الأثنين. نوفمبر 17th, 2025

الرقة بوست – بعيداً عن السياسة

جـيـن ديــغــمــبـــي

الليدي الارستقراطية التي عشقت الشرق

معبد الحسون

امرأة ارستقراطية انكليزية، جميلة مثقفة وذكية وغنية..واستثنائية بكل المقاييس،  جعل منها “بلزاك” بطلته في روايته (زنبقة الوادي) وكتبت عنها الأديبة السورية إلفت الإدلبي قصتها ” المنوليا في دمشق “، استهوتها العلاقات الغرامية والمغامرات التي استطاعت من خلالها قتل الروتين والملل الذي كانت تعيشه..

قررت جين ديغمبي بعد أن قضت شطرأ من حياتها الحافلة بالمغامرات في انكلترا، زيارة الشرق وتحديداً مدينة تدمرالأثرية التي قرأتها في الكتب عنها وعن ملكتها زنوبيا.. وجاءت فعلاً..كانت عشيرة “المصرب” في العام 1852 مسيطرة على طريق البادية من حمص ودمشق إلى تدمر التي كانت مقصداً للسياح الأجانب، حيث تتكفل هذه العشيرة بإيصالهم وإرجاعهم بأمانٍ بمقابل مادي، ولقد رافقها في رحلتها تلك الشيخ(مجول المصرب) بقافلة من الفرسان.. وفي الطريق، وعند وصول القافلة إلى موقع يسمى وادي المنصف قرب بلدة أرك، داهم القافلة غزو من العربان، فخافت وأخذت بالصراخ والاستغاثة فطمأنها الشيخ مجول وأخبرها بأنها في أمان.. وبدأت من يومها قصة حب بينهما، فتزوجا رغم أنه يصغرها بعشرين عاماً، حيث كان عمرها وقتذاك خمسةً وأربعين عاماً..

أقامت مع زوجها في الصحراء، وارتدت الثياب البدوية وأصبحت بارعة في حلب الناقة وجلب الحطب وخض الحليب..وقضت وقتها في مداواة المرضى والعناية بالخيل وإرشاد النساء، فحازت على إعجاب البدو..ولكن كان أشد ما لفت أنظارهم إليها جمالها وبياض بشرتها، حتى سموها (أم اللبن) ولم تقم (الليدي أم اللبن) خلال هذه الفترة بزيارة بلدها إلا مرة واحدة عام 1856..وقد امتلكت من الإبل مايقارب المائتين وخمسين ناقةً وجملاً ،وكان لهم علامة مميزة تميزهم..

كانت هناك تقاريرقد وصلت للقنصل الإنجليزي في دمشق عام 1861، تشير بأن إبلها تعرضت إلى غزو من إحدى القبائل فنهبوها.. فقامت بالشكوى للوالي العثماني في الشام مطالبة الدولة بالتعويض عن ثمن الإبل، لأنها المسؤولة عن الحماية، فقام الوالي بإرسال الجند لمهاجمة تلك القبيلة واستعادة بعض إبل السيدة التي تحمل وسمها..بعد ذلك ابتاع لها الشيخ مجول قصراً في مدينة حمص، وأقاما معاً فيه ثلاث سنوات، إلى أن قررت (الليدي)الإقامة في دمشق.. فانتقلا معاً إلى دمشق وابتاعت فيها منزلاً في منطقة “القيمرية”، وكانت تقضي فصل الصيف في هذا المنزل، في حين لم تنقطع عن البادية..
في دمشق أقامت علاقات مع نساء الطبقة العليا..وكانت تجتمع مع الأميرعبد القادرالجزائري، ومع مفتي الديارالشامية الشيخ محمود الحمزاوي..مع العلم بأنها رفضت فكرة اعتناق الإسلام، وكانت ملتزمة بأمورها الدينية في الكنيسة وزيارة رجال الدين المسيحيين.. حتى أن بيتها تحول للاجئين الذين تعرضوا للاضطهاد أثناء ماسمي بـ “طوشة النصارى”..وكانت حراستها الخاصة عبارة عن مجموعات من البدو الذين كانوا يلازمون منزلها..

توفيت بمرض الكوليرا، وحضر جنازتها أعضاء السلك الديبلوماسي البريطاني يتقدمهم القنصل في 11/آب/ 1881، ودفنت في مقبرة البروتستانت في دمشق، وكتب على قبرها بالعربية: (مدام دغبي المصرب)، حيث لايزال قبرها شاهداً حتى اليوم ..وعاش الشيخ مجول بعدها ست سنوات ثم توفي .

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *