الأثنين. نوفمبر 17th, 2025

الرقة_بوست -بالسوري الفصيح

 إرحمونا …كفى لعباً بالثورة !!!

العميد الركن أحمد رحال

أربع سنوات ونصف ونحن نعاني من نزيف قيادات في الثورة السورية, نعلم الداء ونعرف الدواء ونصر على المضي قدماً نحو طريق لا يملك مخرجاً واضحاً يحقق أهداف الثورة, رغم أن نظام (الأسد) أصبح في عداد الأموات ورغم ترياق الحياة التي بثته على التوالي كلاً من ميليشيات حزب الله وإيران وروسيا وما نجحت.

الدعوة التي تمت لبعض قادة الفصائل الرئيسية بالثورة السورية أو ممثلين عنهم لتشكيل قيادة سياسية يكون مقرها الداخل, وتحدد علاقتها مع الائتلاف فيما بعد على ألا تكون بديلاً للإئتلاف, هي دعوة غير واقعية عدا عن انها تحمل لوناً واحداً تقريباً وطيفاً فقط من أطياف الثورة, وتحمل معها المتناقضات في طرحها, وتتغافل قصداً عن الحقائق التي أثَرت وأخَرت وعرقلت نجاح الثورة في كافة مراحلها, وتأتي بإعادة مكررة لنفس الأخطاء ونفس العطب الذي أوصلنا لما نحن فيه منذ مؤتمر أنطاليا (المشؤوم).

لا أحد يفهم كيف يمكن الدعوة لتشكيل قيادة سياسية لجسم عسكري يضم كبرى الفصائل وهو غير متوحد, وهو بهذا الشكل لا يزيدنا إلا تفرقاً وتشرذماً وبعداً عن مركزية القرار الذي طالما فقدناه في الثورة وحراكها المسلح, ويبقى مع تلك الدعوة القرارات الفردية لقادة تلك الفصائل كسيد للمواقف, وتكون تلك القيادة السياسية بنفس الوقت غير بديل للإئتلاف, ونتساءل هل يمكن أن يكون هؤلاء عمال مقسم (مثلاً) تنحصر مهمتهم بنقل معاناة وطلبات فصائل الداخل لرجال الإئتلاف ذوي الآذان الصماء ليقوموا بعملهم الذي ما وجدنا منه يوماً ثمرة يمكن أن تشكل نقطة إيجابية واحدة في مسيرتهم لحوالي ثلاث سنوات من عمر هذا الإئتلاف العتيد, أم ترويج وتقديم لوجوه جديدة خبرها السوريين وما زادتهم ألا نقمة عليهم؟؟؟

هناك حقائق لا يمكن تجاوزها … رغم أن نظام (الأسد) وميليشياته أصبح لا يملك من القوة ولا القدرة على فرض أيقاعه على الأرض, لكنه ورغم كل ذلك فهو يملك قيادة مركزية سواءاً كانت للنظام أم إيرانية, تتحكم بتحرك قواتها وفتح جبهاتها ونقل جهودها والسيطرة شبه التامة على كل ما يدور ضمن صفوفها داخل المناطق التي ما تزال تحت سيطرتها, هذا السلاح الخفي ما زال غائباً وبإرادتنا عن صفوف الثورة, وما زلنا نصر عناداً على تغييبه عن مسار ثورتنا رغم أهميته الموضوعية والقتالية, ورغم امتلاكنا لخيرة الضباط المنشقين عن جيش الأسد (أكثر من 5 آلاف ضابط ومن مختلف الرتب والاختصاصات), ونصر على إبقائهم في مخيمات اللجوء التي أٌبعدوا إليها قسراً ومكرهين أو في شوارع عمان واستانبول وانطاكيا كباعة طرقات وعمال محلات, بعد أن تمت (شيطنتهم) عبر نعتهم من قبل البعض (بالأسديين) تارة ومن البعض الآخر (بالكفرة) تارة أخرى, ويصر معظم من أٌوكل مقدرات القرار بالثورة على تغييبهم وتغييب إمكانياتهم ومعرفتهم وخبراتهم في وقت أن الثورة هي أكثر ما تكون بحاجة لتلك القدرات لتوظيفها في معركتها أمام ما جمعه النظام لمحاربة ووأد الثورة.

