أعلن مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أن مفاوضات جنيف بشأن الأزمة السورية ستبدأ الجمعة, في حين أكد وفد المعارضة أنه سيواصل اجتماعاته في الرياض بعدما أكد تمسكه بوقف القصف وحصار المدنيين قبل الشروع في التفاوض.
في هذه الأثناء أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية مساء الخميس أنها لن تذهب إلى جنيف الجمعة، وأكدت أنها ستواصل اجتماعاتها في الرياض.
وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة رياض نعسان آغا للجزيرة إن الوفد المعارض لن يتمكن من الذهاب يوم الجمعة إلى جنيف لأسباب لوجستية، بغض النظر عن البعد السياسي.
من جانبه أكد جورج صبرا نائب رئيس الهيئة أن وفد المعارضة لن يذهب إلى مفاوضات جنيف قبل وقف القصف ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة في سوريا.
وأضاف صبرا في مقابلة مع الجزيرة أن العقبات أمام وفد المعارضة للذهاب إلى جنيف لا تزال قائمة, مؤكدا أن المعارضة لا تعرض طلبات, وإنما تريد تطبيق بنود قرار مجلس الأمن الأخير 2254 الذي يفرض التزامات على النظام السوري وروسيا وحلفائهما.
وتابع أن المعارضة مستعدة للذهاب إلى المفاوضات عندما يكون الطريق سالكا, وقال إن ذلك يكون عندما يتوقف قتل السوريين, وبعد ذلك تأمين الانتقال السياسي من دولة الاستبداد إلى دولة ديمقراطية مدنية.
وكان دي ميستورا قال في وقت سابق الخميس في شريط مصور موجه للسوريين، إن المفاوضات ستبدأ خلال الأيام القليلة القادمة. كما قال إن جولة المفاوضات المعلن عنها -وهي الثالثة في جنيف خلال ثلاث سنوات- لن تفشل كسابقتيها.
وكان يفترض أن تبدأ المفاوضات بين وفد الهيئة العليا المنبثق عن اجتماع المعارضة السورية في الرياض وبين وفد النظام السوري الاثنين الماضي, إلا أنه تم تأجيلها بسبب خلافات، بعضها يتعلق بتمثيل المعارضة السورية.
وفي الرياض قال مصدر من الهيئة إنها ستواصل الجمعة اجتماعاتها التي بدأتها قبل ثلاثة أيام للخروج بموقف من المشاركة في مفاوضات جنيف.
وكان المتحدث باسم الهيئة سالم المسلَط قال في وقت سابق إن المعارضة جادة في المشاركة في المفاوضات، وإن ما يعيق بدءَها هو استمرارُ قصف المدنيين وتجويعهم, على حد تعبيره.
وأضاف أن الهيئة رحبت بتأكيد دي ميستورا السماح بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة ووقف الاعتداءات على المدنيين، مضيفا أنهما مطلبان مشروعان وتعبير عن تطلعات الشعب السوري، وأن ذلك غيرُ قابل للتفاوض.
وتابع المسلط أن الهيئة العليا للمفاوضات طالبت أعضاء مجلس الأمن -خاصة الدول الخمس الدائمة العضوية- بالالتزام بتطبيق القرار 2254 الذي صدر الشهر الماضي.
وقال موفد الجزيرة إلى جنيف زاور شاوج -استنادا إلى معلومات غير رسمية من أروقة الأمم المتحدة في جنيف- إن المفاوضات ستبدأ بعد ظهر الجمعة, مشيرا إلى أنها ربما تبدأ بجلسة يتم فيها الإعلان عن افتتاح هذه المفاوضات.
وأضاف أن المفاوضات ستكون غير مباشرة حيث سيقوم دي ميستورا بمشاورات مع الوفود كل على حدة, كما أنها ستكون مغلقة بعيد عن الإعلام. وأوضح أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم لن يحضر الجمعة على الأرجح إلى جنيف, حيث سيقود وفد النظام السوري سفيره لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.
وأشار إلى أن فترة ستة أشهر المتاحة للمفاوضات تعطي الأمم المتحدة هامشا للمناورة في ظل الخلافات القائمة, حيث بالإمكان افتتاح المفاوضات وتعليقها ثم استئنافها لاحقا, مشيرا إلى أن رد المعارضة السورية يظل حاسما.
| كان متوقعا أن تعلن المعارضة السورية الخميس قرارها من المشاركة في مفاوضات جنيف |
تحديات وتعقيدات
وتواجه مفاوضات جنيف تعقيدات من بينها اعتراض النظام السوري وروسيا وإيران على تركيبة وفد المعارضة السورية, ومحاولة فرض شخصيات وفصائل قريبة من موسكو على غرار الاتحاد الديمقراطي الكردي, فضلا عن رفض دمشق وموسكو وقف إطلاق النار قبل انطلاق المفاوضات.
وكان وفد المعارضة المجتمع في الرياض قد طلب من الأمم المتحدة ردا على مطالب يتصدرها وقف قصف المدنيين, وفك الحصار عن المناطق المحاصرة.
وقال مصدر من المعارضة إن دي ميستورا ردّ بالنيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, مؤكدا أنه لا يملك سلطة تطبيق القرار الدولي الأخير.
وكانت المعارضة قالت إنها تعرضت لضغوط من وزير الخارجية الأميركي جون كيري لحملها على المشاركة في مفاوضات جنيف دون شروط مسبقة. وقالت واشنطن وباريس إن عدم ذهاب المعارضة إلى جنيف يخدم مصالح نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي موسكو قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه من المبكر الحديث عن وقف لإطلاق النار في سوريا، وإنه من الضروري تحديد ما وصفها بقائمة “المنظمات الإرهابية” أولا, في حين قال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي إن مفاوضات جنيف يجب أن تبدأ في موعدها.
وأضاف غاتيلوف أن موسكو لا تزال تعارض وجود مشاركة ممثلين عن “جيش الإسلام” و”أحرار الشام” ضمن وفد المعارضة لأنها تعتبرهما منظمتين إرهابيتين.
وفي موسكو أيضا قال حسين أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني إن بلاده تصر على إدراج الفصيلين المذكورين على قائمة “المجموعات الإرهابية” في سوريا.
وأضاف عبد اللهيان في مؤتمر صحفي بموسكو أن إيران تفعل ما في وسعها كي لا تنعكس الخلافات مع السعودية على مسار الحل السياسي في سوريا، على حد تعبيره.
وكالات – الجزيرة