الأحد. سبتمبر 14th, 2025

تمكنت “قوات سوريا الديموقراطية”، المعروفة بـ”قسد” والمؤلفة من خليط قوات كردية وعربية وسريانية تشكل “وحدات حماية الشعب” الكردية قوتها الأبرز، السبت، من إطباق الحصار على مدينة منبج من أربعة محاور. وجاء ذلك بعد تمكن “قسد” مساء الجمعة من بسط سيطرتها على عدد من القرى والمزارع على الطريق الدولي حلب–الحسكة الرابط بين مدينتي منبج والباب، بعد معارك عنيفة مع التنظيم استمرت ليومين.

وبسطت “قسد” سيطرتها على قرى العسلية والسعيدية وطحنة صغير ومدنية صغيرة، وجامعة الاتحاد الخاصة بالقرب من الطريق الدولي، من الجهة الغربية الجنوبية لمدينة منبج. فيما تقدمت “قسد” من الجهة الغربية الشمالية وسيطرت على قرى قردلا والبطوشية  لتقطع بذلك أخر طرق امداد تنظيم “الدولة الإسلامية” باتجاه منبج. وبذلك أصبحت منبج مطوقة بشكل كامل من جهاتها الأربع، ولا تفصل “قسد” عن أطرافها سوى مسافة لا تتعدى الكيلومتر الواحد.

الانسحابات المتسارعة لـ”داعش” أمام “قسد” وتمكن الأخيرة من حصار أكبر المدن في محافظة حلب، جاءت بفعل الطيران الحربي التابع لـ”التحالف الدولي” وتغطيته الكثيفة التي لم تتوقف طيلة المعارك. ونفذ طيران “التحالف”، ليل الجمعة/السبت، عشرات الغارات الجوية على الطريق الدولي والقرى التي كان يسيطر عليها التنظيم في أطراف منبج الغربية وحتى بلدة العريمة غربي المدينة بـ10 كيلومترات، ما ساهم بتقدم “قسد” بسرعة واطباق الحصار على المدينة.

وتدعم “قوات سوريا الديموقراطية” مجموعات عسكرية من جنود ومستشارين بريطانيين وفرنسيين بالإضافة للأميركيين الموجودين سابقاً. وزجت الولايات المتحدة بعناصرها في الحملة للسيطرة على منبج، فيما اسمته “دعم تحالف عربي كردي لطرد تنظيم داعش”. وقدمت أميركا الأسلحة اللازمة والمتطورة لـ”قسد” من صواريخ مضادة للدروع بأنواعها المتطورة والأسلحة الثقيلة والمتوسطة.

من جهته، حاول “داعش” فرض واقع مغاير من خلال عمليتي تصدي وهجوم لـ”قسد”، حيث شن هجوماً على مواقعها داخل قرية قوردلا بسيارة مفخخة، أوقعت قتلى وجرحى، كما شنّ هجوماً على قرى أم ميال والعوسجلي، وتمكن من استعادتها لساعات مساء الجمعة، ولكن ما لبث أن انسحب منها تحت ضربات “التحالف الدولي”.

محاولات تصدي “داعش”، دفعت “قسد” للتقدم باتجاه بلدة العريمة، ولاتزال الاشتباكات العنيفة تدور في محيطها، في محاولة القوات المهاجمة فصل أقرب نقاط الامداد عن مدينة منبج. وفي حال سيطرت “قسد” على العريمة فلن يبقَى للتنظيم من مواقع إمداد قريبة منه سوى مدينة الباب، وتبعد مسافة 40 كيلومتراً، في حال حاول التنظيم فتح طريق للمدينة وفك الحصار عن مقاتليه داخلها.

ويواجه أكثر من 200 ألف مدني على الأقل حصاراً داخل منبج، التي تطوقها “قوات سوريا الديموقراطية” من الخارج وتمنع “الدولة الإسلامية” خروجهم من المدينة. وسط مناشدات من ناشطي وأهالي المدينة لـ”التحالف الدولي” و”قسد” بتوخي الحذر والحفاظ على أرواح المدنيين في المدينة على الرغم من تحصن عناصر التنظيم داخلها.

وأكد ناشطون من منبج لـ”المدن” أن “داعش” وخلال خطب الجمعة، جزم بأنه لن ينسحب من المدينة إلا بعد مقتل أخر عنصر له فيها. ولازال التنظيم يحشد قواته على أطرافها، بعد حفره الخنادق وتفخيخه عدداً كبير من المنازل، ونشره للقناصين.

وأشار الناشطون إلى أن التنظيم دعا الأهالي والشباب للوقوف معه ضد من اسماهم “الملاحدة”، في إشارة إلى “قوات سوريا الديموقراطية”. وأوضح الناشطون أن حالة من الخوف والهلع أصابت معظم المدنيين في المدينة، ويبرز تخوفهم الأكبر على حياتهم ومنازلهم ومدينتهم، وإمكانية تدمير كل شيء بفعل المعارك التي ستدور رحاها في المدينة، فيما لو قام التنظيم بالقتال داخلها.

ويعاني المدنيون داخل المدينة أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية، نتيجة الشح في المستلزمات الطبية والأدوية إضافة للمواد الغذائية والخضروات التي كانت تأتيها سابقاً من أرياف المدينة والمحافظات الأخرى.

وفي حال سيطرة “قسد” على المدينة ستكون منبج أكبر مدينة يُطرد منها “داعش” في سوريا. وسط تخوف من تكرار تجربة تل أبيض وسلوك وتهجير العرب منهما، على يد “قسد”، والتي وثّق ناشطون قيام قناصة “العمال الكردستاني” من جبل قنديل في العراق، باستهداف وقتل المدنيين الفارين من المدينة. ووثق النشطاء مقتل 6 أشخاص على الأقل على يد القناصة، والإدعاء زوراً بأن أحدهم هو أمير منبج التونسي.

صحيفة المدن

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *