Views: 219 من بيروت.. إلى مطار نيو اورلينز – الرقة بوست-Raqqa Post

من بيروت.. إلى مطار نيو اورلينز

 

عبد الكريم البليخ

بعد انتظار استمرَّ لأكثر من ساعتين في مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة بيروت، حان أخيراً موعد إقلاع الطائرة اللبنانية، الميدل ايست، المتجهة إلى مطار ديغول في باريس، وبعد أقل من خمس ساعات، حطّت أخيراً طائرة الايرباص مع حمولتها، وركّابها الذي تجاوز عددهم المائتي راكباً، الأراضي الفرنسية.

وفي مطار ديغول الدولي، كانت فترة الانتظار مملّة، والتي ألّبت مخاوف المسافرين إلى جهات سفرهم المختلفة، سواء إلى فرنسا، البلد الأم، أم إلى أوربا أو الأمريكتين، وغيرها من القارات الأخرى.

كان المطار يحفلُ بكلِ شيء، وتميّز أينما توجهت في داخله، وأكثر ما يُلفتُ نظركَ الزجاج الذي تشتهر به فرنسا والذي يغطي قسماً كبيراً من خدمات المطار، وبصورةٍ خاصة، الحمّامات، وهو على طراز نادر، ومشغول بطريقة فيها الكثير من الإبداع والحرفية والتفّرد، أضف إلى الأماكن الأخرى المتواجدة داخل المطار، ومقاعد الجلوس وتوزّعها، وبشكلٍ دقيق ومدروس، ناهيك بالمقاهي الصغيرة الحجم، والمطاعم التي تتوزّع داخل البوابات، محطّات الإقلاع، وأماكن تواجد المسافرين، ما يلفت نظر المسافر!.

وبعد أن قضينا حوالي الــ ثلاث ساعات في أرض المطار بانتظار موعد الإقلاع الثاني، على متن الطائرة الفرنسية والمتجهة إلى ولاية جورجيا الأمريكية، وبالتحديد إلى مدينة أتلانتا، والتي تعد من المراكز الرئيسة لتوجه المسافر من أوربا إلى أمريكا، غالب المواطن الكثير من الشكوك، وتخوّف من تأجيل موعد الرحلة المقرّر إلى اليوم التالي بسبب عطل فنّي طارئ أصاب الطائرة، وهو في طريقه إلى الإصلاح، حسب ما علمنا من الطاقم المساعد للطائرة.

وبالفعل، انتهت الإجراءات الفنيّة وبسرعةٍ مذهلة، وتمكّن الفريق الفنّي من التغلّب على العطل، بعد أن كنا متخوّفين من تأجيل موعد الرحلة، أو إلغائها!.

وفي هذه الطائرة الايرباص، العملاقة، اختلف الموقف تماماً، من حيث أعداد الركاب، والخدمات داخل الطائرة، وباتساعها، وسعة مقاعد الجلوس، وخدمات الضيافة، وتوافر الحاجات الضرورية التي وضعت خصيصاً لخدمة المسافر، وتحكّمه بأجهزة الكمبيوتر المخصصة لكل راكب على حدة، وهو بنفسه يُمكنه متابعة ما وفّرته الشركة للمسافر، من الخدمات الترفيهية عالية الجودة، والتي يمكنه استعمالها مجاناً طوال فترة الرحلة الممتدة من فرنسا، وحتى جورجيا ـــ أتلنتا، والتي امتدّت إلى أكثر من عشر ساعات متواصلة.

وفي هذا الجو المتحضّر، وتوافر الخدمات، ووجبات الطعام، التي لم يبخل المضيفون والمضيفات الفرنسيات الذين يرتدون الألبسة الفاخرة، من الإسراع في تقديمها للمسافر، وهذا ما جعلنا ننسى الفترة الطويلة للرحلة والمتجهة إلى الأراضي الأمريكية قاطعين بذلك آلاف الأميال، وعابرين من فوق المحيط الأطلسي، وعلى ارتفاع شاهق تجاوز الـ ثلاثة وثلاثين ألف قدم، أيّ ما يقارب من إحدى عشرة كيلو متراً.

بعد مرور أكثر من عشرة ساعات من السفر المتواصل، وصلنا أخيراً أرض الأحلام، وهناك دخلنا ضمن قاعة كبيرة، وهي مخصّصة لاستقبال المسافرين، المتجهين صوب هذه الولاية، والى الأماكن الأخرى، ترانزيت ووجهات غير محددة وجهات سفرها.

