في منزل منعزل عن إحدى القرى بالريف الغربي لمدينة الرقة، تعبت عنود الفصيح (53 عامًا) من محاولة الاتصال بأحد ولديها المغتربَين في أوروبا.
في كل مرة يحاول ابنها الاتصال ليتحادثا مكالمة فيديو عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، يظهر على شاشة هاتفها الذكي “جارٍ الاتصال” دون أن تتمكن من رؤية ابنها.
لا تجد السيدة التي قابلناها في منزلها حلولًا سوى أن تدخل المنزل مرة وتخرج إلى ساحته مرة أخرى، دون أن تتمكن من الحديث مع ابنها حتى في حالة صعودها إلى السطح.
في أعلى الشاشة على هاتف عنود، تظهر علامة “G4″، وتدل على أن الشبكة “جيدة”، لكن، يبدو الضجر على محياها وهي تسحب بإبهامها أعلى الشاشة إلى أسفلها، حيث تظهر كلمة “Rcell”، ما يعني أن الشبكة متوفرة، وعلى الرغم من ذلك، لم تتمكن من رؤية وجه ابنها أو الحديث معه.
تعتمد الرقة ومناطق شمال شرقي سوريا على خدمات شركة “Rcell”، التي تُعرف عن نفسها على موقعها الرسمي كـ”شركة رقمية” هدفها “إحداث فرق في المجتمع” باستخدام خبرتها بالعالم الرقمي، “بما في ذلك الاتصالات والإنترنت عبر الهاتف المحمول، والمدفوعات والوسائط الرقمية، وغيرها من الصناعات الرقمية المتقدمة”، وتضع عنوانًا لها في مدينة القامشلي.
ولا تقدم الشركة معلومات عن مالكيها أو ترخيصها والجهة التي تتبع لها، رسمية كانت أم خاصة.
إنترنت رديء
حالة عنود مشابهة لحالة عشرات الأهالي في مدينة الرقة، الذين يشتكون من ضعف شبكة “Rcell” وبطء سرعتها، وهي شبكة تزوّد المنطقة بإنترنت “G4”.
دخلت الشبكة إلى مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا أواخر 2018 كأول شركة تقدم خدمات الإنترنت.
قالت السيدة لعنب بلدي، إن شبكة الإنترنت التابعة للشركة لا تعمل منذ فترة وجيزة، وأصبحت “سيئة جدًا، رغم الوعود بتحسينها وزيادة عدد الأبراج في المنطقة، وتوسيع نطاق المشغل”.
ولجأت عنود إلى شراء خط “Rcell”، نظرًا إلى عدم تغطية الإنترنت الفضائي لمنزلها كونه بعيدًا عن القرية، وفي حال تغطية مستثمر الإنترنت لمنزلها، يرغمها ذلك على شراء كوابل وأجهزة استقبال وبطارية لتشغيله، نظرًا إلى قلة ساعات وصل الكهرباء.
كل ذلك يكلفها ما يزيد على 50 دولارًا أمريكيًا، أما في حال رغبت بإنشاء نقطة خاصة لمنزلها، فستدفع ما لا يقل عن 100 دولار، ثمنًا للصحن والملحقات، بالإضافة إلى عشرة دولارات شهريًا.
ولتجنب التكاليف، لجأت السيدة لشراء بطاقة “Rcell” (خط) بـ30 ألف ليرة سورية (3.3 دولار)، وشحنه شهريًا بـ11ألف ليرة، لرغبتها بتوفر الإنترنت على هاتفها خارج المنزل، إلا أن سعر الشحن زاد مؤخرًا إلى 14 ألف ليرة، بعد تذبذب سعر الصرف وارتفاعه.
من جهته، إبراهيم الحسين (23 عامًا)، يبدي امتعاضه من السوء الذي وصلت إليه الشبكة، التي تحتاج إلى بعض الوقت حتى وصول رسالة على تطبيق المحادثة “واتساب”، وخلال تلك المدة يبدل الشاب وضع “الطيران” في جواله أكثر من مرة.
قال إبراهيم لعنب بلدي، إن جودة الإنترنت “سيئة”، بالإضافة إلى أنها تعطي “شبكة وهمية”، مبديًا استياءه خاصة بعد أن أجرت الشبكة بعض التعديل على الباقات، وألغت باقة توفيرية.
أسعار مرتفعة ومشكلات لوجستية
مطلع آذار الماضي، ألغت شركة “Rcell” باقة الـ50 ألفًا، التي كانت توفر ألف جيجابايت، ويسميها المستخدمون بـ”الباقة المفتوحة”، ويستفيد المستخدم منها بتجديدها شهريًا بعشرة آلاف ليرة سورية.
ويتراوح سعر “الباقة المفتوحة” حاليًا بين 13 ألفًا و14 ألف ليرة، كما أن بعض الخطوط تم إيقافها من الشركة التي طالبت بمراجعتها لتفعيل الخط.
ولا توجد في “Rcell” خدمة استرجاع الخط أو استخراجه بعد ضياعه، وهذه إحدى النقاط السلبية التي يشتكي منها المشتركون.
يحاول سليمان الفرج (27 عامًا) نشر صورة على صفحة “فيسبوك” عامة ينشط عليها، ويتأخر بعض الوقت، لكن الإنترنت لا يمكنه من تحميل تلك الصورة.
قال الشاب لعنب بلدي، إن المشكلة بدأت معه في منتصف أيار الحالي، حين ترك لعبة “البوبجي” لسوء جودة الإنترنت، واكتشف مؤخرًا أن تحسين جودة الإنترنت يحتاج إلى “VPN”.
أصحاب محال “موبايلات” يبيعون بطاقات شحن “Rcell”، ذكروا لعنب بلدي أن تراجع جودة الشبكة سببه قلة الأبراج، وخلل فني تعمل الشركة على إصلاحه، والعوامل الجوية.
وتكثر التعليقات الساخرة والغاضبة والمنتقدة من قبل مشتركي “Rcell” على منشورات الشركة في “فيس بوك”، خاصة تلك التي تتضمن عروض الشركة وخدماتها، ويصفونها بـ”الحلزون” و”السلحفاة”.
ومؤخرًا، رفع مقدمو خدمات الإنترنت الفضائي أسعار الباقات، وصارت بالدولار الأمريكي، ووصل سعر الميجابايت الواحد إلى حوالي 3.5 دولار، وسعر الـ512 كيلوبايت إلى دولارين ونصف.
وقال مشتركون إن أصحاب الإنترنت الفضائي رفعوا السعر وحولوه إلى الدولار، لكن “الباقات وهمية”.
وفي فترة سابقة، كان الإنترنت في الرقة يعتمد على الشبكة الفضائية الواردة عبر أجهزة استقبال وإرسال من الشبكات التركية، قبل أن تستبدل بها “الإدارة الذاتية” في شمالي وشرقي سوريا، عبر مكتب الاتصالات (التابع للمجلس المدني في الرقة)، الإنترنت العراقي الذي يصفه المستخدمون بالبطيء جدًا.
ومنعت “الإدارة الذاتية” استخدام الإنترنت التركي، عبر تعميم صدر في 11 من آذار 2019، ووضعت مخالفي القرار تحت طائلة المسؤولية القانونية.
عبد الجليل المولى – عنب بلدي
اترك تعليقاً