الرقة بوست – خاص
الجزء الأول
بمناسبة وفاة ” حرشو البرازي ” في 22 كانون الأول 2015 الفائت ..
ذكرى اغتيال الرئيس السوري ليومين فقط ، العقيد سامي الحناوي
محمد سامي حلمي الحناوي (1898 ـ 1950) ، عسكري وسياسي ولد في إدلب ودخل المدرسة العسكرية بدمشق بعد تخرجه من دار المعلمين ؛ تخرج من المدرسة العسكرية برتبة ملازم ثانٍ عام 1818 أثناء الحرب العالمية الثانية . ألحق بالدرك الثابت ورقي إلى رتبة سنجق لواء (عقيد) وشارك في معارك فلسطين عام 1948 .
في يوم 14 آب (أغسطس) 1949 قام الحناوي بانقلابه الشهير على الضابط الإنقلابي الأشهر في سوريا : حسني الزعيم ، فاعتقله هو ورئيس وزرائه الدكتور ” محسن البرازي ” ، حيث وقّع على قرار إعدامهما معاً بعد محاكمة صورية سريعة ، ثم تقلد بنفسه منصب رئيس الدولة السورية ، وظل منصب الرئاسة بيد الحناوي ليومين فقط ، حيث قام بتسليمه بعد ذلك للرئيس ” هاشم الأتاسي ” .
وبتاريخ 16 كانون الأول/ 1949 وجه اللواء سامي الحناوي دعوة إلى خمسة من كبار الضباط للاجتماع به لمناقشة موضوع الاتحاد السوري ـ العراقي، وأحس هؤلاء الضباط بأن حضورهم يعني وضعهم تحت سلطة قائد الجيش ليفرض عليهم ما يشاء، فاتخذوا التدابير اللازمة لاعتقاله، وبالفعل فقد تم اعتقال
العقيد الحناوي وأسعد طلس ، أبرز معاونيه ، وآخرين من أنصارهما، وكان هذا الانقلاب الثالث بقيادة الضابط أديب الشيشكلي . في هذه الفترة برزت شخصية ” حرشوالبرازي ” ، أحد أقرباء الدكتور محسن البرازي المرشحة للانتقام الشخصي من العقيد سامي الحناوي وأخذ الثأر للدكتور البرازي ..ولقد ترصد حرشو البرازي غريمه الحناوي لمدة أشهر في منفاه في بيروت حيث كان يقيم ،فاغتاله باطلاق الرصاص عليه من مسدسه في 30 تشرين الأول عام 1950 .
الدكتور محسن البرازي (ولد في حماة 1904 ـ وأعدم في دمشق عام 1949) :محام وأكاديمي وسياسي سوري تولى منصب رئيس الوزراء بعد انقلاب العقيد حسني الزعيم . ينتمي إلى عائلة البرازي الكردية المعروفة ، وحاصل على شهادة القانون من جامعة ليون في فرنسا . وكان استاذاً وشخصية مرموقة ومشاركة في تأسيس عصبة صبري العسلي والسياسي زكي الأرسوزي والفيلسوف قسطنطين زريق . وكان لهذه العصبة دور في الدعوة إلى إلغاء الانتداب الفرنسي والإنكليزي على البلاد العربية والدعوة إلى الوحدة الاقتصادية العربية .
من هو حرشو البرازي ، قاتل سامي الحناوي ..؟
هو “محمد أحمد باكير البرازي ” … ولقبه حرشو ، ومعناه الدب باللغة الكردية.. وقد أطلق هذا اللقب عليه لدرء الحسد عنه كما كان المعتقد آنذاك .. تابع تحصيله العلمي بين حماة ودمشق وبيروت وقد ورث عن أبيه الكثير من الأملاك إلى الدرجة التي كان يقال فيها إن إنتاج آل البرازي من الحبوب يكفي بلداً كلبنان .. غير أن الرجل رغم ثقافته التي حصّلها انصرف إلى عالم الفروسية و تربية الخيول في أكثر من مزرعة كان يملكها إلى جانب عنايته بموهبته في الرمي الذي برع فيه ، حيث قال عن نفسه في حوار أجرته معه فضائية “الجزيرة” ما معناه : ( كنت قادراً على قص الإبرة المشكولة فوق رأس أي شخص..) .
ولقد تحققت نبوءة والده في أن يكون ابنه البكر شجاعاً ، فلقد عُرف بأنه “قبضاي حماه” ..
ومما يروى عن حرشو أنه كان قوي البنية ،طويل القامة ، ذا نظرات ثاقبة .. بل إنه كان شديد الاعتداد بنفسه، شجاعاً لا يتسلل الخوف إلى قلبه البتة ناهيك عن الكاريزما التي تمتع بها فقد كانت له علاقات طيبة مع عدد من الشخصيات المرموقة في الوسطين اللبناني والسوري قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة وتكون له علاقاته الاجتماعية الواسعة هناك ..
شكل لقب (حرشو).. لعقود ما يشبه الأسطورة في الخيال الشعبي.. فقد كانت النسوة يهددن أطفالهن بالقول.. نم.. قبل أن يأتيك حرشو ويتردد اسمه في أغانيهن.. بل كان يقال لمن يعتد بشدة بأسه وشكيمته : (هل صرت حرشو)؟
تناقلت الألسنة الكثير من الحكايات التي تتعلق بحرشو.. ابن الأسرة الكردية الحموية.. فالأب الحاج أحمد باكير آغا..زعيم قبيلة البرازية العريقة التي تتوزع بين إيران والعراق وسورية وتركيا.. وقد برز منها كثيرون اثنان منهم ترأسا حكومتين سوريتين هما د. محسن البرازي
البرازي . ود. حسني
وبدأ اسم حرشو يذكر في المجالس ولا سيما في سورية ولبنان ،بعد أن هزَّ العالم في يوم 30 أكتوبرمن عام 1950 نبأ اغتياله للضابط السوري سامي الحناوي الذي قاد ثاني انقلاب في سورية في عام 1949 على الرئيس حسني الزعيم .
قام الحناوي بالتوقيع على قرار تصفية الرئيس الزعيم ورئيس مجلس الوزراء السوري د. محسن البرازي رغم أن الحناوي كان من عداد الأصدقاء المقربين إلى الزعيم.. بل إنه كان قد رقّاه لقيادة أول لواء سوري . ويجب أن لا ننسى في هذه المناسبة أنه في تلك الأثناء كان هناك محرض رئيسي وراء هذا الإنقلاب الدموي الأول في التاريخ السوري، ألا وهو شخصية “أكرم الحوراني” الذي كان وراء كل إنقلاب سوري.. ويقال بأنه قد تقاسم في هذا الإنقلاب الأخير(ضد الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي) مع عصام مريود مبلغ مائة ألف دينار عراقي لتنفيذ الانقلاب.. بالإضافة الى الضابط “فضل الله منصور” ، من الحزب القومي السوري ،والذي قاد الزعيم والبرازي إلى منزل أكرم الحوراني ، الدكتورمحسن البرازي نال درجة الدكتوراه من جامعة السوربون، وكان أستاذ القانون في جامعة دمشق، ويعد خبيراً اقتصادياً نظيف اليد ولم يقبل بتشكيل الحكومة بعد أن كلفه بها الزعيم إلا مكرهاً ،وتحت طائلة الضغط والتهديد ،ولقد راح ضحية الغدر به من دون أن تتم محاسبة قتلته.