وفي هذه القاعة، ما عليك إلاّ أن تقف منضبطاً بالصف، وبحسب الرتل الذي يحددونه لك، وهنا ستواجه موظف الهجرة، الذي لامفر من أن يواجهك بسيل من الأسئلة وما أكثرها. عن سبب الزيارة؟ والى من؟ وكيف تقضيها؟ وما هو المبلغ الذي تدّخره في محفظتك؟ وهل يكفي فترة زيارتك؟ والى أين ستكون وجهتك بعد ذلك؟ والكثير من الأسئلة، وبصورةٍ محدّدة، لحملة التأشيرات السياحية، وهؤلاء لهم وضعهم الخاص، أضف إلى أنه سيتم تحويلك من الوقوف في الصف الأساس إلى موظف آخر، ومهمته، أن يقوم بإيصالك إلى آخر تقتصر مهمته دراسة مثل هذه الحالة والبت فيها ليصار بعد ذلك الى الموافقة على خروجك خارج المطار، او اكمال وجهة سفرك.

هناك، يمطرونك بالكثير من الأسئلة، وقد تستمر فترة الانتظار إلى ثلاث ساعات، وأكثر، بحسب الدور، والأشخاص الذين ينتظرون في أخذ الموافقة على الدخول إلى أراضي الولايات المتحدة، وقد يلجأ موظف الهجرة إلى أن يحرمك من الدخول إلى العالم الجديد إذا لم يعجبه الرد على الأسئلة المطروحة، واقتنع تماماً بإجابتك، وفي هذه القاعة المخصصة للكثير من الجاليات العربية والأسيوية والأفريقية، وحتى المسافرين من دول أخرى، كروسيا وأوربا، يتعرّضون للأسئلة، والأسئلة المملة.. وهذا من حقهم!.

وأنت في القاعة بانتظار أخذ دورك، قد يفوتك موعد الطائرة المخصّصة للسفر إلى حيث وجهة سفرك، ونتيجة الفترة الطويلة التي تقضيها فيها، إلا أنك ستضطر إلى تغيير وجهة سفرك مرةً أخرى إلى شركة أخرى، وان كان هذا لايكلفك شيئاً، وإنما، يؤخرك كثيراً عن موعد الوصول الذي سبق وأن تم تحديده مسبقاً مع الأصدقاء الذين ينتظرون وصولك في المطار، في بلد الجهة التي تنوي الذهاب إليها.

في الإقلاع الثالث، والأخير، حيث وجهتنا إلى ولاية لويزيانا الأمريكية، والتي تقع في أقصى الجنوب الغربي، على حدود المكسيك، وبعد أن قطعنا أكثر من ساعة من ركوب الطائرة، وحلقت على ارتفاع ما يقارب من ثلاثين ألف قدم، وهناك، وصلنا إلى مطار نيو أورلينز، وهي المدينة الرئيسية في لويزيانا، حيث مكان إقامتنا، وبمجرد مغادرتك للمحطة الأولى، في أراضي الولايات المتحدة، وهي كما ذكرنا، الانتهاء من إجراءات السفر، وتحديد الفترة التي ينوي المسافر إقامته في أمريكا، ما عليك إلاّ أن تتجول في جميع أنحاء الولايات، سواء في الباص، أو القطار، أو المترو، أو في الطائرة، وفي السيارة، وغيرها من وسائل النقل المتوافرة هناك.

وتظل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تصل مساحتها إلى نحو عشرة ملايين كيلو مترات المربعة، والتي قامت على الهجرة، على الوافدين. فلا يكادُ يوجد شعبٌ في العالم القديم إلاّ وله جالية في هذا العالم الجديد، في مساحة تبدو وكأنها لا آخر لها، في بيئات جغرافية متفاوتة، من المدن الكبرى، إلى القرى الصغيرة، إلى الجبال المغطاة بالثلوج، إلى المساحات الشاسعة.. من السهول الزراعية، إلى الصحراوات الحارّة الكبرى التي تُضارع صحارى آسيا وأفريقيا، تظل غنية بأراضيها، ووفرة في كل شيء، ولها مكانتها، وهيبتها، وأهم ما يلفت الانضباط التام، وطبيعة الأعمال، واحترام ساعات العمل التي يقومون بها، وهناك الكثير من الفروقات عمّا نلحظه في وطننا العربي الكبير، وهو الفارق الوحيد، حيث لايوجد هناك أي عوامل ضبط للعلاقات الجنسية القائمة ونتائجها الصارخة، وأكثر ما تتحمّل مسؤليتها الأم، وهذا ما يُؤسف له، وما يهمّنا نحن العرب، هو الحفاظ على النسل .. وهذا وجه التميّز الذي لازلنا نحافظ عليه، ونحترم أصوله.

 

صحافي سوري مقيم في النمسا

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »
best microsoft windows 10 home license key key windows 10 professional key windows 11 key windows 10 activate windows 10 windows 10 pro product key AI trading Best automated trading strategies Algorithmic Trading Protocol change crypto crypto swap exchange crypto mcafee anti-virus norton antivirus Nest Camera Best Wireless Home Security Systems norton antivirus Cloud file storage Online data storage