السبت. أكتوبر 18th, 2025

مؤتمر “ثريد العربان في مضارب عشائرالأمريكان” في عنتاب

الرقة بوست -بالسوري الفصيح

   مظفر الأحمد

-تجرب الولايات المتحدة الأمريكية دائماً المُجَرَّب، رغم أن عقلها غير مُخَرَّب (بفتح الراء) ، ولكن لأن عقلها مُخَرِّب ( بكسر الراء) إن توخينا الأصح والأصدق.. ولما كانت تجربة صحوات العراق ليست سبباً ولا نتيجة لغرق العراق في قاع الفوضى الأهلية والطائفية والتنازع الذي دمر نسيج كل المجتمع والدولة العراقية ، إلا أنها كانت استكمالاً ضرورياً لمشهد الفوضى الذي أريد له أن يدوم إلى يومنا هذا ، ومن ثم عبثية السياسات الأمريكية التي تهدف في أحد أجزاء إستراتيجيتها تجاه المنطقة إلى إبقائها على صفيح ساخن لا تستقر ولا يتوقف بها حال ..

لقد انطلقت بضعة حافلات من متنوع الأماكن والمدن والمخيمات في تركية باتجاه فندق متطرف في مدينة غازي عنتاب ، لم يفصح للذاهبين عن اسمه ، ولا عن عنوانه ، حتى وصلوا إليه بدلالة منسق الاجتماع و عرابه الأول ؛ “الشيخ” نواف الراغب البشير .إن سرية المؤتمر وعدم الإفصاح عن مكانه  ليست وحدها ما أثار الدهشة ، بل الأكثر إدهاشاً هو جمع بعض وجهاء العشائر الذين يفتقرون إلى الحد الأدنى من احترام عشائرهم وجمهور مناطقهم مع قيادات عسكرية وضباط وقادة فصائل هزيلة ومشهود لها بسوء السمعة في المنطقة الشرقية والجزيرة عموماً ،كما أن عدم خروج بيان أو تصريح عن هذا اللقاء الذي عُتّم عليه هو ما يدفع للتساؤلات بالبداهة : لماذا هؤلاء ..؟؟!! ومع من ..؟؟!! ولماذا الآن ..؟؟!! وماذا جرى ..؟؟!!

حضر الإجتماع عدة جنرالات عسكريين أجانب ، وضباط استخبارات متنوعو الجنسيات ،عُرِف منهم جنرالان ؛ أحدهما جنرال أمريكي وآخر تركي وكانوا مستمعين لكل ما قاله المجتمعون حول الوضع في المنطقة الشرقية والجزيرة . وطرح بعضهم رؤاه الخاصة حول محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش ” ، كما أعرب بعضُهم عن شكواهم وتذمرهم من سياسة الوحدات الكردية الـ PYD  ، طالبين أن يكفوا أذاهم وسطوتهم على المناطق التي سيطروا عليها ، وسياسة استغلال موارد تلك المناطق التي بسطوا نفوذهم عليها ، فضلاً عن سياسة التهجير التي ينتهجها الـ PYD  ، مطالبين بتزويدهم بالسلاح والذخيّرة ،وتدريبهم على الأسلحة والقتال أسوة بالوحدات الكرديّة .

ولقد ردَّ الجنرال الأمريكي على تساؤلاتهم بلغة جريئة بعيدة عن الدبلوماسية والمواربة المعروفة لدى الأمريكان ، وكانت ردوده فجة وتفتقر إلى الكياسة ولغة المجاملات الضرورية : إنّ الوحدات الكرديّة هي قوات شريكة ، وأثبتت قدرة ومصداقية كان يبحث عنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مع شركائها في محاربة الإرهاب ، مشيراً إلى فشل الفصائل التي دربتها الولايات المتحدة ضمن برنامج البنتاغون لتدريب المعارضة المعتدلة ، ورافضاً أية مطالبة بتخلي الولايات المتحدة عن دعم الوحدات الكرديّة ، كما وافق في الوقت نفسه على طلب إقامة معسكر كبير لقادة الفصائل العسكرية والأعداد التي وُعِدَ بها الحاضرون لمحاربة التنظيم في مدينة تل أبيض ، ليحرروا مناطقهم التي استولى عليها “داعش” ،وإخضاع إدارتها بوضعها الحالي ، وإدارة الموارد في كل منطقة ، بحيث تكون للفصيل الذي سيحرره ، في وضع يشبه الفوضى المقننة والمسيطر عليها تحت مسمى الكونفدرالية كأمر واقع ..

ولقد شرح الجنرال الأميركي سياسة المجتمع الدولي في سورية ؛ وأن من أولوياته بقاء بشارالأسد ضمن هذه المرحلة ريثما ينتهي المجتمع الدولي من محاربة “الجماعات الإرهابيّة” كجزء من أمر واقع ، وبعدها ـ حسب ما وعد به الجنرال ـ لن يبقى الأسد في السلطة ، ولكن سيبقى هناك جزء من النظام للحفاظ على الدولة السورية ،ضمن عملية انتقال سياسي يشارك الجميع فيها ، في المرحلة الجديدة لسوريا..

لقد أتى هذا الإجتماع بعد يوم واحد من إعلان المؤتمر الصحفي الذي عُقد في مدينة الحسكة للإعلان رسمياً عن “القوات السورية الديمقراطية” ، وبذلك جمعت الولايات المتحدة ومعها تركيا ، وبموافقة أوربية (تلوح علائم الإرغام الأميركي في بصمتيهما)، على أن تلك القوات ، مع هذه الواجهات العشائرية والعسكرية ، على هدف واحد دون أن يجتمعوا سوية ، مستثنين الفعاليات والشباب الثوري والشخصيات السياسية والقوى الوطنية والديمقراطية الحقيقية في المرحلة القادمة ، وعاملين على أن يتم تحجيمهم في هذه المرحلة ، لدرايتهم الأكيدة برفض هؤلاء لهذه السياسات الدولية العابثة بمصير الشعب السوري ، ومادامت تُبقي على نظام البراميل في السلطة ، واختزال ثورة السوريين وجسيم تضحياتهم بهدف هزيل وثمن تافه ، ألا وهو ذريعة محاربة التنظيمات والجماعات الراديكالية التي صنعها النظام ليبقى في السلطة ،وليدمّر ما بقي من الثورة ومن سورية ..ولكي يتم طي صفحة الماضي ولتنسى قوافل الشهداء والمعتقلين والمخطوفين والمهجّرين على أيدي النظام وتلك الجماعات ..

فهل ستنجح هذه الإستراتيجية الجديدة التي تسعى لإنهاء حلم الثورة بإسقاط النظام ..؟؟ مؤيدة بأذرعها التي صُنعت في صيدنايا ومعتقلا أبو غريب و بوكا الأمريكيين في العراق ..وتحت إشراف واختبارات أفرع مخابرات نظام الأسد والدول التي تسعى لقتل الثورة قبل أن تصل إليها ..؟.

 

By

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *