السبت. سبتمبر 13th, 2025

سعيد قاسم

باتت “وحدات حماية الشعب” الكردية، صباح الجمعة، على مسافة 300 متر من مبنى محافظة الحسكة، وسيطرت على نقاط جديدة في حي الغويران، وعلى “كلية الهندسة” في حي النشوة.

وتشهد مدينة الحسكة، منذ مساء الأربعاء، أحداثاً هي الأعنف منذ اندلاع الثورة السورية. وتواصل مدفعية قوات النظام المتمركزة في جبل كوكب، قصف الأحياء الخاضعة لسيطرة قوات “الأسايش”، الذراع الأمنية لحزب “الاتحاد الديموقراطي”.

وبدأ التوتر في الحسكة، منذ مطلع آب/أغسطس، على خلفية  اصطدام دوريات “الأسايش” و”الدفاع الوطني” التابع للنظام، في مناطق التماس بينهما، في حي النشوة، في إطار سعي الطرفين لسوق الشباب إلى التجنيد الاجباري. وسرعان ما انقلب ذلك إلى اشتباكات متقطعة، منذ الإثنين، وسط أنباء غير مؤكدة عن استهداف “الأسايش” لقائد قوات “الدفاع الوطني” في الحسكة عبد القادر حمو.

وعلى الرغم من نفي “الدفاع الوطني” ذلك الأمر، إلا أن حمو، نُقل إلى دمشق، حيث توفي متأثراً بإصابته، الثلاثاء. النظام بدأ بعدها بالتصعيد بأوامر من قائد قوات المنطقة الشمالية الشرقية محمد خضور، الذي أوعز إلى جميع القوى التابعة للنظام في الحسكة، بالتحرك للقضاء على وجود “الأسايش” في المدينة.

وبدأت الاشتباكات الفعلية بين الطرفين، منذ مساء الأربعاء. وقصفت قوات النظام الأحياء الخاضعة لسيطرة “الأسايش” بالمدفعية من جبل كوكب، بالاضافة إلى قصف عنيف بقذائف الهاون من المراكز الأمنية والحكومية في “المربع الأمني”. وكانت وسائل النظام الإعلامية قد عملت على إثارة غضب شعبي ضد “الاتحاد الديموقراطي” متهمة إياه بـ”السعي للانفصال”.

القصف العشوائي لقوات النظام، طال أحياء تل حجر والمفتي والكلاسة والعزيزية والصالحية، وخلّف أضراراً مادية كبيرة، وسقط على أثره ضحايا لم يُعرف عددهم إلى الآن، إذ أن الكثيرين منهم نقلوا إلى مدينتي القامشلي وعامودا، وسط حركة نزوح تشهدها الحسكة منذ بدء عمليات القصف. وقُتل 7 مدنيين من عائلة عربية واحدة، 4 منهم أطفال، بقذيفة هاون سقطت على منزلهم في حي العزيزية.

القصف المدفعي استمر لغاية ظهر الخميس، ثم بدأ من بعده طيران قوات النظام بتنفيذ غارات على المدينة، طالت مقر “قوات سوريا الديموقراطية” على طريق القامشلي-الحسكة، ومقر “الاسايش” وساحة جودي في الكلاسة، وحاجز العمران التابع لقوات “الأسايش”.

بعد ذلك، منع طيران “التحالف الدولي” طيران قوات النظام من القصف، وشكلّ ما يُشبه “منطقة حظر جوي” فوق المدينة، بعد تردد شائعات غير مؤكدة عن وجود قوات أميركية في مدينة الحسكة، وأنباء أخرى مؤكدة عن تواجد أميركي في قرية تل بيدر على طريق الدرباسية، التي تبعد 45 كيلومتراً عن الحسكة. وأكد ناشطون أن طائرات “التحالف” التي تُحلّق على ارتفاع كبير ويمكن تمييزها من وميض أبيض على ذيلها، قامت باستهداف حاجز لقوات “الدفاع الوطني” في حي النشوة الشرقية.

