Views: 66 رياض سلامة: حاكم لبنان ومصرفه – الرقة بوست-Raqqa Post

رياض سلامة: حاكم لبنان ومصرفه

خلال يوم واحد، أصدر حاكم مصرف لبنان قرارين انعكسا بشكل سريع على سعر الصرف، الأول رفع سعر الدولار المصرفي من 3900 ليرة لبنانية الى 8 آلاف، والثاني طلب من الشركات المستوردة للنفط تأمين 15 بالمئة من الأموال اللازمة لاستيراد النفط من خلال السوق. قراران رفعا سعر صرف الدولار من 23 ألف ليرة ليقترب من 26 الفاً. ومع الارتفاع في سعر الصرف، ترتفع كل الأسعار بحيث صارت معظم المواد في السوق عصية على الناس، واستحالت كل الرواتب مصروف جيب لا يُطعم أحداً.

من غير المفهوم كيف يتصرف سلامة ووفقاً لأي سياسة مالية. مثل هذه القرارات عادة تُتخذ بأوسع نطاق ممكن من التوافق السياسي، نظراً لانعكاسها على الاقتصاد والمالية العامة للدولة، ومن ثم الاستقرار العام. لكن الرجل الذي ما زال على رأس مصرف لبنان رغم الانهيار المتواصل في العملة وافلاس القطاع المصرفي، أقوى من أن يُحاكم أو يُسأل، لا في الحكومة ولا في البرلمان ولا في الاعلام حتى، إذ أن هناك صحافيين كثراً ومؤسسات كبرى في جيبه، يحمونه كأنه شريك للناشر أو مساهم رئيسي في المؤسسات المالكة للتلفزيونات.

يبدو لبعض الناس أحياناً أن الرجل يُنافس “حزب الله” بالقوة والتسلط. كم “7 أيار” ارتكب فينا الى الآن، من الهندسات المالية الى الانهيارات المتتالية في العملة؟ الرجل عصي على أي استهداف سياسي واعلامي وشعبي له. حتى الولايات المتحدة جنّدت سفيرتها للدفاع عن رياض سلامة حين تعرض للاستهداف. الجوائز التي جمعها تُحيل غازي كنعان ورستم غزالة ومفاتيح العاصمة في جيبهما، الى قزمين أمام قامته “العملاقة”. لا قانون ولا سياسة ولا مال ولا بلد ولا انهيار ولا تحقيقات دولية تهزه. هو فوق اللعب كله من السياسة والاحتجاج إلى القانون والتحقيقات. يجلس فوق الكل، في غيمة ثابتة لا تنفك تُمطر انهيارات ومصائب، ولا يطالها أحد.

كان يُراقبهم جميعاً ويُدير العمليات كالمايسترو، يضخ اليهم أموال المودعين بلا رقابة، ومن ثم أنزل عليهم أرباحاً خيالية بالهندسات المالية. حتى بعد الانهيار وحجز الودائع، لم تبق وديعة لسياسي كبير إلا وحولها الى الخارج. نصف مليار أو بضع مئات من الملايين، لا يهم. المهم أن ودائع كبار السياسيين خارج دائرة الاستهداف، وبالتالي هم معزولون عن الانهيار وغير معنيين به كأفراد، لا بل هم من مجموعة المستفيدين، إذ ارتفعت قدرتهم الشرائية للسلع والخدمات والبشر على حد سواء. وفقاً لأحد التحقيقات الاستقصائية السويسرية (غير المنشورة)، كانت طائرات خاصة لسياسيين لبنانيين تُنظم رحلات بوتيرة غير معتادة الى سويسرا. من كان يتنقل في هذه الطائرات الخاصة؟ الأكيد ليس مالكوها فحسب، بل حملت أقطاباً سياسيين الى الخارج للمساهمة في نقل الودائع إما من خلال فتح حسابات جديدة أو الاطمئنان الى حسن سير العملية.

وهذه عمليات كلها معلومة لديه. هو يحمل مفتاح خزانة الهياكل العظمية لهذه الطبقة السياسية، ولديه الخريطة الكاملة لدهاليز ممارساتها المالية.

لهذا السبب، لم يكن هناك داع للهلع، إذ بالإمكان أن يتصرف الحاكم بوضوح ومن دون خوف طوال الوقت. الحوالات قيد التحقيق في الخارج، هائلة بحجمها وواضحة. صحيح أن سلامة يُريد اقناعنا دوماً بنجاحه الباهر في إدارة أمواله الخاصة لتصير بهذا الحجم، لكننا مقتنعون غالباً بفشله وقد رأيناه بوضوح لا لبس فيه.

لكن السؤال لم يعد متى يُحاسب أو يُسأل الحاكم، بل متى يتوقف؟ هل ثمة حلقة أخيرة من هذا المسلسل المأساوي المؤلم؟ الإجابة طبعاً ليست عند الساسة، بل لدى ملايين الضحايا الصامتين.


Posted

in

by

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »
best microsoft windows 10 home license key key windows 10 professional key windows 11 key windows 10 activate windows 10 windows 10 pro product key AI trading Best automated trading strategies Algorithmic Trading Protocol change crypto crypto swap exchange crypto mcafee anti-virus norton antivirus Nest Camera Best Wireless Home Security Systems norton antivirus Cloud file storage Online data storage