Views: 279 حين يُحرَق المغتربون الأتراك في ألمانيا والسوريون في تركيا! – الرقة بوست-Raqqa Post

حين يُحرَق المغتربون الأتراك في ألمانيا والسوريون في تركيا!

أرجومانت أكدينيز/ ترجمة: فارس جاسم – مركز حرمون للدراسات المعاصرة

لقي ثلاثة عمّال بناء سوريين مصرعهم حرقًا، في الملجأ الذي كانوا ينامون فيه، في مدينة إزمير. وعلم سكان إزمير بهذه الحادثة الشنيعة التي وقعت في منطقة (غوزال باهشة) بعد 35 يومًا من وقوعها. أي لم يكن أحد يعرف أن ما حدث هو جريمة قتل جماعية مخطط لها، حتى اعترف القاتل بذلك.

لماذا بقيت جريمة القتل البربري هذه خفيّة، ولم يُكشف عنها طوال 35 يومًا؟

يجب أن نطرح السؤال “لماذا” معًا، وبقوة أكبر. لأنه لو لم يُقبض على القاتل، بتهمة طعن أشخاص، ولم يعترف بأنه قتل سوريين بشكل جماعي، ربما كان ستُسجل هذه الجريمة الشنيعة على أنها مجرد “حريق”، وتُغلق القضية.

أتساءل هل كان المتهم بالقتل، الذي اعترف بأنه خطط وأحرق العمال اللاجئين، هو من خطط لهذه الجريمة وحده؟ لأن الإفادة التي أدلى بها هي مربكة. فبحسب ما أوردته الصحف، وبحسب ما صرح به المحامون المدافعون عن اللاجئين، قال المعتدي خلال إفادته إنه كان قد خدم في الجيش بداية الألفية، وعمل مدةً من الزمن لصالح قيادة استخبارات الدرك ومكافحة الإرهاب، وإنه قد تلقّى تعليمات بوجوب “تصفية” تصفية هؤلاء السوريين [الثلاثة]. وعلمنا أيضًا أنه طُلب تقرير طبي لمعرفة هل المتهم هو مريض عقليًا أم لا، وذلك بعد الاستماع لأقواله. ومع ذلك، بغض النظر عن هذا الوضع، فإن الأسئلة التالية بحاجة ماسة إلى توضيح:

حتى لو كان المتهم بالقتل مريضًا عقليًا، فهل عمل حقًا مع “قيادة استخبارات الدرك ومكافحة الإرهاب في الماضي”، وهل تورط في أعمال من خلال أخذ التعليمات؟ وهل كانت هناك أسئلة مماثلة، عندما قُتلت دينيز بويراز، أمام مبنى حزب الشعوب الديمقراطي في إزمير؟

إن توضيح هذه الأسئلة دون تأخير مهمٌّ أيضًا من أجل الكشف عن آلة القتل التي تقتل الناس، سواء عمدًا أو نتيجة خلل عقلي، (والقوى التي تقف وراءها)، ومن أجل إيقاف هذه الآلة. ولهذا السبب، فإن عملية متابعة القضية وممارسة الضغط يجب أن تحظى بالاهتمام من الجميع.

العمال الثلاثة الذين قُتلوا حرقًا في إزمير هم: مأمون النبهان 23 عامًا، وأحمد العلي 21 عامًا، ومحمد البيش 17 عامًا فقط. هؤلاء العمال اللاجئون غير منتسبين إلى النقابات العمالية، ويعملون ساعات طويلة دون ضمان اجتماعي أو تأمين، إلى جانب العمال المحليين الذين أُجبروا على العمل في وظائف ثانوية. وإضافة إلى ذلك، يُعامل هؤلاء العمال اللاجئون على أنّهم يقبلون ظروف العمل الاستغلالية وغير الإنسانية، وكأن أرباب العمل لا علاقة لهم بذلك! وإن استخدام العداء للاجئين في المنافسة على العمل ما هو إلا دعاية “شوفينية”، تقوم بإحداث الانقسامات بين العمّال. وإن هذه الشجرة الدعائية الخطرة في بعض الأحيان تؤتي ثمارًا على شكل عنف أو جرائم دموية. في هذا الصدد، يجب على العمال الرائدين والنقابات طرح فكرة اتحاد العمال المحليين والعمال المهاجرين، أكثر من أيّ وقت مضى.

