الرقة بوست ـ أمجد آل فخري
ولا مفرّ من الذكرى..
إذ لا مقدّس –اليوم- بعد دم أطفال الغوطة المسفوح..
وكنا في السادسة نردّد: لا مباركَ بعد دم مدنيّي حلب المسفوك.. وبعدهما كقبلهما.. كلّ الدم السوري المهدور، مشاعل نور لذكرى تعيش معنا أحلامنا، ونعيشها بكل تفاصيلها المرّة وأهوال معاناتها يوماً فيوم..
في السابعة.. لا مفرّ من الحلم الذي لا يموت بالتقادم، ويحيا معتّقاً، يَجبِل أطياف جفون العشّاق، ولا ينسى العوالق التي تؤخّر تجلّيات ثورة المليون شهيد.. حتى الآن.
فلا ثورة كثورتنا، دماءً وآلاماً ودماراً وخذلاناً..
ولا ثورة كثورتنا، اختلطت فيها الألوان وتقاطعت المصالح والمطامع وتنافرت الدروب..
ربّما لأنها الأعظم، ضريبتها الأعظم..
صارت وحيدة إلا من عظامها، ويتيمة إلا من روحها تتغلغل في اليباس واليأس المعرّش في العيون.
في أي مكان من العالم يتنادى العالم حماية للإنسان ورعاية وضمانة وحبّاً.. ويسنّ لأجله القوانين ويبدع الذرائع ويضع الشرائع، إلا في سورية، يتداعى العالم ليكون شاهداً على قتل الإنسان بهذا السلاح أو بغيره، وتقاسمه واقتلاعه، أو النفوذ فيه تعطيلاً وتحطيماً وربما كراهية وحقداً.
في سابعة الثورة تترسّم خرائط النفوذ على الأرض، وتتوزّع الثروات، ويتناهب الأقوياء الكنوز والأقوات، ويصبح المستقبل سراباً إلا في عيون المخلصين.. ويضيع الدم السوري في العالم بين قَتَلة مسبقي الأجر أو مأجورين يوم الساعة، بكلّ ألوانهم ولغاتهم وتاريخهم ومذاهبهم.
لم يبقَ سلاح لم يُجرّب في اللحم السوريّ، ولا غاز لم يَزُر رئتي سوريّ، ولا سكّين لم تمرّ على الجسد السوريّ.. ولا فراقَ ولا لقاءَ ولا عناقَ ولا حنينَ ولا أمنياتٍ ولا شتاتَ ولا ألمَ لم يأنس ويتعرّف ويألف السوريّ.. ولم يبقَ للسوريّ إلا صموده عيناً تجتاحها المخارز.. ولم يبقَ للسوريّ إلا ثباته جبلاً تمرّه الريح.. ولم يبقَ للسوريّ إلا حلمه بحراً يجمع المراكب والنوارس والأغاني الشاردات واللآلئ.
في سابعة الثورة السورية.. كسابقاتها ولاحقاتها.. يسقط ما بقي من أقنعة الزيف والتكاذب والادّعاء والنفاق والرياء.. لينشد السوري لحن خلوده بدمه، ويرسم السوري ورد حلمه اليَنتصر حتماً؛ لأنه الحقّ.. ولأنه الجمال.. ولأنه الحياة.
فلم تأفل ثورة هدفها الحرّية والانعتاق..
ولم تخِب ثورة سَمْتها الكرامة والعدالة..
ولم تركع ثورة ملحها الشموخ والمحبّة..
ولن تموت ثورة تحضن حلمها بعيني أطفالها وضحكاتهم وأناشيد أفراحهم..
اترك تعليقاً