زبير الشويخ
ساحة مدرسة ابتدائية تهدّمت نصف صفوفها، وتناثرت على سورها المهدّم أحلام طلابٍ لم يزوروها منذ سنوات عدة حتى أصبح غالبيتهم أمّياً. مجموعة من أهالي المنطقة مجتمعين في وسط الساحة، وليس لتسجيل أبنائهم في المدرسة. أحد المبشرين بالديمقراطية الجديدة يتأبط حزمةً من الأوراق المطبوعة، ويقف أمام صندوقٍ مفتوحٍ من المقاعد المدرسية المكتظة بالأهالي مطلقاً صرخاته وشاربيه الكثيفين حتى لا تكاد ترى مصدر الصوت، منتصباً بين المجتمعين يصدر أمراً بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، “الذين أوصلوه لمكانه هذا”، ويبدأ بتذكير المجتمعين بمنجزاته ضد العبودية والرجعية والشوفينية والاستبداد، ودوره في تحرير المنطقة من الإرهاب الأسود، ويكملُ بتأنٍّ الحقن الموضعي للمضاد الحيوي المنمّق بلسان المنظّر السياسي الأمريكي الاشتراكي الشيوعي “مورآي بوكتشن”، وجرعة من مصطلحات القائد التاريخي المنسوخة أصلاً من عرّابه المنظّر، ليقنعهم بضرورة المشاركة في الكومين العظيم لبناء أخوة الشعوب بمنهج التعايش السلمي من خلال الفلسفة الأممية التحررية، وبلغةٍ ثقيلة المفردات مرتجفة المخارج والحروف يعلن تشكيل “مجلس الشعب” لهذا الحي، (نعم أيها القارئ)، مجلس شعب في حيٍّ سكنيٍّ يقع على أطراف مدينة مهترئة المعالم، ولا يتعدّى ساكنوها بضع آلافِ نسمة، وكلُّهم من جَدٍّ واحدٍ.
مبتسماً، يحيّي الحضور ويشكرهم على المشاركة في هذا العرس الوطني والانتخابات الشفافة، ويدعو المشاركين للتسجيل للحصول على كوبون المساعدات الشهرية، ومع خروجهِ من المدرسة يودِّع المنتَخَبين بسرعة، وبحرارة يودّع الرئيس المشترك المنتخب لمجلس الشعب قائلاً: “مبروك هافال”..!
الحرمل
اترك تعليقاً