سوريا: المعارضة تتهم «وحدات الحماية الكردية» بالخيانة بعد هجوم عليها تزامن مع قصف جوّي روسيّ
قوات مدعومة أمريكيا تشتبك مع فصائل إسلامية في الشمال
حلب ـ «القدس العربي» ـ من مصطفى محمد: لم يكد صوت الاشتباكات يهدأ في محيط مدينة عفرين شمال حلب، بموجب اتفاق سابق على وقف إطلاق النار بين قوات المعارضة من جهة، ووحدات الحماية الكردية وحليفها جيش الثوار من جهة أخرى، قبل نحو عشرة أيام من الآن، حتى اندلعت اشتباكات بين الطرفين السابقين، بوتيرة أقوى من ذي قبل، كان مسرحها «المالكية وشوارغة» المحاذيتان لمدينة اعزاز من الجهة الغربية.
وبينما تبدو الأيام القادمة حبلى بتطورات قد تؤجج حدة الصراع، فإن المأساة الإنسانية للمدنيين قد تتخذ أوجها متعددة، لا سيما عند النظر إلى إغلاق الحدود التركية، وإلى اكتظاظ المدن القريبة من ساحة الصراع بالمدنيين، حيث تشير آخر التقديرات غير الرسمية إلى وجود حوالى مليون نسمة في عفرين لوحدها نصفهم من النازحين العرب، الذين وجدوا في المدينة التي تقطنها غالبية كردية ملاذاً آمناً، ولم تخف مصادر محلية تخوفها على مصير النازحين العرب في مدينة عفرين، في حال قررت المعارضة شن هجوم واسع على مدينة عفرين، وبحسب المصادر نفسها فإن ما يزيد من حجم مخاوفها هذه، ممارسات تهجير ممنهجة ضد المكون العربي، اتهمت «الوحدات الكردية» بارتكابها في الحسكة والرقة وعلى طول الخطوط الحدودية التركية السورية التي شهدت تراجعاً لسيطرة تنظيم «الدولة».
وفي الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء حول الطرف الأول الذي قام بخرق وقف إطلاق النار، يتهم كل طرف الآخر بخرق البنود التي حددها اتفاق سابق جاء استجابة لمبادرة كان قد أطلقها مجلس الشورى والصلح في مدينة حلب «حقناً للدماء»، نصت على إطلاق سراح المعتقلين بين الطرفين، وإفساح المجال لجيش الثوار حليف الوحدات، لقتال تنظيم «الدولة» إلى جانب قوات المعارضة، وفك الحصار عن مدينة عفرين والشيخ مقصود. ووصفت المعارضة في بيان لها هجوم الوحدات الذي أسفر عن مصرع ستة عناصر للمعارضة في قرية شوارغة التي كانت تسيطر عليها المعارضة بـ»الخيانة الجديدة»، متهمة «الوحدات» بممارسة التضليل الإعلامي لكسب التعاطف الشعبي والدولي، وذلك بتصوير جثث القتلى على أنهم عناصر من «جبهة النصرة»، و»أحرار الشام».
واتهمت المعارضة في بيان لها وصلت لـ»القدس العربي» نسخة عنه، «الوحدات» الكردية ومن والاها بخرق بنود الاتفاق، وبمسؤولية التصعيد المقصود المتزامن مع القصف الروسي على مواقع المعارضة، على حد وصف البيان
بدورها أصدرت وحدات حماية الشعب بياناً مماثلاً أكدت فيه أن موقفها هو موقع المدافع عن نفسه في وجه الاعتداءات التي تتعرض لها، منوهة إلى اعتزامها إلغاء بنود اتفاق وقف إطلاق النار السابق في حال استمرت هجمات من وصفتهم بـ»المجاميع» على عفرين.
وتعقيباً على ذلك أكد مراسل شبكة «شام» الاخبارية عمر حافظ، قيام «جيش الثوار» مدفوعاً من «الوحدات» بهجوم مباغت قبل يومين من الآن، على معسكر المالكية وقرية شوارغة التي تبعد عن مدينة اعزاز حوالى سبعة كيلو مترات فقط، مضيفاً لـ»القدس العربي»:»كان هذا الهجوم متزامناً مع توجيه المقاتلات الروسية ضربات على مقار للمعارضة».
