انتهت ظهر السبت مهلة 48 ساعة حددتها قوات سوريا الديمقراطية لخروج تنظيم الدولة الاسلامية من مدينة منبج في شمال سوريا، تزامنا مع اندلاع معارك عنيفة بين الطرفين في احياء عدة بعد اشتباكات متقطعة ليلا.
وقال مصدر قيادي في المجلس العسكري لمنبج وريفها المرتبط بقوات سوريا الديمقراطية لوكالة فرانس برس “انتهت ظهر اليوم مهلة 48 ساعة ولن يكون هناك فرصة لمسلحي داعش” مضيفا “سنكثف هجماتنا على ما تبقى من مواقعهم داخل المدينة” في الساعات المقبلة.
وحددت قوات سوريا الديمقراطية ظهر الخميس مهلة 48 ساعة لـ”خروج عناصر داعش المحاصرين داخل المدينة بأسلحتهم الفردية الى جهة يتم اختيارها”، حفاظا “على ارواح المدنيين داخل المدينة” الواقعة في ريف حلب الشمالي في شمال سوريا.
واوضح المصدر ذاته ان تنظيم “داعش لم يلتزم بالمهلة ولم تنقض 24 ساعة على بدء تطبيقها حتى هاجم مواقع قواتنا في حي الحزاونة” داخل المدينة معتبرا أن ذلك كان “بمثابة رد على عدم قبول المبادرة التي لم يصدر أي رد منهم عليها”.
واندلعت مواجهات عنيفة بين الطرفين السبت في احياء عدة في منبج، ابرزها في محيط المربع الامني حيث يتحصن تنظيم الدولة الاسلامية في وسط المدينة، وفق ما اكد مصدر ميداني في قوات سوريا الديموقراطية داخل منبج لمراسل فرانس برس.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان السبت بمعارك عنيفة داخل المدينة، خصوصا في الاحياء الغربية، بعد اشتباكات متقطعة ليلا على محاور عدة تزامنت مع ضربات للتحالف الدولي بقيادة امريكية.
وذكرت القيادة العسكرية الامريكية للشرق الاوسط (سنتكوم) في نشرتها اليومية ان التحالف الدولي شن الجمعة تسع ضربات قرب منبج.
– “دروع بشرية”
وياتي تحديد قوات سوريا الديمقراطية مهلة 48 ساعة لخروج مقاتلي التنظيم بعد تأكيد المرصد السوري مقتل 56 مدنيا بينهم اطفال الثلاثاء في غارات للتحالف الدولي على بلدة التوخار قرب منبج، ما اثار غضب “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” وتنديدا من منظمات دولية حقوقية.
وتسببت الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي في سوريا منذ ايلول/ سبتمبر 2014، بمقتل نحو 600 مدني سوري، بينهم 136 طفلا، وفق حصيلة للمرصد السوري السبت.
واعلن المتحدث العسكري باسم التحالف الدولي الكولونيل كريس غارفر الجمعة ان المرحلة الاولى من التحقيق حول هذه الحادثة ستنتهي “بعد عشرة ايام” كحد اقصى، على ان يحدد المسؤولون العسكريون في التحالف عندها البدء بتحقيق اكثر عمقا او يعلنوا رفضهم المزاعم.
واتهم غارفر تنظيم الدولة الاسلامية بانه “استخدم مدنيين دروعا بشرية (…) في محاولة لجعل (مقاتلي) قوات سوريا الديموقراطية يطلقون النار عليهم”.
ورجح غارفر ان تكون قوات سوريا الديمقراطية قد استعادت السيطرة “على ما يقارب نصف المدينة” التي لا يزال فيها “الفا مدني على الاقل”.
لكن المتحدث الامريكي “لم يؤكد” المهلة التي حددتها قوات سوريا الديموقراطية للجهاديين.
وقال المصدر القيادي في المجلس العسكري لمنبج وريفها السبت لفرانس برس إن قوات سوريا الديمقراطية “تعمل على تأمين ممرات آمنة للمدنيين داخل المدينة لعدم استخدامهم كدروع بشرية” من التنظيم في المرحلة المقبلة.
وكانت هذه القوات ناشدت الخميس في بيان، اهالي منبج “الابتعاد عن مناطق الاشتباكات” معتبرة ان “الارهاب لن يتردد في توظيفهم واستغلالهم كدروع بشرية في المعارك الدائرة كما جرى منذ انطلاقة معركة منبج”.
– “يتصدى بشراسة”
وشدد مدير المرصد رامي عبد الرحمن على ان التنظيم “يتصدى بشراسة لمحاولات قوات سوريا الديموقراطية التقدم داخل المدينة ويزج بالاطفال على خطوط المواجهات”.
وتحاول قوات سوريا الديموقراطية منذ 31 ايار/ مايو السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة على خط الامداد الرئيسي للتنظيم الجهادي بين محافظة الرقة، ابرز معاقله في سوريا، والحدود التركية.
وتمكنت هذه القوات التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، من دخول منبج، لكنها تواجه مقاومة تحول دون طرد الجهاديين الذين يستخدمون التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة.
وعلى جبهة اخرى في سوريا، قتل ثمانية مدنيون على الأقل السبت جراء قصف لطائرات “يرجح انها روسية” على مناطق في مدينة جسر الشغور في محافظة ادلب (شمال غرب)، وفق ما افاد عبد الرحمن.
وقال المرصد إن “عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود أكثر من عشرين جريح، بعضهم في حالات خطرة”.
وتسيطر فصائل “جيش الفتح” وابرزها جبهة النصرة وفصائل اسلامية بينها “حركة احرار الشام” منذ الصيف الماضي على كامل محافظة ادلب، حيث بات وجود قوات النظام يقتصر على مسلحين موالين لها في بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في اذار/ مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، ثم تطور لاحقا الى نزاع متشعب الاطراف، اسفر عن مقتل اكثر من 280 الف شخص وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
القدس العربي