Views: 121 التمايز طريق الوحدة – الرقة بوست-Raqqa Post

التمايز طريق الوحدة

خلف الجربوع

علمتنا الكيمياء أن الوحدة المؤلفة من عنصر واحد هشة، وأن الوحدة المؤلفة من اتحاد أكثر من عنصر أكثر تماسكاً، وتجمع بين مواصفات العناصر المؤلفة لها، وتؤدي وظائفها بحيوية أكبر.

للوهلة الأولى قد تبدو هذه المقدمة القصيرة نشازاً في معالجة قضية سياسية سورية، لكني سأحاول إثبات هذه المُسَلّمة في الكيمياء بوصفها قضية/فرضية سياسية واجتماعية، يمكن البرهنة عليها، واعتمادها كقانون سياسي قابل للتطبيق من أجل إنتاج برنامج وطني تجتمع عليه وتتمثله غالبية سياسية واجتماعية سورية.

لا شك أن تحليل تطورات، وانتكاسات الثورة السورية، أمرٌ في غاية الأهمية، كي نطور أدواتنا من أجل إحداث اختراقات في الشبكة المعقدة من الروابط داخلياً وخارجياً، وتواريخها المتناقضة، وتعريف الأدوات الفاعلة فيها، ودورها في تزييف الواقع الملموس، وتكريس أوهام سياسية واجتماعية كبديل تسوقه على أنه الطريق لسورية الجديدة.

إن حصل الاختراق سيكون لدينا تعريفات واعادة تسميات جديدة، منها سنعيد تعريف الحصان الذي سيجر العربة، وتعريف حمولتها، والطريق (الطرق) الذي ستسلك ومخاطره.

إن الدعوة إلى برنامج وطني جامع للقوى المهمّشة(القوى التي من مصلحتها التغيير، والتي كانت وقوداً في الهولوكوست السوري)، كانت دعوة صادقة، ووطنية تعبر عن حاجة موضوعية في بداية الثورة،والتي لم تكن القوى السياسية المعارضة التقليدية مستعدة لها برامجياً ولا تنظيمياً من أجل تولي شرف القيادة لأسباب ذاتية وموضوعية لست في صدد مناقشتها في هذه المادة، لذلك عملت ضمن مساراتٍ تَجَنَّبَها البرنامج الوطني واستحقاقاته، وأجرت توافقات سريعة(مسلوقة) فيما بينها لإنتاج عنوان، وقيادة للثورة السورية كاستجابة لمطلب دولي،واشتركت كل مكونات هذا العنوان (بكل أطواره) في تسويق سلة من الأوهام (اشار لبعضها نداء معارضين معظمهم شارك في التسويق).

إن ظاهرة دعوات إنتاج برنامج وطني جامع اختص المتشابهون في طرحه وتحديد تخومه، ظاهرة مستمرة منذ أن فقد العنوان الأول احداثياته،واستخدام هذه الدعوة من هذه الجهة، أو تلك لتعزيز مواقعها في ذلك العنوان، أومن قبل تلك القوى التي لم تستطع أن تشكل حالة اجماع سياسي أو اجتماعي حولها، على الرغم من احتكارها لأغلبية منافذ الدعم المادي والسياسي الخارجي (الإخوان بكل عناوينهم، والديمقراطيون بكل ألوانهم)، هذه القوى مارست أساليباً متشابهة في استقطاب أفراد وتشكيلات عسكرية، من حيث توظيف الدعم المادي في إفساد المستقطَبين، ومن ثم السيطرة عليهم، وهذا عزز مكانتهم لدى الجهات الدولية الداعمة، وتسويق أفكار مضادة لطموحات الثوار، تبنّى معظمها المجتمع الدولي لأنها تتقاطع مع مصالحه، ومع الأفكار التي نادى بها نظام السلالة (صراع من أجل السلطة، الطائفية، الإرهاب والحرب عليه، المجتمع السوري غير مؤهل للديموقراطية،المؤامرة … الخ).

إن هذه الظاهرة هي مجرد إعلانات موجهة إلى قوى دولية متصارعة على الأرض السورية، الغاية منها لفت انتباه القوى الفاعلة، واعتمادها كجزء من الفريق المقابل لتحالف نظام السلالة في ترتيبات الوضع الانتقالي، الذي سيدشن بعد توافقات، واتفاقات هذه القوى الدولية على خارطة مصالح جديدة في المنطقة وبقية العالم، وهذا يعني إعادة تكريس المهمش استقواءً بالقوى الدولية، لأنها ستوقع مع فريق تحالف السلالة على حل سياسي يضمن حماية مصالح اللاعبين الكبار، بوصفهم شركاء تنفيذين في تكريس نظام سيد على قراره شكلاً، وظيفي جوهراً لأنه تعبيرٌ عن تلك التوافقات والاتفاقات بين الكبار.

لاشك ان استجابة هذه”النخب المجربة والمطعمة ببعض جمهورها”لرسائل وطلبات الكبار وأوامرهم كي تصنّع جبهة معادلة شكلياً لجبهة النظام الأسدي، يخدم التوجه الدولي (الاستانة والطلب الروسي بأن يكون هناك وفد موحد للمعارضة فيها)، لكنه يصطدم بمعوق موضوعي وذاتي، ألا وهو مشروعية التمثيل، لذلك لجأت إلى تكتيك البرنامج الوطني الجامع، ونقد الأوهام التي سوقتها، في محاولة بائسة سياسياً لتبرئة الذات، واستقطاب جمهور من المهمشين الذين أنهكهم الموت واستنزف الكثير من مقاومتهم (هذا أفضل من لاشيء)، وإذا لم ينجحوا بتسويق طروحاتهم فهم غير قلقين، لان الإرادات الدولية التي قَوَّدَتْهم مرحلة السنوات الماضية، قادرة على فرضهم من جديد مع شركائهم من تحالف السلالة الأسدية في تقويد المرحلة الانتقالية.

أعتقد أن هذه الظاهرة هي تعبيرٌ مزيف ومخادع عن حاجة موضوعية لإنتاج برنامج وطني سوري جامع، لأن أي برنامج وطني جامع يحتاج إلى قواسم مشتركة تتوافق عليها التعبيرات المُفوَضة من كل مكونات المجتمع السوري، وهذا شرط أساسي لا يمكن تجاوزه، أما صياغته فيمكن “للنخب” صياغته بلغتها، وهذا يعني أن شرط الإجماع(الأغلبية) في إنتاج برنامج وطني لا يرتبط بشكل اللغة التي يصاغ بها أو اسم الصائغ.

وبالعودة إلى مقدمة هذا المقال نجد أن الدعوة للتمايز بين مكونات المجتمع السوري، هي دعوة أيضاً للتحرر من سطوة ثنائية(سلطة / معارضة)، ومساعدتها على التعبير عن هذا التمايز تنظيمياً وسياسياً وأمر في غاية الاهمية، وأكاد أركن إلى أنه الممر الإجباري من أجل الانتقال إلى حالة وطنية جامعة، لأن الوحدات المكونة لسورية تحتاج لضمانات متبادلة في إحقاق الحقوق وتنظيم الواجبات، وهذا يعني اعترافَها ببعضها البعض، واعتبارها شخصيات معنوية متساوية بغض النظر عن مفهوم أغلبية وأقلية، كما أن التمايز يقدم آلية واضحة لا لبس فيها في كيفية تقديم هذه المكونات نفسها للآخرين بحرية كاملة دون تقية، بحيث يكون لهذه التعبيرات الحق بتقديم نفسها كما هي ولمرة واحدة؛ إماكتعبير ديني أو قومي أو طائفي أو سياسي أو إيديولوجي.

وبعد انجاز هذا التمايز، يمكن لهذه القوى الاساسية التي انتجت تمايزها في تنظيمات وبرامج أن تكلف ممثلين عنها(فنيين وسياسيين) وبأعداد متساوية الى لجنة تحضيرية تعد مسودات أوراق مؤتمر وطني عام، تكون هذه التكوينات المتمايزة ممثلة فيه بأعداد متساوية، وتوجه دعوات لنخب من التكوينات التي لم تنجز تمايزها بأعداد تتساوى فيها مع المكون الذي أنجز تمايزه.

عندها يمكن لهذا المؤتمر الوطني العام أن ينجز برنامجاً وطنياً جامعاً، يكثف كل الروابط والتناقضات التي رافقت الثورة السورية داخلياً وخارجياً، بحيث ينتج مبادئ فوق دستورية، وبرنامجاً سياسياً، وخارطة طريق تنفيذية للمرحلة الانتقالية قابلة للتطبيق، وتقديمها للاعبين الكبار، بوصفها خيار المكونات السورية الاجتماعية والسياسية، وليس وجهة نظر في الحل السياسي يمكن تشذيبها كي توافق استراتيجية هذا اللاعب أو ذاك، وهذا الخيار معزز بحجية غير قابلة للنفي بأن اللاعبين الكبار هم جزء فاعل في إنتاج هذا البرنامج من خلال الروابط مع حلفائهم الممثلين في المؤتمر الوطني العام الذي أنتج هذا الخيار.


Posted

in

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »
best microsoft windows 10 home license key key windows 10 professional key windows 11 key windows 10 activate windows 10 windows 10 pro product key AI trading Best automated trading strategies Algorithmic Trading Protocol change crypto crypto swap exchange crypto mcafee anti-virus norton antivirus Nest Camera Best Wireless Home Security Systems norton antivirus Cloud file storage Online data storage