وأوضح حافظ القريب من ساحة الأحداث أن «الوحدات تدفع بجيش الثوار إلى الموت كي تنفذ سياساتها التوسعية، الساعية إلى وصل مناطق سيطرتها في عفرين بمدينة عين العرب (كوباني)»، لافتاً إلى انتقال المعارك هناك إلى غرب نهر الفرات.
ونفى المراسل في حلب وريفها وجود «جبهة النصرة» في المعارك التي تدور، ويرى حافظ في الزج باسم «النصرة» من قبل «الوحدات» الكردية في كل التقارير الإعلامية والبيانات الرسمية ، محاولة تهدف إلى كسب ود المدنيين الأكراد، الذين باتوا يضيقون ذرعاً بتصرفاتهم، وإلى تأليب الرأي العام الدولي المتعاطف مع الأقليات السورية، لخلق سيناريو مشابه لسيناريو عين العرب (كوباني ) في عفرين، كما قال.
وقال متحدث باسم تحالف قوات سوريا الديمقراطية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن التحالف الذي يضم مقاتلين من الأكراد والعرب وتدعمه الولايات المتحدة حقق تقدما في مواجهة مسلحين إسلاميين في شمال سوريا، امس الجمعة، بسيطرته على قرية واحدة على الأقل في محافظة حلب.
وقال العقيد طلال سلو المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية لرويترز إن مقاتليه سيطروا على قرية تنب قرب مدينة أعزاز بعد اشتباكات عنيفة مع «جبهة النصرة» و»حركة أحرار الشام». وأضاف «تم تحرير تنب».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات سوريا الديمقراطية سيطرت أيضا على قرية طاط مراش. وقال سلو إنه لا يمكنه تأكيد هذا الخبر.
يأتي هذا بعد أيام من انتزاع التحالف السيطرة على سد من قبضة تنظيم «الدولة» إلى الشرق ليقطع عنه أحد طرق إمداده الرئيسية عبر نهر الفرات.
ومنذ تشكل التحالف المدعوم من الولايات المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي شن مقاتلوه العديد من الهجمات ضد الدولة الإسلامية بهدف السيطرة في النهاية على مدينة الرقة.
وتخوض قوات التحالف قتالا منفصلا منذ أسابيع ضد «جبهة النصرة» و»أحرار الشام» وفصائل مسلحة أخرى في محافظة حلب بشمال سوريا.
وتضم قوات سوريا الديمقراطية وحدات حماية الشعب الكردية التي تمثل أكثر الشركاء فعالية على الأرض للغارات التي تقودها الولايات المتحدة.
ويرجح أن تزيد مكاسب الأكراد حول أعزاز المتاخمة للحدود التركية من قلق أنقرة من النفوذ الكردي قرب الحدود. وتقاتل أنقرة حملة مسلحة لحزب العمال الكردستاني في مناطق بجنوب شرق تركيا.
وتغيرت الاستراتيجية الأمريكية في سوريا في 2015 من محاولة تدريب آلاف الجنود خارج البلاد إلى إمداد جماعات تقودها شخصيات تثق بهم واشنطن بالدعم.
ويقدر الجيش الأمريكي أن قوات سوريا الديمقراطية سيطرت على نحو 1000 كيلومتر مربع من الأراضي خلال الأسابيع الستة الماضية أو نحوها مدعومة بغارات من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
جاء ذلك فيما قال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان خلال زيارة لقاعدة عسكرية في الأردن إن فرنسا نفذت ضربات جوية في وقت مبكر أمس الجمعة ضد مواقع نفطية في سوريا بالقرب من مدينة الرقة معقل تنظيم «الدولة».
وكانت فرنسا أول دولة تنضم للضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في العراق. ومنذ هجمات باريس في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر التي أعلنت الدولة الإسلامية المسؤولية عنها زادت فرنسا ضرباتها الجوية للتنظيم في سوريا وركزت على الرقة والأهداف التي لها صلة بالنفط.
وقال لو دريان للجنود والصحافيين في القاعدة العسكرية في الأردن التي انطلقت منها الطائرات الحربية الفرنسية ميراج 2000 في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة لشن الضربات «تلقيت إفادات بشأن العمليات التي تمت خلال الليل ولا بد أن نستمر في هذا الاتجاه.»