عمليات قتل اللاجئين لا تقتصر على مدينة إزمير؛ فخلال السنتين الماضيتين، حدثت عمليات قتل عنصرية مشابهة، في كثير من المناطق. حمزة عجان (17 عامًا)، مؤيد الملحم (24 عامًا)، عبد القادر داوود (21 عامًا)، صلاح الدين الحسن الجنيد (27 عامًا)، أيمن الحمامي (16 عامًا)، محمد الخالد (20 عامًا) محمد ديب الحريح (27 عامًا)، كلهم عمال سوريون قُتلوا. وفي الفترة نفسها، برزت حوادث قتل عمال أفغان أيضًا، وأشهر تلك الحوادث هو الراعي الأفغاني خليل أوزبك (19 عامًا) الذي قُتل برصاصة بندقية، وألقيت جثته في بئر في مدينة كرمان، وذلك لمطالبته بمبلغ 150 ليرة تركية! لا نعرف عدد جرائم قتل اللاجئين التي لم تظهر في وسائل الإعلام، لكن البيانات المعروفة تُظهر المدى المخيف الذي وصل إليه قتل اللاجئين في تركيا. لا يمكننا الهروب من هذا الواقع! يجب أن نواجه هذا الواقع كـ مجتمع، ونرفع مستوى الوعي، ونوعي الشعب، ونضع حدًا للعنصرية والعداء تجاه اللاجئين، ويجب أن يكون هذا من واجباتنا الأساسية.

هنا، أودّ أن أفتح قوسًا لقضية علي الحمدان. وهو عامل في قطاع النسيج عمره 17 عامًا، قُتل برصاصة شرطي في أضنة. ولولا إصرار جمعية المحاميين المعاصرين، ونقابة المحامين في أضنة، وجهودهما، ولا سيما المحامي “توغاي بك”، لكانت هذه القضية منسيّة. لأن الضغوط السياسية كانت على درجة يمكنها أن تمنع حتى عائلة الضحية من حضور جلسات المحاكمة. لكن في النهاية، حُكم على القاتل بالسجن المؤبد ثم 25 عامًا. وأصبح هذا القرار النموذجي مثالًا قويًا للدفاع عن حقوق اللاجئين والتضامن مع اللاجئين. ومن الواضح أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل، من أجل إظهار هذا الموقف في جميع الجرائم التي تكون ضد اللاجئين. لذلك، تحتاج نقابات المحامين واللجان التي تهتم باللاجئين إلى العمل بتنسيق أكبر. وعلى النقابات والقوى العمالية والديمقراطية زيادة ضغط الرأي العام.

“يا ألمانيا العظيمة، لا نريد منك شيئًا سوى أن تعيدي ابني البالغ من العمر 21 عامًا، أو أن تغيري اسم الشارع”.

هذه الصرخة المؤلمة هي لـ الأب “إسماعيل يوزغات” المفجوع بمقتل ابنه، وذلك خلال تعبيره عن ألمه في المحكمة الألمانية في أثناء محاكمة النازيين الجدد الذين قتلوا ابنه. وقد كان الأب هو أوّل شاهد على مقتل ابنه “خليل يوزغات”، بالرصاص. لكن المطالبة بالعدالة طوال الخمس سنوات، لم تأتِ بنتيجة، حتى إنه لم يُسمح بتسمية الشارع الذي قُتل فيه الابن باسمه. وقد ألّف الكاتب “يوجل أوز ديمير” الذي تابع قضايا النازيين الجدد كتابًا عن الجرائم التي ارتكبتها هذه الحركة، وأنصح بقراءة هذا الكتاب. وأصبحت مدينة سولينجن رمزًا للمغتربين الأتراك الذين قُتلوا خلال حرق بيوتهم. تلك المدينة يزورها الآلاف كل عام، من أجل إحياء ذكرى مقتل الأتراك، وتُوضع الزهور والأكاليل، وتُلقى الخطابات التي تستذكر تلك الحادثة. هذا لأن المجتمع الألماني فيه من يناصر المهاجرين أيضًا.

لننتقل إلينا.. إلى تركيا.