مرور أكثر من أربع سنوات من عمر الثورة لا تغفر لنا تلك الأخطاء, يجب وبعد كل هذا الزمن الفائت أن نكون قد صقلنا ثورتنا وطورنا عملنا ورفعنا من قدراتنا القتالية للمستوى الذي يجعل الثورة قادرة على المضي بطريق واضح يؤمن تحقيق أهداف الشعب الذي خرج على الظلم واضعاً ثقته بأبنائه لتحقيق مبتغاه.

أكثر من أربع سنوات ونحن نفتقد وبإرادتنا لقيادة عسكرية محترفة تكون صاحبة الشأن والرأي بفتح وإغلاق الجبهات, وصاحبة القرار بنقل وتعزيز الجهود, والقادرة على تحديد مكان وزمان المعارك الضرورية, وأي الجبهات رئيسية وأيها ثانوية, وأين ندافع وأين نهاجم؟؟؟

أكثر من أربع سنوات ونحن نملك مائة رأس للثورة مع مئة قرار, تملك وتصدر قرارات فردية وكثيراً ما كانت تلك القرارات مأساوية وما عادت على شعبنا وأبنائنا إلا بالوبال وومزيداً من أعداد الشهداء, لانها لا تملك قراراً جماعياً يستفيد من كل ما تملكه الثورة من مقدرات وإمكانيات.

أكثر من أربع سنوات وما زلنا نتصرف بردات الأفعال ويتحكم النظام بكثير من معاركنا, يقاتلنا في ريف حماه فنخرج لنصده, يتحول لسهل الغاب فنكون هناك, ينقل المعركة للساحل فنتراكض للوقوف في جبل التركمان والأكراد, يعود لجبهة حمص فنغير وجهتنا شرقاً, يعود لجبهة حلب فنوقف معارك سهل الغاب لنكون خطاً دفاعياً في معارك الجنوب الحلبي ولنستعيد ما سيطر عليه النظام, وكأننا خُلقنا لنتراكض في الأماكن التي يختارها النظام زماناً ومكاناً للمعركة, رغم أن أحد أهم مبادئ المعركة للقائد العسكري الناجح, ألا يخوض حرباً يحدد مكانها وزمانها من قبل العدو إلا مجبراً, وعليه بالمناورة وتغيير الظروف بتلك المعركة لأن عدوه قد احتاط لها واستعد واختار ما يناسبه.

نحدد الداء ونعطي الدواء …

المطلوب الآن الدعوة لقيادة عسكرية موحدة لكامل الحراك المسلح للثورة من شمالها لجنوبها ومن غربها لشرقها, ولكل فصيل يعتبر سقفه مطالب الشعب السوري ويعمل لتحقيق أهدافه, وتلك القيادة لا تشكل خرقاً لقيادات الفصائل ولا تمس ملكوتهم ولا سلطانهم, بل تكون صاحبة الكلمة الفصل بقرار فتح الجبهات, عبر غرفة عمليات مركزية تنتج خططاً عسكرية, وتحدد من خلالها مواقع الهجوم والدفاع, وتكون صلة الوصل (خارجياً وداخلياً) وجهة الدراسة التي تؤمن مستلزمات المعركة, تحدد طبيعة التوضع (للصديق والعدو) وتستطلع إمكانيات النظام, توزع القوى والسلاح وفق دراسة وعلم عسكري يحقق الاستفادة من كل مكونات الثورة, وتخرج بخطط عسكرية تتناسب مع المتوفر والموجود, وتضعها بخدمة قادة الفصائل الملزمون بقراراتها من حيث قرار الحرب, باستثناء عمليات الدفاع عن النفس التي تعطى صلاحياتها للجميع ووفق مقتضيات الموقف.

منذ بداية الثورة ونحن نتلقى نصائحاً معظمها كان ملزماً, ويفرض علينا قرارات واجبٌ تنفيذها تحت طائلة المنع في حال الرفض, وتفرض علينا شخصيات قد لا تلائم تطلعاتناوتخدم قضايانا, قد تكون نواياها طيبة أنما قد لا تناسبنا, فالقفطان المغربي لا يناسب أهل الشام والبرنص الليبي لا يناسب بلاد الخليج, وأهل مكة أدرى  بشعابها وسلالتها, وأهل سوريا أدرى بطريقة عملهم وتوجهاتهم وقيادتهم وتجمعاتهم وتوحدهم وطريق خلاصهم.

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *