Views: 149 حرب الثلاثة عشر يوماً ضد داعش في الرقة والذكرى الثالثة لاحتلال المحافظة شهادات (شهادة أبو عيسى) – الرقة بوست-Raqqa Post

حرب الثلاثة عشر يوماً ضد داعش في الرقة والذكرى الثالثة لاحتلال المحافظة شهادات (شهادة أبو عيسى)

قبل ثلاث سنوات، وابتداءاً من 3/ 1/ 2014، وحتى 16/ 1 من ذلك العام، اشتعلت معركة طاحنة بين الرقة وأهلها وثوارها من جهة، وبين أعتى التنظيمات الإجرامية في العصر الحديث، “داعش”، من جهة.. تجاهل العالم يومذاك ما كان يحدث في المدينة الفراتية الوادعة، العفوية البسيطة والريفية الطبيعة، وبين مجموعات إجرامية تم تأسيسها وتدريبها في معسكرات نظام الجريمة العالمية، نظام الأسد، وبإشراف مباشر من الاستخبارات الايرانية ودعم لوجستي وخبراتي من منظمة “بلاك ووتر” الأمريكية، ومعظم دول واستخبارات العالم والإقليم.. وحيث انتهت المعركة بانسحاب الثوار المقاومين عن المدينة إلى خارجها، وبسط كامل نفوذ التنظيم على كل تراب محافظة الرقة..

أين كان تنظيم أحرار الشام من تلك المعركة، وقد نهب ما نهب وجنّد معظم فتيان الرقة كعاملين لديه.. ولماذا انسحب أولئك “الأحرار” من المعركة بعد أربعة ايام من اشتعال حريقها؟ أين جبهة النصرة التي كانت تطالب بأميرها المخطوف “أبي سعد الحضرمي”، وتَعِدُ بأنها لن ترجع عن هدفها في الانتقام له حتى تضرم النارَ في مقرات داعش وتحرق أخضرها قبل اليابس، وحتى تثأر لـ”زيد” بجريرة “عبيد”؟ وأين كتائب المقرات وتشفيط السيارات التي تجاوزت أعدادُها العشرات، حيث في تل أبيض وحدها ربما وصلت إلى ما فوق المائة كتيبة..؟ ولماذا لم تصمد ولم تقاتل وتدافع.. لا عن الثورة (إن كانت ثورتها).. ولا عن الرقة (إن كانت محافظتها).. بل ولم يدفعها الشمم والنخوة حتى لتدافع عن أهليها وعن نفسها، قبل أن تلقيَ بالسلاح وتلوذ بالفرار.. لتبدأ رحلة التشرد خلال المدن التركية؟

أين لواء المنتصر، وأين لواء أمناء الرقة.. أين لواء أويس القرني وكتائب الطبقة التي أُهدِرَت ملايينُ الدولارات في تسليحها والإنفاق عليها.. ولماذا تركوا أرضهم وديارهم  بهذه الخفة والاستسهال..؟ ولماذا فارقوا مدنَهم وقراهم وتنازلوا تنازلَ الجبناء عنها.. بل وهُرِعَ بعضهم يعلن الولاء والطاعة والبيعة لـ”هولاكو” الفاتح الجديد منذ أن لاح شبوب الحريق في بغداده.. وفي حالات قبل شبوب الحريق؟؟ ما الذي حدث بالضبط..؟ من صمد ومن هرب..؟ من أسلم الرقة إلى عدوها ..؟

سقطت الرقة وذهبت مع الذاهبين.. وعلى يد مقاولين وكذابين .. وبين غادر وجبان، ولم يصمد في وجه التنظيم المتوحش، ولم يقاوم من عديد أهليها الذين يبلغون المليون نسمة وأكثر من عصبة شبابٍ لم يتجاوزوا الثلاثمائة وخمسين مقاتلاً أو قريباً من هذا العدد.. فمرحى للسفلة، وطوبى للقتلة، بعد أن أُسلِمت الرقة إلى الهاوية، وتركت لنيران أكثر من عدو ينهش لحمها، ولتغدوَ منذ ذلك التاريخ؛ كسائر من آثر البقاء فيها من أهلها ومستضعفيها الذين يسمونهم سكاناً مدنيين: سبية من سبايا الفاتحين ورهينة الإرهابيين، وأسيرة في الأصفاد بين أسرى المجرمين.. تُجلد كل يوم بالسياط صباحاً مساءً، ويُقام عليها وعلى أهلها كلَّ يومٍ كلُّ أنواع الحدود التي أنزلها الله.. والتي لم ينزلْها الله.. وتستقبل حمم الطيران وبراكين القصف على رؤوس قاطنيها من كل جهة وحدب وصوب..

(الرقة بوست الوثائقية) تفتح ملف المعركة ابتداء من التحضيرات والأسباب المباشرة وغير المباشرة لحرب الثلاثة عشر يوماً، وحتى نهاياتها والنتائج التي ترتبت عليها.. وهي تدعو الأفراد الذين اشتركوا في هذه المعركة من كافة الأطراف، وخاضوا غمرتها، واحترقوا بلهيبها، أن يسهموا في شهادتهم ويقولوا للتاريخ : ما الذي جرى بالضبط؟ وليصفوا المناخ العام، والمزاج العام الذي غلّب المواجهة على التعايش والتفاهم مع تنظيم داعش.. وتفاصيل طبيعة الاشتباك؛ منذ لحظة التحضير بين جميع الأطراف والاستعداد لخوض تلك المعركة، وحتى لحظة الانسحاب ومغادرة أراضي المحافظة..

بدأت (الرقة بوست) بسماع شهادة المقاتل “أبو عيسى”.. وطرحت عليه جملة من الأسئلة عن بدء التحضيرات التي سبقت المعركة بين تنظيم لواء ثوار الرقة وتنظيم داعش.. هل كان الصدام متوقعاً من قبل؟ ولقد تشارك المعركة ضد التنظيم المتوحش مع لواء ثوار الرقة جبهتان أساسيتان في تلك المواجهة، وقوتان أخريتان هما تنظيم أحرار الشام وجبهة النصرة.. فكيف تم انسحاب هؤلاء الشركاء، أو حلفاء المصادفة، من ساحة القتال وفي أية ظروف؟ وهل كان متوقعاً مثل هذا الانسحاب أو حُسِبَ له حسابٌ مسبق؟

أجاب المقاتل “أبو عيسى”، قائد لواء ثوار الرقة، بما يلي:

كانت بوادر المصادمة مع داعش تلوح في الأفق عن معركة قادمة، من خلال مراقبتنا للتجاوزات التي كانت تحدث يومياً على الأرض من قبل التنظيم.. نذكر منها على سبیل المثال، محاولتهم السیطرة على قصر المحافظة بالقوة، وكذلك سیطرتهم على كلیة الآداب من خلال إرهاب الطلبة وتدخلهم في شوؤن الكلیة، واعتقالهم لأحد أفراد عناصر لواء ثوار الرقة في إحدى المظاهرات الاحتجاجیة ضد التنظیم في الرقة، وعند مرور أحد عناصرهم من جانب نقطة بنك الدم، حيث يوجد حاجز لبعض عناصر اللواء، حدثت مشادة كلامیة بین عناصر اللواء و وأفراد داخل سيارة يتبعون للتنظیم، وتصاعدت المشادة إلى حد أدى إلى مقتل أحد عناصر التنظیم المدعو “سالم”، وهو سعودي الجنسية، وقد كان له مكانة ودور في التنظیم، الأمر الذي زاد في احتقان المواقف.. كذلك عمد التنظیم إلى سرقة صوامع الحبوب وبیعها في السوق الحرة، فقامت قوة من اللواء باستعادتها من التنظيم وحمايتها، وجرى أكثر من مرة تعهد مكتوب من قبل التنظيم بعدم تكرار مثل هذه الأعمال، وكذلك عدم التضییق من قبل التنظیم على الأهالي وتقیيد حریاتهم الشخصية، ونهب ممتلكاتهم بحجج واهیة..

كذلك وضع اللواء من قبلهم في موقع محرج أمام بقیة الفصائل في الرقة، وذلك من خلال وضع كفیل بین الجیش الحر وداعش بعد الاستیلاء على الرتل 93 المتقدم من عین عیسى، ومن خلال مكتبنا الأمني في لواء ثوار الرقة ألقي القبض على أحد عناصر التنظیم في صدفة كان لها ظروفها الخاصة، في الشهر العاشر من عام 2013، وبعد التحقیق معه اعترف بأنه سمع من أعلى مستويات أمرائهم وهم يتبادلون أحاديث جانبية (عن معركة قادمة في أوائل عام 2014 بین أحرار الشام والتنظيم، وأن أحرار الشام سینسحبون ویتركون المحافظة لداعش).. لم یكن في الحسبان وقوع معركة في مثل هذا الوقت بیننا وبین داعش، خاصة أن الفرقة 17 كانت تقصف بشكل عشوائي على المدینة، وكان هدف اللواء الأول هو تحریر الفرقة 17 وطردها خارج المحافظة. بعد ذلك التحرير كنا نتوقع، وعلى وجه الیقین، وقوع معركة بيننا وبين التنظیم، ولكن لیس في مثل تلك الظروف وذلك الوقت.

للأمانة والتاریخ أقول: كان هناك تحالف عسكري فقط بيننا وبين شركائنا، الأحرار والنصرة، للقضاء على عدو مشترك عاث في الأرض فساداً، فحضر إلى مقري كلٌ من “أبو حیدرة” من أحرار الشام، و”أبو العباس” من جبهة النصرة، وأخبروني بأن التنظیم تجاوز كل الأعراف الدینیة ولأخلاقیة الإنسانیة، وعلینا أن نتكاتف ونتساعد معاً للقضاء علیه.. وسألتهم: ماهي الإمكانیات المتاحة لدیكم للقضاء علیه؟ فأجاب ” أبو حیدرة” أن لدیه 2500  مقاتل، وأنهم على أهبة الاستعداد لهذا الأمر.. وكذلك أجاب “أبو العباس” بأنه سیطلب تعزیزات عسكریة وعدداً من الاستشهادیین لهذه المعركة، لأن هذه الفئة الإرهابیة كان لها دور كبیر في تدمیر العراق قبل الشام..

توليت قيادة المعركة وأحرار الشام بدأوها بدون تنسيق :

فتولیت شخصیاً قیادة المعركة، علماً أنني حاولت تأخير هذه المعركة للأيام القادمة قدر المستطاع.. الا انه لم یكن بد منها، وبعد مرور أربعة أو خمسة أیام من المعركة تم انسحاب أحرار الشام، ومن قبل ذلك في الیومین الأولیین تم انسحاب جبهة النصرة. ونتیجة متابعتنا لسیر المعركة تم تراجع أحرار الشام من بعض النقاط.. وكان تسجيل ذلك وملاحظته مما ينذر بشيء ما، وسرعان ما تداركنا الأمر، وقمنا بتعزیز خطوطنا الدفاعیة وتحولنا من المهاجم إلى المدافع .

في الأيام الأولى كان الهجوم شاملاً وواسعاً على كامل المحافظة، وسرعان ماسقطت جمیع نقاط  داعش داخل المدینة، واستسلام عدد كبیر منهم بید لواء ثوار الرقة، وإخراج عدد كبیر من السجناء المحكومین بالإعدام من قبل داعش، وبعد التقدم إلى مقر قیادة التنظیم المتمثل في مبنى المحافظة ومحاصرته من عدة جهات وبشكل محكم قام بعض عناصر التنظیم في المحافظة بالاتصال بي طلباً للأمان، وأنهم متورطون ولا ناقة لهم ولا جمل فيما كان یحدث.. أما الأماكن التي كان یتحصن بها التنظیم فهي مبنى المحافظة، المقر الرئیسي لهم، وكذلك مبنى أمن الدولة.. وبعد سیطرة التنظیم على منطقة تل أبیض وأیضاً على كامل منطقة الطبقة، بدأ التنظیم بجلب تعزیزات من كل المناطق:  من ریف حمص، ومن العراق، ومن كل أماكن تواجده.. وكذلك ترك أحرار الشام مواقعهم داخل المدينة وتراجعوا إلى منطقة الفروسیة، ما أدى إلى توسع سیطرة التنظیم حتى أصبح في وضع يسمح له بالهجوم على نقاط تمركزنا ومقراتنا بعد أن كان قد أخذ وضع المدافع، كذلك تأثر وضع الحصار الذي كان مضروباً على الفرقة 17، وأدى انسحاب أحرار الشام عنها إلى فراغ..!! مما جعلنا نعزز لواء ثوار الرقة في أماكن نقاط محاصرة الفرقة العسكرية خوفاً من تقدم النظام نحو المدينة مما كان سيوقعنا بين عدوين.. بمعنى آخر: كان  اللواء یقاتل على جبهتین: جبهة الفرقة 17، خوفاً من تقدم النظام واستغلاله للوضع القائم، والقتال ضد  داعش على الجبهة الثانیة، من جهة أخرى..

قائد لواء اويس القرني ساعد في حصارنا :

ولقد تواصلت مع معظم القادة الثوریین في الجیش الحر، وتم طلب المساعدة منهم، ولكن كان معظمهم، وفي جميع المناطق، في الوقت نفسه یخوض معركة مع داعش أو النظام في مناطق أخرى..حیث تم الاتصال بالقائد جمال معروف، وكذلك القائد مثقال العبدالله، ویوسف الحسن، المتواجدین في حقل شاعر..

خلال كل تلك المعركة لم يقدم لنا أية ذخيرة من أية جهة كانت..فقط قدمت لنا مساعدة من الذخیرة تقدر بعشرة آلاف طلقة روسیة وكان واسطة توصيل تلك الذخيرة إلينا لواء أويس القرني في الطبقة، ولكن لم نستلمها بسبب عدم إیصالها لنا عن طریق قائد أویس القرني الذي رفض مساعدتنا، والذي استلم الذخیرة ورفض تسلیمها لنا .

هكذا، وللأسف الشدید، ترك أهل الرقة لوحدهم یقارعون الموت أمام تنظیم إرهابي لایحمل أي قیم أخلاقیة او مبدئية، وليس لديه أية رحمة ولاشفقة بأحد من الناس..  لم نسمع استنكاراً من أحد ضده أثناء المعركة، ولا مؤازرة أو دعماً حتى كلامياً.. ولم تقدم أية جهة كانت، مدنیة أو عسكریة، دعماً أو إمداداً أو تندیداً بما كان يقوم به تنظيم داعش من ممارسات وحشية على الأرض في محافظة الرقة.. لقد صمد  لواء ثوار الرقة ومقاتلوه وأظهروا وسجلوا أروع البطولات أمام هذا التنظیم الغاشم، وحیث تُعدُّ هذه المعركة من أشرس المعارك في العصر الحدیث والقدیم أمام مایمتلكه التنظیم من مؤهلات قتالیة ومن انغماسیین وانتحاریین وعقیدة قتالیة مقابل إمكاناتنا المتواضعة، والتي لا يمكن مقارنتها به، إلى حد بلغ فيه عدد الشهداء في اللواء، في هذه المعركة وحدها، مایقارب الـ 80 شهیداً، وأكثر من 152 جريحاً.. بينما بلغ عدد القتلى في صفوف داعش أكثر من 350 قتیلاً، وأكثر من 500 جريح.. وللأمانة أحب ان أؤكد أيضاً، بأن بعض مقاتلي اللواء قد انسحبوا أثناء القتال لنفاذ الذخيرة لديهم، ولم تحدث حادثة خيانة واحدة أثناء القتال في تلك المعركة، وعلى أي مستوى في لواء ثوار الرقة، ولم یكن أي أحد من أفراد اللواء، یتقبل الفكر الداعشي.

مجريات المعركة ميدانيا وتطور احداثها:

من خلال اللقاء الذي جرى بیني وبین أحرار الشام والنصرة، والتأكيد بأنهم كانوا على أهبة الاستعداد لهذه المعركة.. نحن في لواء ثوار الرقة فوجئنا بقرار بدء المعركة من طرفهم .حيث بدأ الهجوم على عدة محاور داخل المدینة، فكان القتال عبارة عن حرب شوارع یتطلب خبرات من كافة المقاتلین والأطراف، وسرعان ماتمت السیطرة على أغلب المقرات الرئیسیة لداعش مثل نقطة الإمداد والتموین، وذلك من خلال السيطرة على مبنى السجن الذي كان يحتوي المقر الرئيسي لهیئة الإمداد والتموین.. وكذلك تمت السيطرة على فندق “أودیسا” الذي كان یتخذ منه التنظیم نقطة رئیسیة واستراتيجية بسبب موقعه الهام، وكذلك (نقطة المیاه) في المؤسسة العامة للمیاه، ومبنى الأمن السیاسي، ومبنى الرقابة والتفتیش، ومبنى الكنیسة الذي تسيطر عليه داعش، والنقطة المحصنة له والمتواجدة في حدیقة الرشید.. لقد استخدم التنظیم في المعركة الأسلحة الخفیفة والمتوسطة، وكذلك فعلنا نحن، وكان ذلك أفضل الخيارات للمحافظة على أرواح المدنيين،  ولم یتم استخدام أي نوع من أنواع الأسلحة الثقیلة .وبعد السیطرة من قبل أحرار الشام على نقطة أمن الدولة التي تسيطر عليها داعش، تم حصار النقطة المتبقیة للتنظيم في قصرللمحافظة من كافة الاتجاهات، وبشكل محكم.. ولكن سرعان ماتفاجأنا بانهیار الصفوف الأمامیة لأحرار الشام والنصرة، وأستطيع أن أعزو ذلك لأسباب متعددة، أهمها الاختراقات الأمنیة لداعش داخل أحرار الشام، وظهور أعداد كبیرة من مقاتليهم، مبایعين للتنظیم  من قبل بشكل سري، بالإضافة لفرار أغلب النقاط المتقدمة التابعة لأحرار الشام من المعركة.. كانت أعداد مقاتلي أحرار الشام في تناقص أثار حيرتنا وقتها، ومع استمرار وغیاب تام لأغلب قیادة أحرار الشام، وظهور فصائل كانت تعتبر على الحیاد، بدأت تنضم إلى داعش فجأة وتشاركها في القتال ضدنا.. وضد بقية الفصائل الأخرى التي جابهت داعش.. بالإضافة لاستقدام التنظیم التعزیزات من داخل وخارج سوریا، يضاف إلى كل ماذكرت قلة الذخیرة  التي كانت بحوزتنا، وقلة الكوادر المدربة على فنون القتال في الشوارع، ونقص الكوادر الطبیة والتموين اللازم.

لقد أثبتت المعركة جدارة مقاتلي الجيش الحر، وخاصة لواء ثوار الرقة، كما أنها أثبتت بأنه لم يكن هنالك أي اختراق للتنظیم داخل لواء ثوار الرقة.. كل القادة العسكریین كانوا من المشاركین الأساسیین في المعركة ضد تنظیم داعش، وهم من خاضوا المعركة ضدهم ولقد استشهد كثير منهم في هذه المعركة، كما أصبت أنا شخصیاً كوني كنت في واجهة القتال طوال المعركة.. أحب ان أضيف للتاريخ الحقیقة التالية: أثناء انسحاب أحرار الشام من الرقة تمت ملاحقتهم من قبل تنظیم داعش،  ولو كان هنالك أقل اختراق في صفوفنا لصالح داعش لكان له أكبر التأثیر السلبي على انسحابنا من الرقة .

جبهة النصرة واجهت تمردا داخلياً

أما بالنسبة لواقع جبهة النصرة الداخلي، فكل من لدیه أقل اطلاع على أمورها واقعاً، یعلم أن هناك انشقاقاً في صفوفها لصالح تنظیم داعش، فانقسمت محافظة الرقة إلى قسمين في واقع تنظيم النصرة: أصبح تنظيم النصرة في الرقة المدينة كله يتبع تنظيم داعش، أما في مدینة الطبقة فكان التنظيم كله يتبع جبهة النصرة. وفي ریف دیر الزور حصل كذلك انشقاق لصالح داعش، وكذلك في حمص ودمشق.. وبعد مهاجمة داعش مقرات جبهة النصرة في منطقة الباب وماحولها والاستیلاء على كمیات كبیرة من الأسلحة والذخیرة وقتل مالایقل عن سبعة أشخاص في هذه المعركة، أرادت جبهة النصرة تحویل المعركة من المناطق المتخاصم علیها إلى عقر مقر داعش في الرقة. ولقد تحدث المدعو أبو العباس، حيث أكد بأن هناك أكثر من 1500 مقاتل سیتوجهون إلى الرقة لتحریرها من داعش فور بدء المعركة،  وسوف یأتون من ریف حلب الشمالي وإدلب، وكذلك سیتم جلب انتحاریین من مدینة دیر الزور، وبالفعل وصل عدد من هذه القوة إلى منطقة المناخر في ناحية الكرامة، من جهة دیرالزور، ولكن عندما سمعوا بأن القتال سيكون ضد تنظيم داعش رفضوا المشاركة وتراجعوا عائدين فوراً من حيث أتوا.. كما تم إبلاغ قائد جبهة النصرة في الطبقة، المعروف باسم” أبو عیسى الطبقة”، بضرورة المشاركة في معركة الرقة ضد التنظيم، أجاب بأن أغلب المهاجرین بين مقاتليه لایشاركون في هذه المعركة، ولذلك قرر سحبهم باتجاه البادیة وترك مدینة الطبقة لداعش.. نعم.. أعترف بأنه من بعض أوجه مقدمات المعركة والظروف التي قادت إليها، أقول تم توریطنا وجرَّنا إلى المعركة، وإن كنا نخطط لها منذ زمن.. لكنها كانت غير متكافئة في العدة والعتاد والزمن والتوقیت.. ولولا أنهم لم یقوموا بتوریطنا وجرنا لهذه المعركة في غير أوانها لما كان هروبهم قد تم منذ البدایة في المعركة من ساحات القتال، ومنذ الأیام الأربعة الأولى للمعركة وإخلاء جبهات القتال أمام داعش.

انسحاب أحرار الشام

ـ  نتیجة المعلومات الأمنیة التي توفرت لدینا، والتي تعتبر كافیة وقاطعة بأن هناك معركة قادمة بيننا وبين التنظيم، وأن أحرار الشام ستنسحب لصالح داعش، وذلك قبل فترة حوالي أربعة أشهر أو خمسة.. حيث تم سحب أغلب الأسلحة الثقیلة وأغلب المقاتلین بقیادة القائد العسكري للأحرار”أبوعبدالله طعوم”، وحيث لم یتبقَ إلا القلة المقاتلة من أهالي الرقة، بالإضافة إلى مجموعات من بعض أهالي دیر الزور، وعند بدء المعركة كان هناك اختراق أمني كبیر داخل صفوف أحرار الشام كما ذكرت، وبدأ ظهور جماعات مبایعة للتنظیم من داخل مجموعات الأحرار، بالإضافة إلى استشهاد عدد غير قليل من مقاتلي الجيش الحر في الرقة، والشباب الذین غُرر بهم أو استدرجوا للانضمام إلى تنظيم أحرار الشام، حيث تركوا لیقرروا مصیرهم لوحدهم.. وبمعنى آخر فقد كان القادة من محافظة إدلب، والعناصر من أهالي محافظة الرقة والطبقة، وحين انسحبت القیادات تركوا العناصر من أهل المدینة دون أن یعلموا ما الذي كان یحدث، ولا سبب انسحاب القیادیین .ولقد حضر إلى مقري المدعو “أبو حذیفة”، وأخبرني بأنه سیتوجه إلى دیر الزور لجلب قوة من هناك لتعزيز الوضع، وفي الحقيقة كانت كل تلك الذرائع غايتها الانسحاب وترك المدينة تسقط.. أنا أعزو سبب الانسحاب أيضاً، ومن بعض الوجوه، وعدم القتال حتى النهاية إلى جانب أهل الرقة إلى كثرة السرقات وتجاوزات تنظيم الأحرار..مما أثقل كاهلهم وحملهم مسؤوليات ضخمة..وعندنا مقولة أو مثل عامي يقول:(الشخص الذي تتلطخ يداه بالحرام لایمكن أن یقاتل).. ونضیف على ذلك بأن فقدان الثقة من قبل أهالي الرقة في حركة أحرار الشام كونها أفرغت المدینة من كل شيء، ولم یحدث نهب وسرقة على ید فصيل من الفصائل كما حدث لمدینة الرقة على یدي أحرار الشام.. حتى تمدیدات الكهرباء لم تسلم من أیدیهم، كما تمت سرقة معمل السكر والمصرف التجاري والمركزي الذي نهبوا منه 12 ملیار ليرة، كما تمت سرقة شركة الكهرباء ومحلج الأقطان وإفراغ صوامع الحبوب وبیعها في منطقة مسكنة، وسرقة مركز الأعلاف وغیرها .

أما بالنسبة لبقية فصائل الجيش الحر في المحافظة.. في حقیقة الأمر كل الفصائل المتواجدة في الرقة كانت ضعیفة، وتنقصها الخبرات العسكریة والتنظیم والإدارة ومرتبطة بأطراف أخرى .. منها ما كان دعمه يعتمد على إمكانات شخصية، ومعظمها يعتمد على داعمين من الخارج مما سبب بعض التقصیر .وأول المشاكل بدأت بالقضاء على كتیبة الفاروق والضغط على الكتائب المتواجدة في الریف الشمالي ومبایعتها سراً.. ولقد أدركنا ذلك المخطط الخبیث لداعش مبكراً، فقمنا بتشكیل الفرقة 11.. لعل وعسى أن نحافظ على فصائل الجیش الحر في الرقة الذي ضم بعد إعلان تشكيل الفرقة 11 كلاً من ألوية: “ثوار الرقة”، “أحفاد الرسول”، ” المنتصربالله”، “الفاروق”.. وبعد إعلان هذا التشكیل وصلتنا رسائل من داعش بأن هذا التشكیل یمثل تهدیداً مباشراً للتنظیم، ولقد أخبرتهم أنا شخصياً بأن هدف التشكیل واضح وصریح، وأنه لمقاتلة النظام ومنع اعتداء أي فصیل على الآخر، لكن سرعان مااستفردت داعش بالفصائل الصغرى من خلال اختراقها بشكل أمني وتفكیكها وحلها .كما قامت داعش بتشكیل لواء الحمزة في تل ابيض والذي بايع التنظیم بشكل سري .أما لواء أویس القرني في الطبقة فقد كان له دور سلبي في المعركة ولم یساعدنا في أبسط الأمور، رغم  أننا طلبنا منه المساعدة.. وكانت النتیجة الحتمیة لهذا اللواء هي الانهیارالسريع..

ـ دروس التجربة الأليمة..

ـ  تعتبر هذه التجربة الألیمة مأساة حقیقیة لأهل الرقة ولسوریا كافة .ولو كان یدرك أهل الرقة خطورة هذا التنظیم لحمل السلاح الصغیر منهم والكبیر، لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي الخطير.. وأنا أرجع جزءاً من أسباب القصور الذاتي إلى عدم وجود منظمات فاعلة داخل المدینة، في الفترة السابقة.. كما أن الائتلاف ومؤسسات المعارضة التي ادعت تمثيل الثورة السوریة، قد تخلت حقيقة عن الرقة وأهلها وثوارها في كل الأوقات.. لقد ترك أهل الرقة لوحدهم یقارعون ویصارعون الموت ويجابهون القتلة حیث لم یكن هناك أي تكافؤ بين الطرفين.

كذلك ليعلم الجمیع بأن لواء ثوار الرقة لم یتلقَ دعماً من أية جهة كانت، وإنما جمیع الأسلحة المتوفرة لدینا تم اغتنامها من النظام، وحاز كل مقاتلي ثوار الرقة الخبرة القتالیة التي تمرسوا فيها واكتسبوها من خلال المعارك التي خاضوها مع داعش والنظام.. ونحن نخوض المعارك منذ خروجنا من الرقة وحتى الآن. كما أننا على استعداد لخوض معركة تحریر الرقة ضد التنظیم الإرهابي من جديد.. فما زال لدینا مئات المقاتلین داخل المحافظة ینتظرون ساعة الصفر للانقضاض على داعش من الخلف ومنذ خروجنا من الرقة لم نترك داعش تهدأ.. فلقد نفذنا العمليات الكثيرة الخاطفة ضد التنظيم خلال الفترة الماضية بعد انسحابنا من الرقة، وكنا دائماً نقوم بعشرات العملیات داخل المحافظة ولازلنا نقوم بالعملیات ضد داعش في مدینة الرقة، ولم نتوقف يوماً ما..

***************

انتهت بهذا شهادة قائد لواء ثوار الرقة أبو عيسى ويكرر الموقع دعوته لجميع الأفراد الذين اشتركوا في هذه المعركة من كافة الأطراف، وخاضوا غمرتها، واحترقوا بلهيبها، أن يسهموا في شهادتهم ويقولوا للتاريخ.

https://www.raqqapost.com/21467/2017/01/12

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »
best microsoft windows 10 home license key key windows 10 professional key windows 11 key windows 10 activate windows 10 windows 10 pro product key AI trading Best automated trading strategies Algorithmic Trading Protocol change crypto crypto swap exchange crypto mcafee anti-virus norton antivirus Nest Camera Best Wireless Home Security Systems norton antivirus Cloud file storage Online data storage