الرقة بوست – بالسوري الفصيح
العرب السنة مفهوم سياسي

خلف الجربوع
الأغلبية في سورية عربية سنية، توصيف مضلل ..لماذا ؟
يطلق الكثير من السياسيين السوريين وغير السوريين، مفهوم العرب السنة السوريين، مع تواتر مشاريع حول حل سياسي، قاسمها المشترك إعادة إنتاج سلطة الأقلية الاجتماعية، عبر مفاهيم ملتبسة يراد بها تضليل وتكريس النخبة الأقلوية، وعزل سياسي لتعبيرات اجتماعية دينية أو طائفية أوقومية، تارة العلمانية كدين معادل للإسلام السياسي، وتارة تساوي في التمثيل السياسي لمكونات المجتمع السوري كضمانة ضدية تمنع تغول طائفة دينية (سنية) على بقية الطوائف الإسلامية الأخرى ، أومحاصصة قومية، وهو تخوف افتراضي محمول على مظلوميات تاريخية دون الأخذ بعين الاعتبارمظلومية الشعب السوري التي عاشها عبر ال50 سنة الماضية .
أعتقد أننا لو فحصنا هذا المفهوم ، الذي يريد مروجوه أن يتحدد من خلاله شكل الدولة السورية ، وتقاسم سلطتها ، وبمراجعة سريعة للإحصاءات الرسمية * ستبين لنا مدى التضليل السياسي وراء هذا المفهوم .
1 – التكوين العرقي في سورية :
يشكل العرب نسبة 93%، ثم يليهم الاكراد بنسبة 5%. وهناك أقليات أخرى مثل الأرمن ويتركزون في حلب، والسريان والآشوريين والشركس والتركمان وبعض الأقليات الأخرى. ويعيش معظم الأكراد في شمال محافظة الحسكة وعلى الحدود التركية، حيث فروا من الاضطهاد التركي.
التكوين الطائفي والديني في سورية :
2 – حسب الإحصاء الرسمي عام 1985: 76.1% مسلمون سنة، و 11.5% علويون، و 3% دروز، و 1% إسماعيليون، و 4.5% مسيحيون، و 0.4% شيعة اثني عشرية.
وفي التقديرات الأميركية: 77 % من السكان مسلمون سنة، و 10 % علويون ومرشديون، 3% دروز وإسماعيليون وشيعة اثني عشرية، و 8% من السكان مسيحيون من طوائف مختلفة، وتوجد أيضا أقلية يزيدية في منطقة جبل سنجار على الحدود مع العراق.
إن تحليلاً سريعاً ومبسطاً لهذه الأرقام يعطينا نتيجة أولية، ومعطى عن نسبة الأغلبية بمعناهاالمذهبي الديني ، وعلى من يجب أن تطلق .
العرب السنة: العرب السنة اقل من 70% بعد طرح الكورد والتركمان والشيشان السنة ، وإن ال70% عربٌ سنة، متعددو المذاهب من السلفية إلى الصوفية ومابينهما ، وهذا يعني تحققاً كتلة سنية غيرمتجانسة إلا شكلاً . وكذلك يعني أنه يتوجب على من يطلق مفهوم العرب السوريين السنة، عليه تحديد (معنى الإختلاف) داخل هذا المفهوم وكم هي نسب هذالاختلاف ، وإلا سيكون مجرد مفهوم تتخفى داخله ،بشكل مبطن ،طائفية سياسية وليس دينية ، لأن السنية (مذاهب) ينتمي إليها تكوينات غير عربية (كورد – تركمان – شيشان) ، ما يعني أنه يجب أن نجري التقسيم من خلال معايير أخرى، لاتخلط بين السياسي والطائفي والإثني، حين نقوم بتقسيم السكان في سورية على أساس المذهب داخل الدين الواحد، وبذلك يمكن ان نقول بالاستناد الى الاحصائيات السابقة .
الاغلبية الدينية:
77(سنة) + 10 + 3 = 90 % مسلمون يتوزعون على طوائف وقوميات متعددة وهذا يعني ،عندما نقول السنة، أنه يتضمن بالضرورة السنة من باقي القوميات في سورية ، كي لانعيد تجربة التقسيم الطائفي في العراق ، والذي جعل من الكورد تكويناً يُحسب مرتين، طائفياً وقومياً، بشكل انتقائي وحسب الحاجة، حين بدأ تقاسم السلطة في العراق بين المنتصرين، والذي أنتج دولة فاشلة ، ” تقسيم النعامة”.
أعتقد أن سحب مفاهيم التقسيم العراقية على الواقع السوري، هو لوي عنق الواقع لصالح ذهنيات أقلوية وأجندات غير سورية ، تريد الالتفاف على واقع اجتماعي موضوعي تخوفاً من تهديد سياسي “قد” تشكله أغلبية دينية طائفية، وهو تخوف مُحَمَّل بمظلوميات بعضها له أساس، وآخرلم لا أساس له، بل هو افتراضٌ لا لما حصل ، بل لما قد يحصل..أوهو تعبيرعن مصالح وأجندات غير سورية.. لذلك نجد التضليل والعمومية تختلط تارة بهذا التخوف وتارة بإعلانات سياسية عن هذا المفهوم، ولاتؤسس لبرامج سياسية مبنية على حقيقة ملموسة، تأخذ في الاعتبارأن السنة السوريين ومنهم السنة العرب، لايشكلون وحدة متجانسة في برامجها، وطموحاتها السياسية، لأن المكون السني السوري(العربي بشكل اخص) يتوزع على انتماءات ومرجعيات متعددة ومتحاربة، منها السياسي والإيدلوجي(قومي، إسلامي، يساري، ليبرالي…الخ) وكذلك الكوردي السني أوالتركماني، وبالتالي لامعنى لتعويم هذا المفهوم والترويج له لأنه ليس الحق الذي يراد به باطل، بل لعله الباطل الذي يبني باطلاً مثله ونظيره، وبما أن المكون السني العربي يفتقرإلى الوحدة، إلا في أذهان من يقسم سورية على أساس طائفي، بوصف هذا التقسيم تعبيراً عن أغلبية سياسية، لأن السني الليبرالي من مصلحته أن يعبرعن نفسه سياسياً من خلال كل الليبراليين السوريين، وكذا القومي واليساري والإسلامي من مختلف الطوائف والأديان والقوميات .
من الواضح أن استخدام هذا المفهوم المُضلِل من قبل بعض التكوينات عبر رموزها، وتعبيرات الإسلام السياسي(الأخوان مثلاً) أوالقومي في البرهنة على دعاوي الطرفين، هو اشتراك متعمد في جريمة، يراد منها نفي إمكانية وجود تعبيرات سياسية موحدة خارج حيزالتقسيم المفقر، وقفز فوق واقع ملموس يقول : ” السوريون مسلمون بالمعنى الإجتماعي، ولكن مختلفون بالمعنى السياسي”* وإن الأغلبية السياسية برسم إطارها ومحتواها من خلال صراع سلمي لبرامج سياسية، يقرر الشعب (كوحدة وطنية) أياً منها يعبرعنه وتطلعاته، ومصالحه في فترة زمنية محددة دستوراً .
الهوامش والمراجع :
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86_%
• D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7
* • ياسين الحاج صالح