استمرار للحراك المدني الذي لم تتوقف عنه مدينة منبج، منذ اندلاع الثورة. حراك تواصل حتى مع سيطرة “داعش” على المدينة، ما بين 2014 و2016، ويتواصل الآن مع سيطرة “قسد” عليها.
“قسد” لم تَردّ بأي عملية انتقامية، حتى اللحظة، على شيوخ العشائر ومنظمي الاجتماع، كذلك لم تنفذ أياً من مطالبهم. وتحمل الأيام المقبلة تطورات ستوضح مدى جدية “قسد” في تخفيف الاحتقان العشائري ضدها، أو التعنت بقرارتها.
إمكانية تطبيق بيان عشائر منبج وريفها، تبقى سؤالاً معلقاً، يرتبط بقدرة أبناء المنطقة على فرض رأيهم بأمور تتعلق بمصيرهم، كما تتعلق بعاداتهم وطرق حياتهم.
اترك تعليقاً