جميع المدنيين الذين يخرجون من مناطق سيطرة التنظيم يفعلون ذلك بشكل سري عبر طرق ترابية في بادية ديرالزور، تلافياً لحواجز التنظيم التي تمنع خروج أي شخص إلا بموجب موافقة من “ديوان الحسبة”، وتحديد مدة السفر ووجود كفيل من مناطق تنظيم “الدولة الإسلامية”. وغالباً ما يتم رفض الطلبات، خاصة في الفترة الأخيرة. ويدفع الهاربون للمهربين مبالغ مرتفعة، تصل إلى 200 ألف ليرة سورية للرحلة الواحدة، وسط مخاطر إلقاء القبض عليهم من قبل حواجز التنظيم المنتشرة في بادية ديرالزور، أو قصفهم من قبل الطيران الحربي الروسي، وهذا ما حدث مراراً جنوبي ديرالزور.
الناشط الإعلامي أحمد رمضان، قال لـ”المدن”، إن الخارجين من ديرالزور من دون موافقة “الدولة الإسلامية” يسلكون طريقين: طريق جنوبي من بادية البوكمال مروراً ببادية حمص ثم السويداء أو الضمير، وطريق شمالي من بادية الصور وخط الكسرى باتجاه المبروكة في محافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة النظام وحزب “الاتحاد الديموقراطي”.
وأضاف رمضان أن قسماً من الخارجين يتمكن التنظيم من القاء القبض عليهم ويفرض عليهم عقوبات مختلفة، أما القسم الذي يتمكن من الوصول إلى حواجز النظام و”قسد” فيتم توقيفه ومنعه من دخول مناطق سيطرة كل منهما، إلا وفق شروط محددة. فقوات النظام، تشترط إن يكون للشخص كفيل عسكري يخدم مع قواتها، ويجب أن تربطه بالشخص قرابة، حتى يتسنى له دخول مناطق سيطرتها. فيما يشترط حزب “الاتحاد الديموقراطي”، في الشخص الذي يريد دخول مناطق محافظة الحسكة الخاضعة لسيطرته، أن يكون من مواليد محافظة الحسكة، أو لديه كفيل من أبناء الحسكة يتحمل مسؤولية دخوله.
وأكد أحمد رمضان، أن جميع المدنيين بعد وصولهم والتحقيق معهم، يقومون بتعبئة طلبات دخول، وتقوم لجنة بدراسة الطلبات المقدمة، غير إن الموافقة تقتصر على الطلبات المستوفية للشروط المفروضة من كل طرف. كما أن البعض من الأهالي يقوم بدفع رشاوى لضباط النظام وعناصر “قسد” وحزب “الاتحاد الديموقراطي” ليتمكن من الدخول، فيما يتم احتجاز البقية ووضعهم في مخيمات كما يفعل “العمال الكردستاني”، أو يتركون في العراء بانتظار السماح لهم بالدخول كما تفعل قوات النظام. وذلك في ظل ظروف إنسانية صعبة.
ويعاني المدنيون العالقون على حواجز الطرفين من ظروف كارثية، تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة الإنسانية. فبمجرد وصول المدنيين لحواجز النظام أو “قسد”، يتم التحقيق معهم، كما يقوم كلا الطرفين بمصادرة أوراقهم الثبوتية. وبعد التحقيق والتأكد من عدم وجود أي مطلوبين للنظام أو “قسد”، يوضع الجميع في مخيمات غير منظمة أو منشآت حكومية تفتقر لأدنى الخدمات وغالباً أشبه بالمعتقلات. والبعض يترك في العراء تحت شمس الصيف الحارقة.
أما المحتجزون في مناطق قوات النظام فيعانون من الضرب والإهمال، وفي الكثير من الأحيان للاعتقال. هذا بالإضافة إلى قيام قوات النظام بسرقة ممتلكات النازحين الشخصية وبيعهم الطعام بأسعار باهظة.
الناشط الإعلامي بشير العباد، قال لـ”المدن”، إن هناك أربع نقاط رئسية يتم احتجاز الخارجين من أبناء ديرالزور فيها؛ مخيم المبروكة في ريف الحسكة، وحاجز الضمير، ومعسكر الطلائع في السويداء، وحاجز السبع بيار جنوبي تدمر.
وكانت جهات حقوقية وإعلامية في ديرالزور، من بينها “مرصد العدالة من أجل الحياة في ديرالزور”، قد وجهت مناشدات كثيرة للمنظمات الدولية. وطالب “المرصد” اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتوجه إلى أماكن احتجاز المدنيين، وطالب الأمم المتحدة والجهات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان للضغط على جميع الأطراف للإفراج عن المعتقليين وعلى رأسهم النساء والشيوخ والأطفال، والكف عن مثل هذه الممارسات لكن جميع تلك المناشدات لم تثمر حتى الآن.