حسنًا، هل يمكننا الآن تحويل ذلك المأوى المحترق في (غوزال باهشة) بمدينة إزمير، إلى “متحف العار”؟ أو هل يمكننا تسمية ثلاثة شوارع في (غوزال باهشة) باسم العمال اللاجئين الثلاثة المقتولين؟ هل سيزور سكان إزمير قبور اللاجئين الثلاثة؟ هل سنقوم بزيارة الجمعيات والأحياء السورية من أجل تعزيتهم؟ هل ستتمكن النقابات من توزيع منشورات باللغتين التركية والعربية على العمّال؟ إذا أردنا رسم خطوط عريضة بيننا وبين “الشوفينية”، فيجب أن نكون قادرين على رفع سقف النقاش إلى هذا المستوى.

على الرغم من حادثة (غوزال باهشة)، لا يزال هناك من يستطيع أن يقول “كل شخص آمن في وطنه”، “ما حصل هو أمر جيد، يجب أن يعود السوريون إلى ديارهم”! ولهذا السبب، نعلم أن مهمتنا ليست سهلة. ومن الضروري توعية الشعب أكثر، من أجل كسر الشوفينية البرجوازية. وإضافة إلى ذلك، هناك شريحة لا تتحمل الجدال، عندما يتم تشبيه الظلم الذي يواجهه المغتربون الأتراك في ألمانيا، بالظلم الذي يواجهه السوريون في تركيا. بحسب هذه الشريحة، فإن المغتربين الأتراك في ألمانيا هم مهاجرون لديهم وثائق رسمية، على حين أن السوريين هم أناس هربوا من سورية بدلًا من القتال فيها، أو هم لاجئون لا يملكون وثائق رسمية وليس لهم أي حقوق. لهذا السبب، قد لا تكون ردة الفعل تجاه حرق السوريين في تركيا، كما كانت تجاه من أُحرقوا من المغتربين الأتراك. وها هنا تنفصل الإنسانية عن الضمير. ولهذا السبب، من الضروري شرح “نظام الهجرة الجديد” الذي تتبعه الإمبريالية، للبشرية جمعاء. لأن نظام الهجرة الجديد يهدف إلى إبعاد اللاجئين عن الاتحاد الأوروبي، وحصرهم في “دول المستودعات”، مثل تركيا وليبيا، لعشرات السنين، دون إعطاء أي حقوق، وذلك مقابل صفقات اليورو. لذلك، سيتغير الوضع عندما يدرك من يبكي على المغتربين المحترقين، ويسخر من السوريين المحترقين، أنهم يتحوّلون إلى المجتمعات التي يريد نظام الهجرة الجديد خلقها.

أخيرًا، دعونا لا ننسى أن المعارضة البرجوازية منخرطة بقوة في جوقة أولئك الذين يؤججون كراهية الأجانب في المجتمع. و”الحزب الجيد” هو السفينة الرائدة في هذا الصدد. هل الأحزاب المتحالفة التي تشمل مناهضة اللاجئين في حلفها ستوفر الديمقراطية لتركيا؟ ماذا عن قرار رئيس بلدية بولو، التابع لحزب الشعب الجمهوري، ومجلس البلدية؟ إن السياسات التي تضع بدلًا رادعًا قدره 100 ألف ليرة تركية لزواج المهاجرين، وحساب مؤشر استهلاكهم للماء بالدولار، تزيد من عداء المجتمع للاجئين، وتفتح الباب أمام العنف. وإن بيئة الكراهية هذه هي التي تغذي كل شخص يرتكب تلك الجرائم، سواء كان يُشك في صحته العقلية أم لا. لذلك، يجب القيام باستجواب ذاتي، إذا أردنا أن نواجه أنفسنا ونطلب المسامحة.

عنوان المادة الأصلي: Almanya’da gurbetçiler, Türkiye’de Suriyeliler yakılırken

جهة النشر: صحيفة evrensel

تاريخ النشر: 26/12/2021

الكاتب: رئيس حزب العمال والكاتب الصحفي “أرجومانت أكدينيز”

عدد الكلمات: 1218 كلمة

الرابط: https://bit.ly/3mNTHRv


Posted

in

by

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »
best microsoft windows 10 home license key key windows 10 professional key windows 11 key windows 10 activate windows 10 windows 10 pro product key AI trading Best automated trading strategies Algorithmic Trading Protocol change crypto crypto swap exchange crypto mcafee anti-virus norton antivirus Nest Camera Best Wireless Home Security Systems norton antivirus Cloud file storage Online data storage