وأوضح النشطاء أن الطيران الروسي، حلّق بدوره، منذ مساء الأربعاء، في أجواء الحسكة، من دون تأكيد مشاركته في قصف مراكز “الأسايش”.

اللواء في قوات النظام علي مقصود، نفى مشاركة الطيران الروسي في قصف الحسكة، وأكد في حديث متلفز، أن القصف استمر لساعة فقط، بهدف توجيه انذار لـ”وحدات حماية الشعب” وثنيها عن الانصياع للأجندات الأميركية. وأوضح مقصود أن النظام لا يهدف إلى طرد “الوحدات” من الحسكة، وإنما مجرد توجيه إنذار لها، وذكّر بأن النظام طالما قدّم الدعم العسكري واللوجستي لـ”وحدات الحماية”، التي يجب عليها ألا تخرج على النظام.

وأخذت الأحداث منعطفاً جديداً عصر الخميس، مع وصول دعم لقوات “الأسايش” من قبل “وحدات الحماية”، وسط تهديد “الاتحاد الديموقراطي” وقواته الأمنية للنظام برد قاس، وسط أنباء عن حصول مقاتلي الحزب على مضادات جوية. وتحركت “وحدات الحماية” ميدانياً وتقدمت باتجاه الأحياء الخاضعة لسيطرة “الدفاع الوطني”؛ غزل والحارة العسكرية ودولاب عويس ونشوة غربية ومرشو وغويران ونشوة شرقية وحي المطار والسوق وحي الزهور. تحرك “الوحدات” و”الأسايش” كان بغرض التخلص من القصف بالمدفعية وقذائف الهاون، من المراكز الأمنية والحكومية، في “الثكنة العسكرية” في سوق الهال والهجانة في ساحة الرئيس و”الصالة الرياضية”.

واستطاعت “الوحدات” السيطرة على حاجز دولاب عويس الذي يعتبر المدخل الغربي لـ”المربع الأمني” جنوبي محطة القطار، وتمكنت من فتح ممر مهم ضمن مناطق سيطرة النظام، إلى شارع القضاة ومساكن الشهداء.

ودخلت الوحدات بأسلحتها الثقيلة إلى حي الكلاسة، ثم سيطرت على النشوة الشرقية، وتقدمت ونقلت الاشتباكات من الأحياء الخاضعة لسيطرتها إلى أهم مركز ثقل لـ”الدفاع الوطني” في الغويران والنشوة، بالإضافة إلى محاصرتها قناصة قوات النظام المتركزين في البريد ومحطة القطار. واستمر قصف قوات النظام، على الأحياء الخاضعة لسيطرة “الأسايش”، حتى صباح الجمعة. ولم يؤثر ذلك على سير الاشتباكات، فالأحياء المُستهدفة أصبحت شبه خالية بعد نزوح المدنيين باتجاه الأرياف ومدن القامشلي وعامودا والدرباسية.

وتتركز نقطة الاشتباكات الرئيسية، منذ مساء الخميس، في جسر البيروتي الفاصل بين حي الغويران و”الحارة العسكرية”، قبل أن تتوقف صباح الجمعة، مع توقف القصف المدفعي وقذائف الهاون.

وتشبه الاشتباكات الحالية في الحسكة، ما كان قد جرى في مدينة القامشلي، في نيسان/إبريل، بين قوات النظام و”الدفاع الوطني” من جهة و”الوحدات” و”الأسايش” من جهة أخرى. وانتهت حينها الاشتباكات باتفاقية بين الطرفين، من بنود متعددة، لم ينفذ منها سوى تقليص دور مليشيا “الدفاع الوطني”.

ومن المتوقع أن ينتهي دور “الدفاع الوطني” في الحسكة، خاصة وأن الحاضنة الجماهيرية لهذه القوة ضعفت كثيراً بعد نزوحها المتكرر بسبب الهجمات التي تعرضت لها المدينة من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية”.

المدن

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *